داعش، هل اقتربت النهاية؟
هل اقتربت بالفعل نهاية تنظيم داعش؟ وهل سيصبح هذا الكابوس جزءً من الماضي؟ وهل باتت أيامه بالفعل معدودة؟
تتلاحق الأحداث وتتلاحق معها الهزائم، التي يُمنى بها التنظيم الإرهابي، الذي يتكون من مجموعة من المرتزقة وسفهاء الأحلام، يعيثون في الأرض فسادًا، ويبثون الرعب والفزع في قلوب العباد، فهتكوا الأعراض وسلبوا الأموال، وخربوا الديار وهجروا الآمنين، فما من مكان وطأته أقدامهم، إلا وحلّ فيه الخراب والدمار والقتل . لقد قتل أعضاء هذا التنظيم، آلافًا مؤلفة من المدنيين العزل أينما حلوا، ففي الموصل قتلوا الأبرياء وهتكوا أعراض النساء، وأجبروا الأطفال على خدمتهم والانضمام لصفوفهم، فعانى منهم سكانها أشد معاناة وهم مسلمون وعرب وسنة، ثم يدّعي التنظيم أنه يدافع عن المسلمين وعن أهل السنة، وفي مدينة سنجار العراقية، هجر التنظيم الأيزيديين وقتلهم وهتك أعراض نسائهم، دون أن يراعي فيهم ذمة الله ولا رسوله، بل تجرد من كل قيمة إنسانية.
وفي سوريا قتل أفراد التنظيم، المدنيين العزل من المسلمين، سواء أكانوا سنةً أو شيعةً او أكرادًا، كما قتل آلاف المسيحيين، ولكن هل سيظل هذا الكابوس باقيًا؟ أم سيصبح جزءً من الماضي، وإن كان فمتى؟
إن إلقاء نظرة تحليلية يسيرة، على واقع التنظيم اليوم تُظْهر بوضوح ما يلي:
1- إن تنظيم داعش قد خسر بالفعل جُل مواقعه بالعراق؛ حيث استطاع الجيش العراقي تحرير مدن الرمادي الواقعة غرب بغداد، وتكريت، والموصل، والحويجة، وتلعفر، كما تمكنت قوات البيشمركة الكردية من تحرير مدينة سنجار، ذات الأغلبية الأيزيدية. وحديثًا تمكن الجيش العراقي من تحرير مدينة القائم، الواقعة بالقرب من الحدود العراقية السورية، والتي كانت تمثل المعقل الأخير للتنظيم بالعراق.
وفي سوريا خسر التنظيم كل معاقله تقريبًا، فقد خسر مواقعه في مدينة عين العرب كوباني، ومدينة تل أبيض بالشمال السوري، كما خسر قبل عدة أسابيع معقله الرئيسي مدينة الرقة الواقعة بالوسط السوري، وفي الشرق خسر التنظيم مواقعه، بمدن ديرالزور، والميادين، وأجزاء كبيرة من مدينة البوكمال، القريبة من الحدود العراقية، والتي تُعد آخر معقل للتنظيم بسوريا.
2- بجانب خسارة الأراضي، التي تجاوزت في بعض التقارير 96% من إجمالي المساحة التي كان يسيطر عليه التنظيم سابقًا، فقد خسر التنظيم كذلك أغلب موارده المالية، التي يمول بها عملياته وتحركاته العسكرية، فآبار البترول التي كان يسيطر عليها، ويبيع نفطها تم تحريرها وطرده منها.
أما التمويل عن طريق جمع الأموال بواسطة عناصره بالخارج، فلم يعد كما كان سابقًا، فكثير من الدول اتخذت إجراءات رقابية عديدة، لمنع تمويل التنظيمات الإرهابية، كما ألقت القبض على كثير من ممولي التنظيم وكثير من مروجيه.
3- الأهم مما سبق هو الخسارة العددية التي يعاني منها تنظيم داعش، فكثير من عناصره قُتلوا، وكثير منهم عادوا إلى أوطانهم، إما لإحباطهم أو لاكتشافهم زيف التنظيم وتضليله لهم، كما هو الحال في ألمانيا؛ حيث عاد أكثر من 300 شخص من أصل 900 قد انضموا للتنظيم، فضلًا عن أنه لا يكاد يوجد منضمين جدد للتنظيم، على عكس ما كان عليه الحال عند بداية ظهوره.
حيث انضم إليه عدد كبير من دول مختلفة، ممن استطاع التنظيم خداعهم وإيهامهم بواسطة دعاياه المضللة، التي كان يبثها التنظيم عبر الإنترنت، وعبر وسائله الدعائية، أما الآن فقد تكشفت حقيقة هذا التنظيم الإجرامي، وعلم الجميع مآربه وتيقنوا أنه تنظيم إجرامي، لا يعبر عن الإسلام في شيء، بل هو أبعد ما يكون عن سماحته ويسره.
وختامًا: هل القضاء على داعش وغيرها يقتصر على النصر الميداني؟ بالطبع لا، فالناظر إلى ماهية هذه التنظيمات، يرى أنها اعتمدت في نشأتها وتمددها، على منهج فكري استسقته من أزمان سحيقة، واعتمدت من خلاله على تأويل آيات وأحكام على غير مرادها فضَلَّت بجهلها وأضلت غيرها من محدودي العلم.
والقناعة بهذا الفكر يجعل ظهور داعش أخرى أمرًا غير مستبعد طال الزمان أو قصر، لذا توجب مجابهة هذا الفكر وضحده، وتفنيده، وبيان عواره للناس؛ حتى لا يكون منبتًا بين حين وآخر لكل فئة ضالة.
وهو الأمر الذي يقوم عليه الأزهر الشريف من خلال مرصده لمكافحة التطرف، الذي يقوم برد الشبهات وتفنيد أباطيل هذا التنظيم، وغيره من التنظيمات الأخرى، من خلال مجموعات عمل بلغات عشر، ترد عليها وتعيد نشرها بتلك اللغات؛ حتى يتضح للعالم صحيح الدين وزيف المبطلين.
وحدة الرصد باللغة الألمانية
2097