الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

ملتقى “شبهات وردود” بالجامع الأزهر: الحوار على أسس من التَّحابِّ والمشاركة يوصلنا إلى الالتقاء والتلاحم لا الافتراق والتباعد
Sameh Eledwy

ملتقى “شبهات وردود” بالجامع الأزهر: الحوار على أسس من التَّحابِّ والمشاركة يوصلنا إلى الالتقاء والتلاحم لا الافتراق والتباعد

الدين الحنيف حثنا على التحاور من أجل استقامة الحياة واستمراريتها

لن نستطيع التعايش في هذه الحياة بلا حوار لأن الله خلقنا مختلفين

 

     عقد الجامع الأزهر الشريف لقائه الأسبوعي لملتقى “شبهات وردود”، حول "أدب الحوار في الإسلام"، وذلك بحضور الدكتور/ أحمد حسين، عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر الشريف، والدكتور/ حسن القصبي، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية الأسبق، والدكتور/ علي مهدي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر الشريف.

وخلال اللقاء، أوضح الدكتور/ أحمد حسين، إن لفظة "الحوار" من حار بمعنى رجع، فتقول لي كلامًا أراجعه لك، وأقول لك كلامًا تراجعه لي، حتى نصل إلى أرض واحدة، وهذا مستوى من الحوار أسس له القرآن الكريم، فالقرآن أكثره حوار، ومادة: (قال – يقول – قل) تكررت أكثر من 1700 مرة، فهناك من يبدأ القول، وهناك من يستمع القول، وهناك من يوصل القول، فحكى لنا القرآن الكريم حوار أهل الجنة مع أهل النار، وحوار أهل النار مع أهل الجنة، كما أن رسول الله ﷺ وضع أسسًا للحوار في أحاديثه الشريفة الكثيرة وفي حياته العملية مع من يوافقه أو يخالفه ومن ينصره أو يعاديه، ونستطيع أن نسمي هذا المستوى من الحوار، حوارًا علميًّا.

وتابع عميد كلية الدعوة، أن هناك حوار اجتماعي بين الزوج وزوجه والأستاذ وتلميذه والجيران وبعضهم، كما أن هناك حوار مباشر وحوار غير مباشر عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، حثنا الدين الحنيف على الحفاظ على أسسه، والارتقاء به وذلك لرفعة هذا الدين.

من جانبه ذكر الدكتور/ حسن القصبي، أن النبي ﷺ ما أرسل إلى هذه الأمة إلا من أجل أن يتمم مكارم الأخلاق، فعلَمنا كيف نتعامل ونتشارك ونتحاور، وقد علم الله الإنسان البيان – كما ورد في سورة الرحمن، حيث قال في مطلعها: "الرَّحْمَٰنُ ﴿۱﴾ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴿۲﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴿۳﴾ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ"، حتى يستطيع بيان ما في داخله بالصورة الصحيحة، وهذا هو الهدف من الحوار، فنحن لا نستطيع التعايش بلا حوار، ومن سنة الله في خلقه خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتنا وألواننا والخلاف طبيعة، فليس من اثنين متطابقين تمام التطابق.

وتابع الدكتور القصبي: ولكن إذا اختلفت وجهات النظر، فكيف نتوصل إلى كلمة سواء؟ لا يكون ذلك إلا بأدب الحوار، بحيث تكون سليم الصدر لا تحاور للغلبة أو لهزيمة من أمامك، وقد قال الإمام الشافعي: (ما ناظرت أحدًا إلا تمنيت أن يكون الحق معه)، فلا بد من بناء النية في الحوار على الوصول إلى الحقيقة، وليس الانتصار للرأي وإن كان خطأ، والسبيل إلى هذا أن نبدأ الحوار بحصر أوجه الاتفاق أولًا قبل الاختلاف، فإن ذلك أسلم للصدر وأضيق للخلاف، فنحن نعيش على القواسم المشتركة، ثم تسمع أكثر مما تتكلم، حتى لا تبادر بتخطئة الآخرين، وإنما الحوار على أسس من التَّحابِّ، والمشاركة، والصفاء يوصلنا إلى الالتقاء لا الافتراق، والتلاحم لا التباعد.

من جهته، بيّن الدكتور/ علي مهدي، أن الحوار في الإسلام فريضة دينية أمر بها الدين الإسلامي، في قول الله – تعالى: “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". وأول الحوار السليم النية في الوصول إلى الحقيقة والأدب في اللسان، فإذا حضر الأدب كان الإقناع سهلًا، فالمسلم صاحب قضية لا يهمه أن يغلب، لكن يهمه أن يصل دينه إلى القلوب، ورسالته إلى الناس، فالحوار بالحسنى فيه بركة التوفيق من الله – عز وجل.

وشدد “مهدي“ على أن الخلاف بين الأمة الإسلامية قائم، وبين الإنسانية عمومًا موجود، فهو فطرة فطر الله الناس عليها، ولكن مدار الأمر وجوهره، أن يحترم كل منا وجهة نظر الآخر، لنصل في النهاية إلى مجتمع مسالم يسمع بعضه بعضًا، وكان السرخسي – رحمه الله – يقول: إن مسألة اختلف فيها الصحابة الكبار، يصعب حسمها والخروج منها، فالمسائل الخلافية مردها إلى اختلاف الصحابة – رضوان الله عليهم – في أفعالهم، فالاختلاف رحمة، وعلينا أن نكون أهلًا لهذه الرحمة بأن نتحاور برقي ويقين أن الحق ليس حكرًا على أحد.

الموضوع السابق اليوم.. الجامع الأزهر يستعرض “أدب الحوار في الإسلام”في ملتقى شبهات وردود
الموضوع التالي في ختام موسمه الرابع.. الجامع الأزهر يعدد أسباب تحقيق السعادة الزوجية
طباعة
353 Rate this article:
لا يوجد تقييم