عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، الملتقى الأسبوعي حول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حول الحكمة من نشأة النبي صلى الله عليه وسلم يتيمًا، وماذا قدَّم له من قام بكفالته، وذلك بحضور الأستاذ الدكتور/ سيد بلاط، أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، والأستاذ الدكتور/ حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.
وخلال اللقاء، قال الدكتور/ سيد بلاط: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وُلد يتيمًا؛ حيث توفي والده في المدينة خلال عودته من الشام، في الخامسة والعشرين من عمره، وكان لا يزال جنينًا في بطن أمِّه، وعند مولده مَرَّ في كفالته بمراحل عدة، فأول مَنْ كَفَلَتْهُ هي أمُّه آمنة، واستُرضع في بني سعد، ولما بلغ السادسة من عمره، انتقل بعدها إلى كفالة جده عبد المطلب؛ فكان جده لا ينام ولا يأكل أو يخرج إلا والرسول صلى الله عليه وسلم معه، وتوفي الجد والرسول صلى الله عليه وسلم في الثامنة من عمره، وكفله عمه الذي انتهج نهج جده في الحنو والرعاية له.
وأضاف أن كل هذه المراحل في الكفالة لم تأتِ صدفة، لكن لحكمة؛ حتى لا يظن أحدٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم استأثر بتربيته أحدٌ، وإنما تربى وصُنع على عين الله كما صُنع موسى عليه السلام، فتربى النبي صلى الله عليه وسلم في عناية ربه، نشأة قائد عظيم مؤهل لقيادة العالم بأسره. ومن هنا؛ يتضح أن لا صلة للبشر بتكوينه ونضجه صلى الله عليه وسلم، ومن العبر أيضًا من الكفالة أن اليتم ليس بعائق.
من جانبه، أوضح الدكتور/ حبيب الله حسن، أن الحبيب المصطفى عاش -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- يتيمًا، يتنقل من كفالة لكفالة، إلا أن كفيله الأكبر الذي أواه هو الله سبحانه وتعالى؛ فهو الذي تكفل به، يقول تعالى: {ألم يجدك يتيمًا فآوى}؛ ليربيه بعين الرعاية: {فإنك بأعيننا}، وكما قال النبي -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-: "أدبني ربي؛ فأحسن تأديبي".
وبيَّن أن عناية ورعاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كانت حاضرة حتى من قبل مولده، وبعد مولده تلقفته عناية الله عز وجل، وهيأ وجنَّد له من يحيط به، ويقوم على رعايته، أحاطت به مربيات ومرضعات وحاضنات وقابلات من النساء، حتى أسماؤهن حملت من المعاني ما فيه أمنًا وبركة وحِلمًا؛ فهذه أُمُّه آمنة، وهذه أُمُّه أم أيمن، وهذه حليمة، لافتًا إلى أنه كان قبل بعثته مثالًا وقدوة يقتدى به؛ فكانت أخلاقه حجة لصدقه بعد بعثته، واجتمع عليه الناس؛ لأنهم لم يروا منه كذبًا وبهتانًا قط، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم متواكلًا أو عبئًا ثقيلًا على كافليه.