الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يوضح المفهوم الشامل لتعظيم شعائر الله
Sameh Eledwy

الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يوضح المفهوم الشامل لتعظيم شعائر الله


   عقد الجامع الأزهر أمس الإثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" وذلك بحضور: أ.د/ علي مهدي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وأ.د/ ربيع الغفير، أستاذ اللغويات، بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الشيخ/ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.
وخلال اللقاء، تحدث الدكتور/ علي مهدي، عن تعظيم شعائر الله، موضحًا أن التعظيم يعني الخضوع الكامل حِسًّا ومعنًى؛ لأن الخضوع يمثل درجة عالية من الاحترام لشعائر الله سبحانه وتعالى، مستشهدًا بقول ابن عباس في تفسير تعظيم الشعائر: "إن تعظيم شعائر الله معناها: استسمانها واستحسانها"، وهذا يدل على تقديم القيمة العالية والأفضل، ويعكس كمال التقدير والمهابة والإجلال، ويبين هذا ما رواه عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ حيث أهدى عمر "بختيًا" (نوع من الإبل)، وعُرض عليه ثلاثمائة دينار مقابلها، فلما أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسأله إن كان يبيعه ليشتري بثمنه بدنًا (للهدي)، أجابه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا، انحره". ويُستفاد من هذا الحديث: أنه لو جاز بيع الهدي بعد أن تعين في النذر لأذن فيه النبي؛ لأن البدن يكون أوفر لحمًا للمساكين من النجيب (الناقة الكريمة) الذي لا لحم فيه كثير، وهذا يؤكد على أن تقديم الأفضل والأكثر قيمة هو جزء من تعظيم شعائر الله. كما أوضح الدكتور “مهدي”، أن تعظيم شعائر الله يعني الامتثال لأوامره سبحانه وتعالى، وهذا يتطلب من المسلم الخضوع الكامل والاستقامة التامة، بحيث يكون ظاهره وباطنه ملتزمًا بأمر الله تبارك وتعالى، فالمسلم مطالب بأن يكون ظاهرًا وباطنًا ملتزمًا بأوامر الله، وأن يُقبل على ربه بقلب سليم، وأن يعامل خلقه بأخلاق حسنة، هذا الشمول في الالتزام هو جوهر تعظيم الشعائر؛ فلا يقتصر الأمر على الشعائر التعبدية الظاهرة فقط، بل يشمل كل جوانب حياة المسلم، وأن يدرك الإنسان مقام الله سبحانه وتعالى، وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أي: إن الله يعلم أدق التفاصيل وأكثرها خفاءً مما يصدر عن الإنسان، محذرًا من الاحتيال على شعائر الله، كالتقصير في أداء الزكاة أو منعها، وهو أمر منهي عنه؛ لأن شعائر الله جاءت لبناء الإنسان بناء متكاملًا لا اعوجاج فيه ولا نقص.
من جانبه، قال الدكتور/ ربيع الغفير: إن التقوى تتجاوز كونها مجرد شعور قلبي أو نية باطنة، بل هي سلوك يترجم إلى أفعال ظاهرة وباطنة، ومن أبرز هذه الأفعال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى؛ لهذا السبب، ارتبطت التقوى بتعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى في آية واحدة من القرآن الكريم؛ مما يؤكد على العلاقة الوثيقة بينهما، كما أن الحق سبحانه وتعالى يريد من خلقه التسليم الكامل لأمره، ويكافئ على ذلك القلوب المتوكلة عليه، والتي لا ترجو سواه، هذه المكافأة هي من النتائج المباركة لتعظيم شعائر الله؛ إذ إنه ليس كل قلب صالحًا لهذه المكافأة، فالقلوب التي تعظم شعائر الله بصدق هي وحدها المؤهلة لنيل هذه العطايا الإلهية؛ لأنها تجسد التقوى الحقيقية والتسليم التام، مبينًا أن تعظيم شعائر الله يمثل البوصلة التي توجه القلب والجوارح نحو مرضاة الله، فالقلب التقي هو الذي يستشعر عظمة الله في كل شعيرة، وهذا الاستشعار يدفعه للامتثال التام. وذكر  الدكتور “الغفير” أن تعظيم شعائر الله أوسع وأشمل من أن نقتصرها على عبادة بعينها دون غيرها من العبادات؛ فمفهوم شعائر الله يتعدى الطقوس الدينية الظاهرة ليشمل كل جوانب الحياة: من العلم والعبادة إلى المعاملات، وهذه الشمولية تتطلب أن يكون الالتزام بها في الظاهر والباطن، فالتقوى الحقيقية تظهر في هذا الشمول؛ حيث يصبح كل فعل وقول للمسلم، وكل نية في قلبه؛ تعظيمًا لشعائر الله إذا كان يبتغي بها وجه الله تعالى.
يُذكر أن الملتقى الفقهي يُعقد الإثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من  الأستاذ الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر ، ويهدف إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقًا للشريعة.


 

الموضوع السابق ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: فريضة الحج تفردت من بين الفرائض بسورة قرآنية.. لما لها من خصوصية وشأن عظيم
الموضوع التالي ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة يؤكد على عمق شعائر الحج وقدسيتها.. ويكشف زيف ادعاءات المشككين
طباعة
142 Rate this article:
لا يوجد تقييم