Deutsch (Deutschland)
 

خطبة د. عباس شومان، وكيل الأزهر يوم الجمعة  ١٣ ابريل ٢٠١٨  من جامع الملك الفيصل
/ Categories: Main_Category

خطبة د. عباس شومان، وكيل الأزهر يوم الجمعة  ١٣ ابريل ٢٠١٨ من جامع الملك الفيصل

خطبة د. عباس شومان، وكيل الأزهر يوم الجمعة  ١٣ ابريل ٢٠١٨

من جامع الملك الفيصل

 

بسم الله الرحمن الرحيم القائل في محكم التنزيل وهو أحكم القائلين "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا  إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" .. وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له فى سلطانه ولا مناوئ له في علو شأنه سبحانه..وأشهد أن سيدنا ومولانا وإمامنا وعظيمنا ورسولنا محمد رسول الله ومصطفاه رحمة الله المهداه ونعمته المسداه والسراج المنير.. فصلوات ربي وسلامه عليك سيدي يارسول الله ورضي اللهم عن آلئك وصحابتك الذين جاءوا من بعدك فصاروا على نهجك إلى يوم نلقاك ... ثم أما بعد....

عباد الله:  يحتفل المسلمون في أيامنا هذه بذكرى رحلتي الإسراء والمعراج، ويقص الخطباء والعلماء على الناس الدروس والعبر وما أكثرها من هاتين الرحلتين ليعتبر بها الناس..وأرى أن الاحتفال الحقيقي بكل مناسبة في ديننا إنما تكون بالعودة إلى صحيح ديننا وإظهار مبادئه وقيمه وتوضيحها للناس وتصحيح ما دلسه المفسدون والمخربون من مفاهيم دسوها في أذهان الناس وأظهرت إسلامنا وكأنه عدو إلا لأتباعه بل أظهروه عدوًا إلا لمن حمل أفكارهم، وإسلامنا وشريعته مما يقول هؤلاء براء، فديننا دين السلام نحمد الله عز وجل أن كنا من أتباعه ونسأل الله عز وجل أن نكون على صحيحه.

ديننا قال فيه ربنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم في خطاب تكليفه ليدعو الناس" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" قال فيه ربنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم  "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ".. وبعد أن يدعو رسولنا –صلى الله عليه وسلم- الناس لدينه علمه ربه وسيلة دعوته كيف يخاطب الناس بالرحمة واللين والموعظة الحسنة.. "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ".. وماذا بعد أن يدعوهم إلى دينه منهم من يقبل فيصبح مسلما من أصحابه .. فماذا عن من رفض؟ يعلمه ربه أن " فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ" .."فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".."لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ".. هذا خطاب الله عز وجل لرسوله ولم يصطنعه بشر وهذا هو أساس الإسلام الذي قام عليه وهي آيات واضحات لا يجادل فيها إلا من لم يلتزم بالطريق الصحيح لمعرفة الدين.. ديننا الإسلامي ليس فيه إكراه للناس لاعتناقه "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" - الله - هو الذي يقول هذا في كتابه .. "إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ " ، مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي أن يبلغ وأن يوضح وأن يبشر بالجنة وأن يحذر من النار ثم بعد أن يبين عليه أن يقبل اختيارات الناس وكل يتحمل مسئولية اختياره.. فما أكره رسولنا صلى الله عليه وسلم أحدًا قط على اعتناق دين الإسلام ولا فعل أحد من صحابته بعده وإنما صاروا على منهج رسول الله وهديه وهدى كتاب الله عز وجل من قبله يدعون الناس يبصروهم طريق الله الصحيح ويعلمونهم بنتيجته وهي الجنة ويحذرونهم من المخالفة ومن نهايتها وهي النار وهذه هي مهمة العلماء بعد رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولو صرنا على نهج نبينا صلى الله عليه وسلم لفعل الناس كما فعلوا في عهد أسلافنا ودخلوا في دين الله أفواجًا .. فلماذا انحرف بعض اتباع ديننا من بني جلدتنا عن طريقنا الصحيح وأظهروا إسلامنا وكأنه جاء ليقتل الناس ويسفك دمائهم وينهب أموالهم ويعتدي على أعراضهم مع أن حفظ هذا كله من مقاصد ديننا الحنيف لا يخطئها طالب علم قبل متفقه في دينه ..لماذا انحرف الناس بسفينة ديننا وشوهوا الحقائق رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" وفي رواية "المسلمون" والناس لفظ يشمل جميع من ينتمي لأدم مسلمهم وكافرهم، فلماذا حرف بعض الناس هذا؟ وجعلوا المسلم من أذي الناس بلسانه وتعرض لهم بغليظ القول ونفرهم من ديننا، والمسلم من إمتدت إليه الأيادي بالأذي والقتل والتخويف ويدعون أن هذا من الجهاد في سبيل الله، ورب الكعبة لقد كذبوا.

