أكد الدكتور أحمد سعد الخطيب عميد كلية الدراسات الإسلامية بقنا السابق، أن ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم تذكرنا بالقدوة العليا والنموذج الأمثل للاقتداء والتأسى لما يحمله من صدق سلوكياته ووضوحها وعدم تحيزها لأحدٍ على حساب أحد قبل رسالته وبعدها لموافقة أفعاله لأقواله وربما سبقت أفعالُه أقوالَه كما حدث فى بناء المسجد النبوى أوّل مقدمِه الشريف إلى المدينة، وعند حفر الخندق يوم الأحزاب فحركته صلى الله عليه وسلّم تثبت للبشـرية أنه مشارك متعاون متحمّل للأعباء مع أصحابه، ولم يقبل أن يكون فى مكانه وجنده وأتباعه يعملون دونه، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً). وأضاف، على الموفَّق أن يتلمس مواقفه صلى الله عليه وسلم ومسالكه فى كل هذه الأحوال كيف كان يتعامل فى السراء والضراء وفى الرضا والغضب ومع الصديق والعدو فقد أعطى فشكر ومنع فصبر وظلمه قومه فعفا وجهلوا عليه فاحتمل وحرموه فأعطى وقابل كل مكروه بالأضداد المستحسنة ليدفع بالتى هى أحسن السيئة امتثالا لتوجيه القرآن (ويدرأون بالحسنة السيئة) المثلى الأعلى والقدوة المحمدية كنموذج أعلى فى الاقتداء.
وأوضح الخطيب، أن الإجمال فى الاقتداء به يكون كل جانب فتراه قدوة فى تواضعه مع الناس، وتراه قدوة فى إصلاحه لأخطاء وعيوب الغير، تراه قدوة فى فعل كل ما يأمر به غيره، وينتهى عما نهى عنه غيرَه، تراه قدوة فى بنوته وأبوته، تراه قدوة فى قيادته عادل يراعى الضعيف قبل القوى والبعيد قبل القريب، تراه قدوة فى حفظ أسرار الغير والستر على سلبيات الناس، لا يجرح ولا يفضح، تراه قدوة فى علاج أخطاء المخطئين، تراه قدوة فى الشورى التى مارسها مع أصحابه وزوجاته، تراه قدوة فى لينه وشدّته، تراه قدوة فى تعامله مع الناس؛ فلا يؤاخذهم بالظن والتهمة ولا يبتغى الريبة فى أحد، تراه قدوة فى كظم غيظه والتحكم فى انفعالاته ومشاعره، تراه قدوة فى بكائه وفرحه، تراه قدوة فى صلاته وبين أهله وأسرته، تراه قدوة فى علاقاته الدبلوماسية فى الداخل والخارج، تراه قدوة فى تعايشه السلمى مع المخالِفين، وتراه قدوة فى حزنه على تلفت نفس منه إلى النار، تراه قدوة فى التواصل الاجتماعى والمعاملات الإنسانية قربا وبعداً، تراه قدوة فى قيادته وسياسته.
ويؤكد، أن الآية الكريمة قد خصت من بين الخلائق قوماً هم الذين ينتفعون بالاقتداء به وهم (لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) أى هم الذين يعرفون له قدره ويذكرونه عند كل موضع يكون له فيه تصرف أو توجيه فمن ذا الذى يصبر على تحرى منهجه صلى الله عليه وسلم إلا من ذكر الله كثيرا ومنهجه صلوات الله عليه ليس إلا منهج القرآن الذى طبقه فى كل سلوكياته حتى صار يوصف بأن (خلقه القرآن) كما تقول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها.