نص كلمة جماعة ناطوري كارتا التابعة لطائفة اليهود الحريديم في القدس- فلسطين
/ الأبواب: Main_Category

نص كلمة جماعة ناطوري كارتا التابعة لطائفة اليهود الحريديم في القدس- فلسطين

جماعة ناطوري كارتا التابعة لطائفة اليهود الحريديم في القدس- فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن اليهود الفلسطينيون الأصليون المؤمنون بالله وبتوراته، المعارضون لحقيقة قيام الكيان الصهيوني، نوجّه التحية لكل المشاركين المحترمين في هذه الفاعلية المهمة المتصلة بالإعلان عن القدس التاريخية، وعلى رأسهم رئيسنا المحبوب السيد/محمود عباس، الذي يعمل بلا كلل ويصارع الوقت للتوصل إلى إنهاء الاحتلال الصهيوني.

وكذلك رئيس مصر المحترم عبد الفتاح السيسي

والإمام الأكبر الشيخ المحترم السيد/أحمد الطيب رئيس مجلس حكماء المسلمين في العالم

وكذلك ...............                    

بارككم الرب كلكم

السلام عليكم!

كممثلين عن الشعب اليهودي الأصلي، نود توضيح عدة نقاط مهمة للمشاركين المحترمين!

العلاقات بين الشعب العربي واليهود كانت ولا تزال علاقات سلام وود وحب، والتي سادت بينهم على الدوام، تؤكد حقيقة أنه تقريبا في كل الدول العربية عاش مئات الآلاف من اليهود طوال مئات الأعوام، وسط احترام وتقدير متبادل، وجدير بالذكر أنه قبل الهجرة الصهيونية المكثفة منذ عشرينيات القرن العشرين والتي هدفت إلى سلب الحكم من الفلسطينيين، وحتى حينها لم يجد العرب ضرورة لتنظيم حركات قومية عسكرية ضد اليهود، الذين لم يجدوا كذلك في اليهود الذين قدموا في الهجرات السابقة خطرًا أو متسلطين، وإنما يهود قدموا ليعيشوا معهم في سلام وأمان تحت السلطان الإسلامي.

وقد رأى زعماء اليهودية الحريدية في فلسطين، قبيل قيام الكيان الصهيوني الملعون، حينها من الصواب أن يظهروا أمام زعماء الشعب العربي بشكل واضح، أنه ليس لدينا - نحن اليهود الحريديم الأرثوذوكسيين المعارضين بشدة لكل الفكرة الصهيوينة- أي نية للحكم، ورغبتنا تتمثل في العيش مع العرب بسلام ومحبة كما كان طوال كل الأعوام، وقد نظّم الرابي الرئيس لليهودية الحريدية الأرثوذوكسية حينها، الحاخام يوسف حاييم زاننفلد رحمه الرب، وفدًا عام 1924 للملك حسين وابنه فيصل ملك العراق، والأمير عبد الله، في عمان، ليوضح أمامهم موقف اليهود الحريديم ضد الفكرة الصهيوينة، وأن اليهودية الحريدية المحافظة تعارض بشدة أي حكم صهيوني على فلسطين، وهذا الوفد قوبل باحترام من الملوك، بل وتم التعهد لهم بأن كل الأراضي العربية مفتوحة أمام اليهود، شريطة ألا يطالبوا بحقوق سياسية، وقد حدث أن كان أحد أعضاء الوفد من المرافقين للرابي زاننفلد وهو البروفسور الرابي يعقوف يسرائيل ديهان، انتقم الرب من قاتله، والذي قام بجهود حثيثة للتوصل إلى إلغاء إعلان بلفور المعروف، قُتِل بأوامر من زعماء الصهيونية، في أعقاب هذه النشاطات.

وقد طالبت اليهودية الحريدية العالمية من دول العالم محو هذا الخطأ الرهيب بإعطاء دولة للصهاينة في عام 1948 على حساب الشعب الفلسطيني، وبذل الجهود كافة لإلغاء السيطرة الوحشية الصهيونية على فلسطين، وإعادة التبعية القانونية لهذه الأرض لأصحابها الأصليين القانونيين والشرعيين، وهم الشعب الفلسطيني.

هذه المطالبة العادلة تنبع من قوة الأمر الإلهي المدوّن في التوراة " العدل العدل اتبع"، به أُمرنا أن نكون منصفين ومستقيمين سواءً مع اليهود أو مع الشعوب الأخرى، وانطلاقا من قوة التوراة فنحن مأمورون برفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، من الحكم الصهيوني الوحشي باسم الشعب اليهودي،.

ومن هنا نطلق صرختنا، صرخة مدوية لليهود الحريديم في فلسطين وفي العالم بأسره، لزعماء العالم:        

أوقفوا حملة إبادة الشعب الضعيف والقمع الوحشي التي تنتهجه القوات الصهيونية الإجرامية ضدنا نحن الفلسطينيين، كفى سفكا رهيبًا للدماء، كفى قتلا للشعب، كفى احتلالا لفلسطين، حرّروا في الحال تلك الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل هؤلاء المجرمين الدوليين الصهيونيين، وقدّموا دعمًا إنسانيًّا واقتصاديًّا لكل أهل فلسطين المسلمين، شريطة رفع الكارثة التي حلت بهم عن طريق إرسال قوات قومية جرارة إلى فلسطين، بهدف إعادة الحقوق الشرعية إلى الشعب الفلسطيني المتمثل في سكان فلسطين القدماء، وبذل المساعي من أجل إبعاد سلطات الاحتلال الصهيوني _دون سفكٍ للدماء_ عن كل حدود البلاد من الأردن وحتى البحر.

ونحن نعلن:

1- ليس هناك ثمة حقوق لهؤلاء الصهاينة وقادتهم في تمثيل الشعب اليهودي، أو التحدث باسمه.

2- إن لفظة "إسرائيل" التي يستعملونها ليست إلا تزييفا مشينًا، وليس هناك ثمة ارتباط بين هؤلاء الصهاينة وقادتهم بالشعب اليهودي وشريعته، وليسوا يهودًا على الإطلاق.

ومن هنا نلتمس: من قادة العالم الإسلامي ألا يلقبوا هؤلاء الصهاينة بالإسرائيليين أو اليهود، لأنهم يمنحنونهم شرعية، فينبغي أن ينعتوهم بالصهاينة "المحتلين"، وأن يعلنوا أنهم ليسوا يهودًا على الإطلاق، ولا يرتبطون بالشعب اليهودي ولا بتوراته.

3- ليس لهؤلاء الصهاينة ثمة حقوق سيادة ولو على ذرة تراب من كل أراضي فلسطين، وأن سيطرتهم على فلسطين بقوة السلاح تناقض أحكام التوراة بصورة مطلقة، ولاسيما أن تلك السيطرة قد جاءت على حساب هؤلاء السكان القدماء المسلمين، سكان تلك الأرض المقدسة منذ ما يقارب من 1500 عام.

4- قسماً بالله قد حُرِم بصورة كبيرة على اليهود إقامة أي حكم سواء في فلسطين أو في أي مكان آخر بالعالم، حتي لو منحتهم الأمم المتحدة تفويضًا بذلك.

5- وفق أوامر التوراة نحن نذعن وبإخلاص لتلك الأنظمة التي تمنحنا المأوى والملاذ، ونتضرع من أجل سلامة تلك الحكومات التي تأوينا.

6- ليس هناك ثمة ارتباط عمومًا بين تلك السيطرة البربرية لهؤلاء الصهاينة على الفلسطينيين وعلى الشعب الفلسطيني وبين الشعب اليهودي الأصيل الذي يرفض بصورة مطلقة كل حقيقة للوجود الصهيوني على هذه الأراضي.

 ونحن نشارك في هذا المؤتمر الكريم من أجل عرض الموقف اليهودي الأصلي بشأن قضية القدس التاريخية.

كما هو معلوم أن القدس كانت تحت حكم المسلمين ما يقارب من 1500 عامًا، وقد حُررت القدس بعد أن احتلت من قبل الصليبيين سنة 1099، والذين سيطروا علي المدينة ما يقارب من 88 سنة، على أيدي القائد الحربي الجليل صلاح الدين الأيوبي في 2 أكتوبر 1187، ويتحتم الإشارة إلى أن العلاقات بين اليهود والمسلمين كانت متميزة.

فضلًا عن ذلك، من المهم أن نقتبس نصين من نتائج المؤتمر البريطاني الذي انعقد في 1931م بشأن حائط البراق، وناقش تلك القضية على مدار ما يقرب من شهر خلال الفترة الممتدة من 23 يونيو حتى 19 يوليو، وأجرى حينئذٍ 24 جلسة، وأستمع إلى 52 شهادة من أبناء الطوائف اليهودية المختلفة، ثم صدرت قرارات "مؤتمر حائط البراق" المعنونة "بكلمة الملك" "جورج الخامس" في اجتماع حائط البراق في فناء قصر باكنجهام في 19 مايو 1931

ونحن نقتبس بندين من تلك القرارات:

البند الأول: يرتبط حق السيادة والتملك على حائط البراق بالمسلمين فقط، لأنه جزء لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، الذي يعد ملكا للوقف (الإسلامي).

البند الثاني: للمسلمين حق السيادة على الباحة المجاورة لحائط البراق، وعلى الحي المجاور المماثل أمام الحائط، والذي يطلق عليه "حي المغاربة"، وقد خصصت تلك الأملاك للوقف الإسلامي وفق الشريعة الإسلامية، والتي جعلت من أجل الصدقة.

وعلى الرغم من أن المفتي الشيخ الوجيه الحاج أمين الحسيني رفض تلك القرارات، فقد رأيت من الصواب اقتباس ذلك البندين.

وهنا يجب الاقتباس من خطاب الحاخام زاينفيليد رحمه الله، الذي كان الحاخام الرئيس لليهودية الحريدية الأرثوذوكسية المعادية للصهيونية، الذي راسل إخوانه المسلمين في 1929م.وأقتبس التالي:

"لا يرغب اليهود بأي شكل، بسط أيديهم على ما لا يملكون، وبالتأكيد فهم لا يرغبون في الإضرار بحقوق المسلمين في الأماكن المملوكة لهم، والتي يولونها الاحترام والقداسة، وبخاصة لا أساس للشائعات بأن اليهود يرغبون في امتلاك المسجد الأقصى، بل على العكس، فمنذ دخول الشعب اليهودي إلى المنفى، من المحظور على أي يهودي أن تطأ قدمه ساحة الأقصى". (نهاية الاقتباس).

وهنا يقتضي المقام بنا إبداء تقديرنا للقرار المهم لليونسكو في الجلسة النصف سنوية للمنظمة، في 11 من أبريل 2017، بأنه لا حق لليهود على المسجد الأقصى وما حوله، وقد أدانت بشدة السيطرة الصهيونية على هذه الأماكن المقدسة.

يجب أن نذكر تصريحات الرئيس المحبوب أبو عمار -رحمه الله- في خطابه الأول بمقر الأمم المتحدة في نيويورك في 13 من نوفمبر 1974، وأقتبس التالي:

"عندما نتحدث عن آمالنا المشتركة من أجل فلسطين المستهدف قيامها، فنحن نشترك في تطلعاتنا مع كل اليهود الذين يعيشون الآن في فلسطين ومستعدون للعيش معنا في سلام، دون تمييز أو ظلم".

"نحن نميّز بين اليهودية والصهيونية"، "فبينما نحن نواصل معارضة الحركة الصهيونية إلا أننا نشترك في احترام الدين اليهودي، وقد مرت بالفعل مائة عام على إنشاء الحركة الصهيونية، ونرغب في التحذير من الخطر المحدق القادم من الصهيونية على يهود العالم، على شعبنا العربي، على سلام العالم وأمننا، فنحن نجاهد من أجل تمكين اليهود، النصارى والمسلمين من العيش سويًا متساويين في الحقوق والواجبات ودون تمييز". (نهاية الاقتباس).

وفي الخطاب الذي كتبه الرئيس أبو عمار لأبي الحاخام موشيه رحمه الله، في 23 من أبريل 2003، مقتبسا التالي:

"لا توجد كلمات تفي بالتعبير عن حجم مجهوداتكم، التي أوضحت في العالم مواقفكم الواضحة، وهذه التصريحات مهمة للغاية، وهي واحدة من أمثلة عدة للعلاقات الطيبة والعميقة بين اليهود والعرب الممتدة لمئات الأعوام، والتي تتيح للعالم كله أن يميز بين التعارض والتناقض الصارخ بين القيم اليهودية الجميلة، وبين الصهيونية العدائية".

"تلك المظاهرات والتصريحات لها أهمية حاسمة فيما يخص قدرة الشعب الفلسطيني والعربي ككل في العالم أجمع، على إظهار الفارق الرئيسي في أن كل فرد يرى ويدرك أن جهود الدولة الصهيونية لا تعكس مطلقًا أي قيم وأصول، أي عقيدة وقوانين لليهودية". ومن المهم للغاية التأكيد مرة أخرى أنه لا يوجد نزاع بين اليهود والعرب مطلقًا. (نهاية الاقتباس).   

نعلن نحن الفلسطينيون اليهود أن حق التملك الوحيد على الأماكن المقدسة في المناطق المحتلة قاصر على الشعب الفلسطيني فقط، وليس هناك ثمة حق تملك على أي من الأماكن المقدسة على غرار حائط البراق بالقدس، قبر راحيل بمنطقة بيت لحم، الحرم الإبراهيمي الشريف بمنطقة الخليل، قبر يوسف بنابلس، وكل ما تبقى من أماكن مقدسة للإسلام واليهودية، ونأمل أن نرى العلم الفلسطيني يرفرف قريبًا على الأماكن المقدسة كافة.

نصلي ونتضرع يوميًّا دون هوادة أن يزيح الله الحكم الصهيوني من على الأرض المقدسة، ويزيل بشكل نهائي لتلك الفكرة الصهيونية المخالفة تمامًا لكل أسس توراتنا المقدسة.

نؤمن أن الحل النهائي والعادل بغية التوصل إلى وقف نزيف الدماء، وإحلال السكينة والسلام من أجل المسلمين واليهود، وسيكون فقط من خلال إعادة الحكم عن طريق "فلسطين الواحدة" على أرض فلسطين لكل سكانها، والتي عاصمتها القدس، في الوقت الذي عاش فيه اليهود والعرب سويًّا في سلام وأمان لأعوام عدة تحت حكمٍ إسلامي وحتى الاحتلال الصهيوني، ولن تسهم أية تصريحات رئاسية –كتلك- أو أية تصريحات أخرى لسلب الشعب الفلسطيني حقه الشرعي على أرض فلسطين، والتي عاصمتها القدس، والمستند إلى القوانين الدولية.

ونتضرع إلى الله لإحلال السلام والإخاء، الرحمة، العدل، والصلاح بين كافة أفراد البشر لعبادة الله سويًّا. إن شاء الله تعالى.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر!

طباعة
6171 Rate this article:
4.0