الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن ولاه، وبعد..
فقد تميَّزت الشَّريعة الإسلاميَّة الغرَّاء بالمُرونة واليُسر، ورفع الحَرَج، وإنَّ تعليقَ صلوات الجُمَع والجماعات وغلقَ المساجد حال انتشار الوباء واجبٌ ؛ للمحافظة على الأنفس ؛ خاصَّةً إذا زاد انتشاره وتفشَّى.
وكما أنَّ إعمار المساجد والمُحافظة على صلوات الجماعة في الظُّروف الطبيعيَّة دينٌ يُثاب المرء عليه؛ فإن احترام قرار غلق المساجد وتعليق الجماعات بها وقت الوباء دينٌ كذلك يُثاب المرء عليه، ومخالفته إثمٌ كبيرٌ وإنْ وقعت الصَّلاة صحيحة؛ لِمَا للتَّجمُّعات في هذه الآونة من خُطورة قد تؤدِّي إلى إلحاق الضَّرر بالنَّفس، أو الغير.
فعن نَافِعٍ، قَالَ: أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ (جبل قرب مكة)، ثُمَّ قَالَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ: «أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ، أَوِ المَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ. [متفق عليه]
قال النَّووي: «هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَخْفِيفِ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَعْذَارِ». [شرح النووي على مسلم (5/ 207)]
ولا شك أنَّ خوف تفشي الوباء أعظم وأولى؛ فحِفْظ النَّفس من مقاصد الشَّريعة الإسلامية الكُلِّيّة والضَّروريَّة، وهو مقصد مُقدَّم بلا شك على إقامة الجُمَع والجماعات.
وختامًا، يُؤكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية فتواه السَّابقة بحُرمَة مُخالفة الإرشادات الطِّبيَّة، والتَّعليمات الوقائية التي تَصدُر عن الهيئات المُختصَّة؛ لمَا في المُخالفة من تعريضِ النَّفسِ والغير لمواطنِ الضَّرر والهلاك.
حَفِظ الله البلادَ والعبادَ من كل مكروه وسوء، ورفع عنَّا وعن العالمين البلاء؛ إنَّه سُبحانه رؤوفٌ رحيمٌ.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيِّدنا ومولانا مُحمَّد، والحمد لله ربِّ العالمين.
#الفتاوى_الإلكترونية | #وقاية | #كورونا