15 يناير, 2025

ملتقى “السيرة النبوية” بالجامع الأزهر يوضح الدروس المستفادة من الجهر بالدعوة

ملتقى “السيرة النبوية” بالجامع الأزهر يوضح الدروس المستفادة من الجهر بالدعوة

     قال الدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: إن الله أمر النبي ﷺ بالجهر بالدعوة، بعد أن  بدأها ﷺ سرًّا، فبدأ بعشيرته، الأقرب فالأقرب من قومه، وكانت دعوته سرًّا، فكان يفضي إلى من يأنس فيه أن يكتم أمر هذه الدعوة، وله أن يقبل الرسالة بعد ذلك أو لا يقبل، كما هو المبدأ القرآني الإسلامي: "لا إكراه في الدين".

وأضاف الدكتور حبيب الله حسن، خلال ملتقى “السيرة النبوية” الذي عقد بالجامع الأزهر بعنوان: "الجهر بالرسالة وجحود الزعامة"، أن رسول الله ﷺ، وعلى مدار ثلاث سنين من عمر الدعوة؛ دعا  الناس إلى الإسلام، ولم يدخل الاسلام غير ٤٠ فردًا من الأطفال والرجال والنساء، ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والسيدة خديجة رضي الله عنها، وهي أول من دافعت عن الإسلام وضحت في سبيله، كما آمن من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

وبين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن رسول الله ﷺ وهو في سبيل الجهر بالدعوة انطلق إلى جبل الصفا، فوقف عليه وأخذ ينادي على القبائل والعشائر بأسمائها يا بني عبد مناف، يا بني هاشم! يا بني مخزوم! يا بني زهرة! يا بني تيم! يا بني أسد، وهكذا.. وكل من سمع صوت رسول الله ﷺ وهو ينادي على الصفا استجاب لرسول الله ﷺ وذهب ليسمع ما يريد، وهم لا يعرفون لماذا يناديهم رسول الله، ما الأمر؟ الكل يتساءل حتى قيل: إن من تعذر عليه إجابة نداء رسول الله أرسل من ينوب عنه ويمثله، فلما اجتمعوا حول رسول الله ﷺ وهو يقف على الصفا، استهل دعوته بهذه المقدمة، هذه المقدمة التي نعدها دليلًا وحجة تخاطب العقول وما يثبت صدقه أولًا، ليستخرج منهم اعترافهم بأنه صادق، ولما لا وإنهم لا يختلفون على صدقه لأنهم جربوه، قال ﷺ وهو مخاطبًا لهم: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا وراء هذا الوادي تغير عليكم أكنتم مصدقي؟"، وهذا الخبر ليس فيه دعوة إسلام ولا دعوة توحيد، وإنما خبر ليعرف مدى ثقتهم فيه، قالوا: "نعم نصدقك ما جربنا عليك كذبًا قط".

وأوضح أن العبرة في ذلك هو "التجربة" لمعرفة الصادق من الكاذب فالإيمان تجربة والدليل عليه تجربة والقرآن الكريم مليء بالأدلة التي كلها تجارب تثبت صدق الإيمان، وتثبت حق الإيمان وحق الإسلام أنه دين الحق وأنه يدعو إلى الحق بالتجارب، بتجارب التاريخ وتجارب الأمم، وبتجارب الواقع، فكل مشاهد الكون تجارب تثبت أن هذا الدين بدايةً من الإيمان بالله، والتصديق برسول الله ﷺ ونبوته إلى صدق القرآن الكريم، التجربه التي يختزلونها الآن في التجربة المادية والتجربة هي أساس الإيمان، فما وسعهم إلا أن قالوا: "ما جربنا عليك كذبًا قط"، إذًا فالكذب والصدق لا يتم كليهما إلا عن طريق التجربة، وبعد أن عرف رسول الله ﷺ أنهم يثقون فيه وفي مقاله، جاءهم بالخبر المهم ليس بخبر مال أو دنيا وإنما خبر مصيرهم الأخروي، فقال ﷺ: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"، ولفت إلى أن صناديد قريش كانوا يذهبون إلى رسول اللهﷺ سرًّا وكل حريصٌ ألا يراه أحد ليستمعوا إلى القرآن الذي يتلوه رسول الله ﷺ، فكان أبو سفيان وبن شريك وأبو جهل يتسللون لسماع القرآن ثم يعودون وهم على كفرهم، فأسباب الكفر والشرك لم تكن أسبابًا موضوعية ولا عقلية وإنما هي أمراض النفس، وغرور وكبر وجحود وخوف على زعامات وأوهام، وما زال التاريخ يؤكد ما أقره القرشيون أمام رسول الله بلسان الحياة وبلسان المقال قائلين للرسول ما جربنا عليك كذبًا قط.

من جانبه، أوضح الدكتور أسامة ابراهيم أمين، أستاذ الحديث وعلومه في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن صناديد الكفر لم يتمثلوا في شخص واحد بل لكل قبيلة من قبائل قريش كبير وزعيم وقائد يكذب ويعاند ويجحد ويبعد قومه عن هداية الحق والنبي ﷺ، وكان النبيﷺ يأسف ويحزن حتى وصف القرآن الكريم حزنه أنه يصل الى درجة أن النبي يبخع نفسه، يعني أن يهلك نفسه، والقرآن الكريم يبين وفي الوقت الوقت نفسه يهدئ من روع النبي ﷺ، ويقول له: إنهم لا يكذبونك هم يعلمون أنك صادق ويعلمون أنك أمين مأمون، وأن ما جئت به هو الحق وأن الذي تقرأه عليهم له حلاوة وأعلاه مثمر وأسفله مغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه هكذا شاهدوا وقالوا.

وأضاف أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين، قائلًا إن الإنسان عندما تأخذه الدنيا وحب الزعامة، وحينما يميل ويلهث وراء المال أو كان يمشي وراء الأضواء والشهرة فإن ذلك يكون سببًا في صرفه عن الحق وابتعاده عن الصدق، لأنه يرى حظ نفسه ويتخندق حول ذاته وتتعاظم نفسه من داخله، فيحمله ذلك على أنه لا يقبل الحق ممن جاء بالحق، وأكبر دليل على ذلك؛ الوليد بن المغير وهو الذي كان يلقب بالكامل في العرب، وكان الكامل بالمنظور العربي أو الجاهلي إذا توفرت فيه شروط؛ أولها أن يكون قارئًا وكاتبًا وهذا كان في الجاهليه قليل، الأمر الثاني: أن تكون لديه من الفروسية وركوب الخيل والكر والفر والإقدام والإحجام ما يجعله من الأبطال الشجعان، وكذلك أن يكون مرغوب الجانب ومسموع الكلمة في قومه فلذلك كان يلقب بالكامل، الذي ينبغي أن يكون زعيمًا، فظنوا أن النبوة تنال بتلك المقاييس الدنيوية والحظوظ النفسية، وأعتقدوا كذلك أنهم يستطيعون أن ينالوا رحمة الله تعالى بذلك وهم لا يعلمون بل يجهلون تمام الجهل أن الله تعالى هو الذي يصطفي ويختار.


 

قراءة (98)/تعليقات (0)

كلمات دالة: