استقبل الدكتور أحمد المنشاوى، رئيس جامعة أسيوط، الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وذلك على هامش مشاركته فى فعاليات ملتقى قادة اتحادات طلاب جامعات الجمهورية الجديدة مصر 2030، الذى تستضيفه جامعة أسيوط، ويشهد حضور محافظ أسيوط، ونائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلى، وعدد من السادة رؤساء ونواب الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة وعمداء كليات جامعة أسيوط ووكلائها، وأعضاء هيئة التدريس.
وقد استهل كلمته فى ندوة «العلم وأثره فى بناء الوعى» بتوجيه الشكر للواء الدكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، مشيداً بعمق معرفته، والدكتور أحمد المنشاوى، رئيس الجامعة، وجميع قيادات وأعضاء جامعة أسيوط، مباركاً لهم قرب حلول شهر رمضان المبارك، مؤكداً أن الملتقى يُبرز أهمية التعاون بين المؤسسات الدينية والعلمية والدعوية، ويحقق التلاقى بين الأجيال المختلفة.
وتحدث المفتى عن أهمية العلم فى تحقيق البناء والتنمية والعمران، مستشهداً بقصة خلق آدم وختم الوحى برسول الله، صلى الله عليه وسلم، موضحاً أن الخلافة فى الأرض تتحقق بالعلم الذى يميز بين الحق والباطل. وأكد أن العلم هو السبيل إلى مواجهة الأخطار، فبه نواجه خطر الشائعات مشيراً إلى حادثة الإفك التى وقعت فى عهد النبى، صلى الله عليه وسلم، وبالعلم نواجه كل فكر واتجاه منحرف كالإلحاد والتطرف، مؤكداً ضعف حجج الملحدين والمتطرفين، وبالعلم نواجه المصطلحات المطاطة كالحرية التى يقصد بها الإباحية والمثلية، ونتصدى للأفكار المغلوطة والمتشددة، داعياً إلى الوقوف أمامها بقوة وحزم.
وفى هذا السياق، أشار المفتى، فى كلمته، إلى بعض النماذج من الحضارة الإسلامية التى تؤكد أن العلم كان هو المنطلق، وأن الحضارة الإسلامية -بخلاف غيرها من الحضارات المادية- قد جمعت ووازنت بين الجانبين الروحى والمادى دون إفراط ولا تفريط.
كما دعا إلى تنمية الفكر النقدى لمواجهة الأفكار الزائفة، مؤكداً أهمية التسلح بالعلم الذى يمكن الإنسان من التمييز بين الحق والباطل، واستشهد فضيلته فى هذا السياق بحديث النبى، صلى الله عليه وسلم،: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير». كما أوضح أن الدين يحث على الخير ويحذر من كل ما يضر بالمقاصد الخمسة الكلية: الدين والنفس والعقل والمال والعرض. وشدد على قدسية الأسرة وأهمية دورها فى بناء المجتمع، محذراً من تدهور القيم الذى يؤدى إلى انهيار الأمم، كما أكد أهمية احترام الاختلاف والتنوع باعتباره وسيلة للتعايش والتكامل بين الشعوب، مستدلاً بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» [الحجرات: 13].
من جهته، أعرب اللواء الدكتور هشام أبوالنصر عن سعادته بالوقوف أمام شباب الجامعة الذين وصفهم بأنهم زهور ولآلئ تأخذ الوطن نحو القمم، مشيداً بجهود الرئيس السيسى فى نهضة البلاد.
وأكد أهمية التعاون بين الجامعات ودور الشباب فى بناء الوطن، مشيداً بحضور فضيلة المفتى الذى أثرى هذا الملتقى. وشدد الدكتور أحمد عبدالمولى، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، على دور الطلاب فى النهضة، ونصحهم بالتركيز على قضايا الوطن.
وأشارت الدكتورة مديحة درويش، عميدة كلية الطب البيطرى، منسق ملتقى الشباب، إلى أهمية هذا الملتقى فى بناء شباب المستقبل.
هذا، وقد شارك فى الندوة اللواء الدكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، والدكتور أحمد المنشاوى رئيس جامعة أسيوط، والدكتور أحمد عبدالمولى، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب.
كما شهدت الندوة حضور الدكتور محمد عبدالمالك، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلى، والدكتور حسن اليداك، مدير فرع دار الإفتاء بأسيوط، وعدد من رؤساء الجامعات الحكومية والأهلية ونوابهم، وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى ممثلى الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والقوات المسلحة والصحفيين، وعدد كبير من طلاب مختلف الجامعات.
