متابعة للأوضاع في المسجد الأقصى المبارك، أكد مرصد الأزهر في تقريره الشهري أن ما لا يقل عن 3,892 مستوطنًا اقتحموا المسجد خلال شهر أغسطس الماضي، تحت رعاية عدد من الحاخامات الصهاينة المتطرفين، وبدعم كامل من منظمات الهيكل "المزعوم"، وتحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال الصهيوني.
وكانت أبرز مظاهر تلك الاقتحامات الاستفزازية، نشر منظمات الهيكل مقطع مصور لأحد المستوطنين في أثناء أداء طقس صهيوني يُعرف بـ"بركة الكهنة"، وقيام المتطرف "أرنون سيجال" – أحد قادة تلك المنظمات المتطرفة - بنشر مقطع مصور يوثق فيه أداءه بعض نصوص التلمود قرب القاطنين بالمسجد الأقصى.
ولفت المرصد في تقريره إلى أن دور النشاط المُتطرف لتلك المنظمات لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما تعدى ذلك إلى التحريض ضد دائرة الأوقاف الإسلامية، حيث تقدمت منظمة "بيادينو جبل الهيكل في أيدينا" بالتماس أمام محكمة الاحتلال العليا تطالب فيه بتقييد دور الأوقاف الإسلامية. ويؤكد المرصد أن تقليص وتحجيم دور الأوقاف الإسلامية داخل الأقصى المبارك، هو هدف صهيوني خطير؛ حيث يسعى الاحتلال والمنظمات المتطرفة من ورائه إلى السيطرة على الأقصى وبداية تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا على غرار ما حدث في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة.
كما أشار المرصد إلى هذه الاقتحامات ما كانت لتتم بهذه الصورة دون المظلة الأمنية الشاملة التي توفرها حكومة الاحتلال للمستوطنين المُتطرفين، بداية من تأمينهم وعدم محاسبتهم على أي عمل إرهابي تجاه رواد المسجد الأقصى، نهاية إلى قيام جنود الاحتلال بالاعتداءات الوحشية المتكررة على المقدسيين ورواد الأقصى، والتي كان آخرها اعتداء جنود الاحتلال على المُصلين الوافدين إلى الأقصى من باب الأسباط لأداء صلاة الجمعة، يوم 25 أغسطس، عندما أطلقت قنابل الصوت والرصاص المطاطي، ما أسفر عن إصابة 8 مقدسيين. وخلال أغسطس اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من مائة مواطن مقدسي، وأبعدت العشرات عن الأقصى ومحيطه لفترات زمنية متفاوتة.
هذا ويمتد العدوان الذي تشنه منظمات الهيكل على الأقصى المبارك خلال شهر سبتمبر أيضًا، حيث أعلنت المنظمات المتطرفة عن خططها التحضيرية لرفع وتيرة الاقتحامات خلال موسم الأعياد الصهيونية، والذي يبدأ من يوم رأس السنة العبرية، ويوافق 16 سبتمبر، ويستمر إلى نهاية ما يُطلقون عليه "عيد العرش سوكوت" في 7 أكتوبر 2023م.
وشملت الخطة التي أعلنتها منظمات الهيكل، الحشد لاقتحامات موسعة بغرض تسجيل أرقام قياسية في أعداد المُقتحمين، وتوفير حافلات لنقل المستوطنين، وأداء بعض الطقوس العلنية بشكل يستفز مشاعر المصلين والمُسلمين حول العالم، وإدخال بعض القرابين النباتية، إضافة إلى محاكاة إدخال القرابين الحيوانية، والنفخ بالبوق...إلخ.
وكان مجموعة من النشطاء الصهاينة المتطرفين، ومن بينهم عضو الكنيست السابق "موشيه فيجلن"، قد تقدموا برسالة إلى الوزير المتطرف، "إيتمار بن جفير"، لتمكينهم من اقتحام الأقصى يوم السبت، والنفخ بالبوق احتفالًا باليوم الأول من السنة العبرية.
وتعقيبًا على التصعيد المتعمد خلال فترة الأعياد الصهيونية، شدد المرصد على أن تلك الأعياد لم تعد مجرد تواريخ يحتفي بها الصهاينة داخل المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة داخل مدينة القدس المحتلة فقط، بل باتت مناسباتٍ لاستعراض القوى الصهيونية، وفرصًا لممارسة التنظيمات المتطرفة لطقوسها الاستفزازية وغير الاعتيادية، والتي تهدف من ورائها إلى تغيير الوضع القائم داخل الأقصى المبارك، وفرض التقسيم الزماني والمكاني، واستباحة ساحاته المشرفة في أي وقت شاءوا، في مقدمات للوصول إلى المأرب الصهيوني الخبيث؛ ألا وهو بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى المبارك.
وفي ختام التقرير، يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أنه مستمر في العمل على التوعية بالقضية الفلسطينية، وفي القلب منها قضية المسجد الأقصى المبارك؛ كونه أحد أهم المقدسات الإسلامية في العالم أجمع، وأنه حق للمسلمين وحدهم، لا ينازعهم في شبر منه أو حبة تراب منه منازع، حتى يأذن الله بنصر من عنده، وتنال فلسطين حريتها، ويتطهر الأقصى من دنس الصهاينة.