الجهاد في ديننا شرع لدفع المعتدين ولم يشرع للإعتداء علي الناس وقتلهم، وإذا أردنا أن نعرف ديننا فمصدره كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلي الله عليه وسلم، ولنا في رسول الله الأسوة والمثل، ماذا فعل رسول الله بكفار مكة الذين صبوا فوق رأسه وأتباعه العذاب صبا، كيف تعامل معهم النبي؟.. رسول الله لم يدعوا عليهم ولكنه دعا لهم، رسول الله يتعهد مشركاً داوم علي وضع الأذي في طريقه فيسأل عنه فيعلم أنه مريض، فما يكون منه إلا أن يذهب لزيارته، هذا هو رسول الإسلام، ومن منا أحرص علي إسلامنا منه ؟ كيف تعامل رسول الله مع قبائل يهودية كانت تستوطن المدينة المنورة حين انتقل إليها مهاجراً من أذي المشركين في مكة ؟ طرد من منهم ؟ وأرغم من منهم علي الدخول في الإسلام ؟ لم يفعل ذلك إنما عقد معهم معاهدات سلام وأمان تضمن بقائهم علي مايعتقدون دون أن يتعرض لهم مسلم، وما نقض رسولنا واحدة منها، لكنهم نقضوها، هم من تعرضوا للمسلمين بالأذي فكان من الطبيعي أن يرد عليهم رسول الله وأن يطردهم، أليس هذا هو رسول الإسلام ؟ من قال بأن قتل الناس من الجهاد ؟ كل الأعمال يمكن أن يؤمل فيها في رحمة الله إلا من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض، هكذا نص كتاب ربنا، ، قتل نفس واحدة كأن الإنسان قتل جميع من علي الأرض المسلم والكافر ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، هذا كتاب ربنا ينطق بالحق، وهذا كلام لايختلف حوله، لماذا نحكم علي من خالف منهجنا بالخروج عن طريق الحق وبالإثم والآثمين وأحيانا بالكافرين؟ من ذا الذي ملكهم سلطة التكفير والحكم علي الناس؟ من منا لايعلم إنكار رسولنا صلي الله عليه وسلم الشديد علي حبه أسامة بن زيد حين قتل رجلا مشركا وهو يجتهد في قتال المسلمين ، ولكنه نطق بلا إله إلا الله، فقتله أسامة إعتقادا أنه ماقالها حقا ولا دخل في الإسلام وإنما أراد أن يدفع القتل عن نفسه اعتقادا أن ماقالها حقا ولا دخل في الإسلام، وإنما أراد أن يدفع القتل عن نفسه، وحين ينكر عليه رسولنا صلي الله عليه وسلم قائلا أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟  قال يارسول الله والله ماقالها إلا وبريق السيف في عينيه، ما قالها اعتقاداً وإنما قالها حين علم إنه مقتول لينجو من القتل، ماقبل منه رسول الله مع أنها حجة في ظاهرها قوية إن كان يريد الإسلام فلماذا لم يسلم قبل أن يقاتل المسلمين، ورسولنا صلي الله عيه وسلم يقول لا فهل شققت عن قلبه؟ حتي قال سيدنا أسامة فتمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم، أتعرفون لماذا ؟ لأنه ظن أنه لن يغفر له مع شدة إنكار النبي صلي الله عليه وسلم، فتمني أن يكون كافرا إلى وقتها ليعلن دخوله في الإسلام،  لأن الإسلام يجب ما قبله، تعلمون جميعا ماذا فعل رسولنا مع سيدنا خالد بن الوليد الذي قتل جماعة من المشركين يجتهدون في قتال المسلمين، وحين اشتد عليهم القتال وعلموا أنهم مقتولين قالوا صبئنا صبئنا، وهي كلمة ليست صريحة في الإسلام بل كان العرب يطلقونها علي من دخل في الإسلام، وكان المسلمين يطلقونها علي من خرج من الإسلام فيسمونهم بالصابئة، فالصابئ هو من خرج من دينه إلي دين أخر، تصدق على من دخل في الاسلام وتصدق على من دخل في غيره ، فقتلهم – حين علم رسولنا صلى الله عليه وسلم ، مع ان هذا اجتهاد – أنكر عليه إنكارا شديدا وقال " اللهم إني لم آمر ولم أشهد ولم أرض إذ بلغني ، اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ، و أخرج نبينا صلى الله عليه وسلم ديات القتلى من بيت مال المسلمين على أنهم قتلوا خطأً، ويصوم ويصلي ويحج ، كيف ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول " من قال لا  إله إلا الله دخل الجنة " كيف ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " والناس يفسرون هذا الحديث تفسيرا خاطئاً ، ويستدلون به على أن غير المسلم يقاتل ليدخل فى الاسلام وهذا خطأ, فالقتال غير القتل، معناه أن من قاتلنا من غير المسلمين قاتلناه ، فهي مفاعلة كما يعرفها علماء اللغة تقتضي المشاركة ، وهكذا كل آيات القتال في كتاب الله ، فإذا قالوا لا إله إلا الله .. وجب أن يتوقف القتال .. ولم يصلوا ولم يصوموا ولم يحجوا.. وإنما فور النطق بها هي عاصمة لمن نطق بها ، هذا ما تعلمناه في شريعة الاسلام ..فمن أين يأتي هؤلاء بشرعهم ؟.. ومن أعطاهم سلطة التشريع فى دين الله ؟ على غير هدى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم !!