وفى ختام الملتقى، تقدم رئيس جامعة أسيوط بإهداء درع جامعة أسيوط لفضيلة المفتى تقديراً وعرفاناً بدوره فى نشر الوعى وتعزيز القيم الإنسانية والدينية لدى الشباب الجامعى.
كما ألقى مفتى الجمهورية كلمة فى ندوة «القِيَم المشتركة بين الأديان» لطلاب مدارس أسيوط باستضافة كريمة من مدرسة الجامعة الإعدادية الموحَّدة بمحافظة أسيوط.
وقد استهلَّ الكلمة بتقديم التهنئة للحاضرين بمناسبة قُرب حلول شهر رمضان المبارك، سائلاً اللهَ أن يعيده على الوطن والأمة الإسلامية بالخير والبركات. كما توجَّه بالشكر للدكتور محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم، ومحمد إبراهيم الدسوقى، وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط، وأمين السيد الدسوقى، مدير الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية بوزارة التربية والتعليم، وجميع الحاضرين، مشيداً بأهمية هذا اللقاء الذى يجمع بين الأساتذة والطلاب لبيان المشتركات الإنسانية بين الأديان، والتأكيد على الواجب نحو الوطن.
وفى هذا السياق، أكد مفتى الجمهورية أن الدين واحد منذ سيدنا آدم إلى سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وأن معناه الحقيقى هو السلام والاستسلام لله. وأوضح أن مفهوم الإسلام يمتدُّ ليشمل كل رسالة سماوية، رغم اختلاف الشرائع والأمم التى أُرسلت إليها الأديان. وأشار إلى أن الشرائع السماوية اتفقت على أصول العقيدة، والشريعة، والأخلاق. مستشهِداً بما ورد فى الكتب السماوية حول الدعوة إلى التوحيد؛ حيث قال الله عز وجل لموسى، عليه السلام: «أنا الرب إلهك إله واحد لا يكن لك صنم تعبده أو تمثال»، وقال لعيسى عليه السلام: «أنا الرب إلهك أَحِبَّ الربَّ من كل قلبك، لا يكن لك إله غيرى»، وقال مخاطباً نبيَّه سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» [الأنعام: 162].
وأوضح أن الحق لا يختلف باختلاف الزمان والمكان، وأن التوحيد هو الأصل الذى يجمع الشرائع والأخلاق، وإذا ابتعدت المجتمعات عن قِيَم الأديان، انتشرت الرذائل، مشيراً إلى رسالة سيدنا شعيب عليه السلام «فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ» [الأعراف: 85]، ورسالة لوط، عليه السلام، فى مواجهة قوم انتكسَتْ فِطرتهم. ونبَّه على أن صاحب الدِّين الحقيقى يمتلك ضميراً حيّاً يضبط أخلاقه؛ إذ يوقن بأنَّ الله مطَّلِع عليه مراقِبٌ أفعالَه، فيمتنع عن مُفسدات العبادة ومساوئ الأخلاق. مشيراً إلى موقف الفاروق عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، الذى كان حريصاً أشدَّ الحرص على إقامة العدل.
وأوضح أن الأديان السماوية اتفقت على الدعوة إلى احترام الإنسان، ومراعاة الدين، والالتزام بأخلاقه، وحُسن المعاملة مع الغير، مشيراً إلى أن المشتركات الإنسانية فى الأديان تضمن المحافظة على النفس والمال والعرض؛ لأنها تأمر الإنسان باحترام المخالف وصيانة نفسه وماله وعرضه، مستشهداً بقول النبى، صلى الله عليه وسلم،: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا». كما أكد ضرورة احترام الاختلاف بين الأديان دون السعى إلى إذابة الفوارق بينها، مستشهداً بقول الله تعالى: «وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ» [هود: 118]. ودعا إلى التعارُف والتكامُل لتحقيق البناء والعمران من خلال الإحسان فى المظهر والجوهر، مما يُسهم فى إشاعة روح المحبَّة والتآلف.
وحذَّر من الأفكار التدميرية المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، والتى تهدف إلى إثارة الفتن الطائفية والتخريب، مستشهداً بإرسال النبى، صلى الله عليه وسلم، أصحابه إلى الحبشة عندما اشتد عليهم الأذى، حيث وجدوا فيها ملكاً عادلاً رغم كونه غير مسلم. كما أشار إلى وثيقة المدينة المنورة التى أرسَتْ مبادئ المواطنة والعيش المشترك.
وفى ختام الندوة خاطب فضيلة المفتى الطلابَ قائلاً: «أنتم حاضر اليوم، ومستقبل الغد، وبكم تُبنَى الأوطان».