الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

ملتقى “شبهات وردود” بالجامع الأزهر يناقش “الوعي وأثره في بناء المجتمعات”
Sameh Eledwy

ملتقى “شبهات وردود” بالجامع الأزهر يناقش “الوعي وأثره في بناء المجتمعات”

د. محمد أبو زيد الأمير: لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم أو ينهض دون وجود وعي بين أفراده

د. جميل تعيلب: المذاهب الفكرية والفلسفات المختلفة جاءت لرفع حالة الوعي المجتمعي بين بني البشر

عقد الجامع الأزهر أمس الثلاثاء، ندوة جديدة من ملتقى “شبهات وردود”، بعنوان: "الوعي وأثره في بناء المجتمعات"، وحاضر فيها أ.د. محمد أبو زيد الأمير، نائب رئيس جامعة الأزهر السابق، و أ.د. جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، وأ.د. حسني التلاوي، أستاذ البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة ووكيل الكلية السابق، وأدار الحوار د. محمد عبد المجيد، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر.

وخلال الملتقى، قال الدكتور محمد أبو زيد الأمير: إنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم أو ينهض دون وجود وعي بين أفراده، وعليه فالمنطلق الأساسي لتقدم الشعوب هو الوعي بين أفراده، فالوعي يقصد به السلوك والتصرف المبني على قناعة وثقافة حقيقية أصيلة، ولذا فالوعي يجعل الأمة تكون على دراية بما يُحاك تجاهها، فلا بد من نشر الوعي بين أفراد الأسرة ومن ثم بين أفراد المجتمع كله.

وشدد د. الأمير، على أن أساس الوعي هو بناء الشخصية، فالمجتمع الذي يُبنى على وعي صحيح هو الذي يتأتى معه النهوض بالأوطان، وعماد رفعة الأوطان تكون بالعلم، وعليه يجب استقاء العلم من منبعه الأصيل، فعندما دخل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه المسجد في الكوفة ووجد رجلًا يفتي في المسجد، فسأله أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال الرجل: لا، فسأله أتحفظ القرآن الكريم؟ فقال الرجل: لا، فسأله سيدنا علي ماذا تعرف عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الرجل: القليل، فمنعه الإمام علي رضي الله عنه من التصدر للكلام بين الناس، لأنه يجب على من يقوم بتوعية الناس بمبادئ دينهم أن يكون على علم ودراية حقيقية بكل ما يتعلق بهذه الأمور، وكما ورد عن السلف الصالح: المجترئ على الفتوى كالمجترئ على النار برجله.

من جانبه، أوضح د. جميل تعيلب، أن المذاهب الفكرية والفلسفات جميعًا ما جاءت إلا لبيان الوعي المجتمعي ومعرفة ما يدور من حولنا، فالفلسفة تدور حول ثلاث محاور رئيسة (الله - الإنسان- العالم) ، وبين أن النبي دعا إلى وعي المجتمعات وأن الحق سبحانه وتعالى قال عن نبيه: {هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}، فتقدم الأمم والشعوب يقاس بما تمتلكه من الوعي بأمور دينهم ومجتمعهم.

وبيّن وكيل كلية أصول الدين، عددًا من صور الوعي، أهمها الوعي العَقَدي، إذ إن العقيدة هي أساس كل شيء وأن دعوات الأنبياء عليهم السلام جميعًا ما جاءت إلا لإثبات العقيدة الصحيحة، والنبي طيلة حياته كان يعمل على تنمية الوعي العقدي لدى الناس.

كما أشار إلى الوعي بأن الله سبحانه وتعالي جعل الناس على الأرض لإعمارها، قال تعالي: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها} ، ثم تطرق إلى الوعي الأخلاقي حيث أخبر الله سبحانه وتعالى عن نبيه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وتحدث النبي ﷺ عن نفسه فقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، مؤكدًا أهمية رفع الوعي الأخلاقي لدى الناس.

وبين وكيل أصول الدين، الوعي بسماحة الدين الإسلامي حيث قال النبي ﷺ: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" يعني بذلك عدم التَّكَلُّف، وأن نؤدي ما شرع الله من دون تكلف، وبذلك يوصينا النبي ﷺ بالرفق في كل مناحي الحياة.

وفي السياق ذاته، أوضح د. حسني التلاوي، أن من دعائم بناء الوعي بين أفراد المجتمع والوعي بين الأمم والوعي بشكل عام، تطبيق ما جاء في ديننا الحنيف فقد أمر الله سبحانه نبيه بقوله: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"، فلو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم وشفتهم؛ فالعفو ما عفي من أخلاقهم وسمحت به وأن الْعَفْوَ: أي: الميسورَ مِن أخلاقِ النَّاسِ.

من جانبه، أكد الدكتور محمد عبد المجيد، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، أن الوعي يعد ركيزة من ركائز تقدم أي مجتمع وتطوره، بل له دورٌ كبيرٌ ورئيسيٌّ في استقرار المجتمع والنهوض به، وذلك بالرفع من شأن أفراده، ليس هذا فحسب بل يشكل الوعي خطوة مهمة في تطوير الذات، وخُلق الإنسان المبدع المثقف المتفهم، فلا شك أن قضية بناء الوعي هي القضية الفارقة في المرحلة الحالية.

وبين أنه إذا نظرنا إلى تطوير الوعي نجد أنه يبدأ من الذات أولًا وذلك من خلال مراقبة الإنسان لنفسه وأفكاره ومشاعره وسلوكه وثقافته، موضحًا أن الناظر في القرآن المجيد والسنة العطرة المباركة والسيرة النبوية وأحداث التاريخ الإسلامي والإنساني، يرى تعدد صور البناء للوعي الإسلامي كالوعي بقيمة الأخلاق والسلوك ، والوعي بحقيقة التدين والالتزام بالدين، والوعي بقيمة الوطن والانتماء الحقيقي له، والوعي بقيمة الوحدة في حياة الأمة.

يذكر أن ملتقى “شبهات وردود” يعقد كل ثلاثاء بالجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، والدكتور هاني عودة، مدير الجامع الأزهر.

الموضوع السابق "التربية الإيمانية والنفسية للأبناء".. انطلاق الموسم التاسع لبرامج المرأة بالجامع الأزهر.. السبت المقبل
الموضوع التالي ملتقى الطفل بالجامع الأزهر: التوكل على الله نصف الدين.. وعدم الأخذ بالأسباب هو عين التواكل وليس من الإسلام في شيء
طباعة
376 Rate this article:
3.0