أيها المسلمون: لنعد جميعاً إلى صحيح ديننا ، ولنظهر سماحته ولنتعايش مع غير المسلمين كما تعايش معهم رسولنا صلى الله صلى الله عليه وسلم ، ولنظن بإخواننا المسلمين خيراً ، وإن ظهر منهم غير ذلك فإن الله تعالى هو الذي يحاسب الناس وليس البشر.. لماذا لا تظهرون كنوزا في شريعتنا؟  وما نباهي به بين الأمم ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم " من قتل معاهدا – وهو غير مسلم بطبيعة الحال – أي معاهد – ولو كان من دولة معادية بيننا وبينها حالة حرب ، فاستئذن لإبلاغ رسالة قد تكون رسالة تهديد ووعيد ، ومع ذلك لو قتله مسلم . مع أنه سيعود بعد إبلاغ رسالته محاربا لنا ، لو قتله مسلم فرسولنا  صلى الله عليه وسلم يقول " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة" أي يشم رائحتها وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفاً ".

 أرأيتم عظمة الإسلام وهل في تشريع أهل الأرض جميعا مما وضعوه بأيديهم نصا بقوة هذا النص الذي هو ثابت عن أصدق الخلق صلى الله عليه وسلم.

           أيها المسلمون توبوا إلى الله جميعا لعلكم تفلحون...

الحمد لله وحده وصلاة وسلاما على من لا نبي بعده وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن سيدنا ومولانا وإمامنا وعظيمنا محمد شهادتين متلازمتين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

عباد الله .. مرحبا بالتمسك بالدين والحرص عليه ولكن لنتمسك بصحيح الدين وليس بما دس فيه مما ليس منه فديننا دين السماحة والرحمة والعدل والإحسان مع المسلمين ومع غير المسلمين إلا من عادانا ورفع علينا السلاح ساعتها نتعامل معه بشرع الله " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " هذا هو كتاب الله لو أظهرنا سماحة الإسلام  وتأسينا برسولنا وبصحابة رسول الله لقضى على الإرهاب بين المسلمين ولاختفى الإرهابيون وما وجدوا لهم طريقا لغواية البشر نسأل الله عزوجل أن يخلصنا منهم ومن كل منحرف عن طريق جادة ومن كل مبتدع وفاسق ومن كل ما ألصق فى الدين ما ليس منه إنه ولى ذلك والقادر عليه.

نسأل الله عزوجل ان يغفر لنا ذنوبنا وأن يكفر عنا سيئاتنا وأن يجعلنا على الطريق الصحيح وأن يعلى راية الإسلام وان يقوي شوكة المسلمين  وأن يقوى الصلاة بين دول المسلمين وأن يبصر حكام المسلمين بما فيه خير الرعية وأن يعينهم بالبطانة الصالحة التي توجههم لفعل الخير للناس أجمعين

وقوموا إلى صلاتكم يغفر الله عز وجل لكم والحمد لله رب العالمين.

 

Previous Article Deklaration der Weltkonferenz der Al-Azhar zur Unterstützung Jerusalems
Next Article Wort des Großscheichs der Al-Azhar in Portugal 2018
Print
5336 Rate this article:
No rating

Please login or register to post comments.