مؤلف الكتاب في سُطور
ولد الدكتور حسام محيي الدين عبد الحميد الألوسي عام 1936م بتكريت، إحدى المدن بجمهورية العراق، وتخرج في كلية الآداب قسم الفلسفة، وسافر إلى بريطانيا لاستكمال دراساته على نفقة الدولة وحصل على الدكتوراه من جامعة كمبرج في الفلسفة الإسلامية.
عُين الدكتور حسام مدرسًا للفلسفة الإسلامية بجامعة بغداد، وعضوًا بالهيئة الإدارية لجمعية العراق الفلسفية، ونائبًا لرئيس الجمعية الفلسفية العربية بالأردن، وعضوًا مشاركًا بالجمعية الفلسفية المصرية، ورئيسًا لقسم الدراسات الفلسفية في بيت الحكمة ومستشارًا لمجلة الدراسات المعاصرة بكندا.
صدر له العديد من الكتب والدراسات البحثية الفلسفية أهمها: (مشكله الخلق في الفكر الاسلامي - الأسرار الخفية في العلوم العقلية - دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي) وغيرها الكثير.
تُوفي الدكتور حسام الألوسي رحمه في 2 من ذي الحجة 1434هـ الموافق 7 أكتوبر 2013م عن عمر ناهز الـ 77 عامًا.
سبب تأليف الكتاب 
ذكر المؤلف رحمه الله أن دوافعه لتأليف هذا الكتاب:
إظهار الفلسفة الإسلامية على حقيقتها بأنها غنية عميقة ولا يمكن ذلك إلا بنقل القارئ إلى شعابها وملتوياتها ومواجهته بأساليبها في التعبير والنقاش.
التأكيد على وحدة البنية الفكرية الكلامية والفلسفية، وأن المباحث العقلية عند المتكلمين والفلاسفة في حقيقتها وحدة عضوية، ومن الخطأ المنهجي اعتبار علم الكلام مقطوع الجزور بالفكر الفلسفي.
وضع حد لاتهام فلاسفة المسلمين كـ (الفارابي وابن سينا وأتباعهما) بالكفر والإلحاد والقول بقدم العالم.
أسلوب الكتاب ومنهجه
يذكر المؤلف في مقدمته: «أن أسلوب الكتاب لا يخلو من لغة الجفاف الذي يلاحظه من له أدنى اطلاع في كتابات فلاسفتنا ومتكلمينا، وهو أمر حاولت أن أخفف منه بالشروح ما أمكن حتى يتسنى للقارئ متوسط الفهم فهمه».
ويتضح منهج الدكتور الألوسي رحمه الله في محايدته وموضوعيته من خلال ما يورده من النصوص في عرض منهجي، يُرجح فيه أحيانًا، ويشير إلى رأيه دون ترجيح في أحايين أخرى، تاركًا الأحكام على ما يضعه من نصوص بين يدي القارئ.
بين يدي الكتاب
جاء الكتاب في ثلاثمائة صفحة تقريبًا مقسمًا على ثلاثة أقسام، يشتمل كل قسم على عدة فصول ومباحث موضوعية.
استهل المؤلف كتابه بحديثه عن أصول المذاهب الفكرية الفلسفية والإلحادية في مسألة "أصل العالم" والتي قسمها إلى مذهبين:
-المذهب الأول: من يقول بأن العالم قديم بمادته وصورته وزمانه وتراكيبه، ولا إله أو مدبر يُدبره، وهذا هو المذهب المادي بجميع أشكاله.
-المذهب الثاني: من يقول بوجود العالم، ووجود قوة روحية غير مادية خلقته أو صنعته أو هي قديمة معه ولكنها تُدبره؛ وهذا هو المذهب الروحي بجميع أشكاله.
ثم يقرر المؤلف أن الفلاسفة المسلمين والمتكلمين بعيدون كل البُعد عن الاتجاه المادي البحت؛ فيقول: «وإذا مال بعضهم عن الصُنع أو الفيض أوالتدبير الغائي أو الخلق فليس ذلك لماديتهم وإلحادهم أو ما يشبه هذا، بل لدوافع تليق بتصورهم لله تعالى تصورًا خاصّا فهم جميعًا مجتهدون ضمن الإطار اللاهوتي الروحي البحت».
وجاء القسم الأول من الكتاب حول مسألة حدوث العالم من خلال الاحتكام إلى النصوص والأدلة التي جاءت في كتب فلاسفة المسلمين كالفارابي وابن سينا؛ مؤكدًا أنهم في الواقع من المخلصين للدين، ولولا هذه الفلسفات والأسس العقلية التي وضعوها -ومعهم علماء الكلام- لكان من الصعب التسلُح بالأدلة في مواجهة المذاهب المادية البحتة والإلحادية، وأن اللوم على الفلاسفة المسلمين إنما يرجع إلى عدم الدراسات المتعمقة الدقيقة.
وفي القسم الثاني من الكتاب استعرض المؤلف نقد المتكلمين لدليل العلة التامة ونتائجه، خصوصًا مسألة الترجيح، ثم ذكر نقاط الاتفاق والخلاف بينهم وبين الفلاسفة، وما بُني على ذلك من مسائل عرضها المؤلف عرضًا موضوعيا.
ثم تناول في القسم الثالث موقف الإمام الغزالي التفصيلي من أدلة الفلاسفة، واعتراضاته على دليل العلة التامة، وسرد أجوبة الفلاسفة على الإمام الغزالي رحمه الله.
والكتاب في جملته يُعد ضمن سلسلة لدراسات فكرية موضوعية مقارنة، تناول فيها المؤلف أصول أهم المسائل الفلسفية والكلامية لمعالجة بعض إشكالاتها وعرض أوجه التلاؤم والخلاف بينهما، باعتبار وحدة منهجية أصولهما الفكرية، في مقارنة عميمة النفع، لا غنى عنها لأي باحث في مجال الفلسفة والثقافة الإسلامية.
رَحِم الله الدكتور الألوسي وأسكنه فسيح جناته
آمين.