الجامع الأزهر


رواق اللغة العربية للناطقين بغيرها

خلال لقائه الأسبوعي.. ملتقى الطفل بالجامع الأزهر يستعرض “ثمرات التعاون على البر”
Sameh Eledwy

خلال لقائه الأسبوعي.. ملتقى الطفل بالجامع الأزهر يستعرض “ثمرات التعاون على البر”

     عقد الجامع الأزهر الشريف، اليوم السبت، ندوة جديدة من ملتقى “الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، عن “ ثمرات التعاون على البر، وحاضر فيها الشيخ أحمد سنجق، منسق وحدة القرآن الكريم بالجامع الأزهر، والشيخ أحمد عبد العزيز، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر.

وخلال الملتقى، عرَّف الشيخ أحمد سنجق، التَّعَاوُنَ بأنه مُسَاعَدَةُ النَّاسِ بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الْخَيْرِ، كما قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [الْمَائِدَةُ: 2]، موضحًا أن البرّ كلمة جامعة تطلق على أنواع الخير كلّها.

وأشار إلى أن تعليم الأطفال التعاون يؤدي دورًا مهمًّا في تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية والذهنية، فعندما يتعاون الأطفال معًا، يتعلمون كيفية الاستماع لأفكار الآخرين وآرائهم والتفاوض وحل المشكلات بشكل بناء، كما يتعلمون قيمة الاحترام والتسامح والتعاون في بيئة مشتركة، مستشهدًا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهر والحمى".

وبيَّن الشيخ أحمد سنجق، أن الإسلام حث على التّعاون على الخير والتّقوى وجعله قُربةً لله عزّ وجلّ، وحذّر من التّعاون على الشرّ والعدوان، موضحًا أن النبي ﷺ عندما هاجر ووضع حجر الأساس لمسجده، كان يشارك في البناء وينقل الصخر على أكتافه الشريفة، وفي يوم الأحزاب، وعندما استقر الرأي على حفر الخندق، قسم النبي العمل بين المسلمين، وكان يحفر كواحد منهم.

وأوضح أن رسولنا الكريم علمنا أن الْمُسْلِمَ لا يَمْنَعهُ مَنْصِبُهُ مهما كان عَنِ التَّعَاوُنِ مَعَ النَّاسِ، فَقَدْ كَانَ النبي في سَفَرٍ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَأْكُلُوا، فَقَالَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ: أَنَا عَلَىَّ ذَبْحُ الشَّاةِ، وَقَالَ الآخَرُ: وَأَنَا سَوْفَ أَقُومُ بِسَلْخِهَا، وَقَالَ الثَّالِثُ: وَأَنَا سَوْفَ أَقُومُ بِطَبْخِهَا. وَهُنَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَنَا عَلَىَّ جَمْعُ الْحَطَبِ. وَكَأنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَنَا لا أُحِبُّ أَنْ أَتَمَيَّزَ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لا يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَتَمَيَّزَ عَلَى أَصْحَابِهِ.
وأشار المنسق بالجامع الأزهر، إلى أنَّ للتعاون فوائد، منها: فِي التَّعَاوُنِ قُوَّةٌ وَفِى الْفُرْقَةِ ضَعْفٌ وَخَسَارَةٌ، وَلِذَا جَمَعَ رَجُلٌ كَبِيرٌ أَوْلادَهُ الثَّلاثَةَ لِيُوصِيَهُمْ، فَأَعْطَاهُمْ حِزْمَةً مِنَ الْحَطَبِ، وَطَلَبَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَكْسِرَهَا، فَحَاوَلُوا كَسْرَهَا لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا لِكَثْرَتِهَا وَصَلابَتِهَا، فَأَخَذَ الأَبُ الْحِزْمَةَ وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُودًا، فَكَسَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْعُودَ بِسُهُولَةٍ، فَقَالَ الأَبُّ: إِنَّكُمْ يَا أَبْنَائِي مِثْلُ هَذِهِ الْحِزْمَةِ، إِذَا اتَّحَدْتُمْ وَكُنْتُمْ يَدًا وَاحِدَةً فَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَحَدٌ أَنْ يَغْلِبَكُمْ، وَإِنْ تَفَرَّقْتُمْ فَسَوْفَ يَتَمَكَّنُ مِنْكُمْ عَدُوُّكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالتَّعَاوُنِ؛ فَإِنَّ في التَّعَاوُنِ قُوَّةً.

وتابع الأمر الثاني: التعاون سبيل لبناء الأسرة، فمن التَّعَاوُنِ أَنْ تَكُونَ فِي حَاجَةِ أَخِيكَ، فَاللهُ تَعَالَى فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ. وَلِذَا يُحْكَى أَنَّ رَبِيعَةَ الأَسْلَمِي لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ – وَكَانَ رَجُلاً فَقِيرًا لا يَمْلِكُ مَهْرًا – ذَهَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَخْبَرَهُ؛ فَأَمَرَ ﷺ صَحَابَتَهُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَهُ فِي أَمْرِ الزَّوَاجِ. فَجَمَعُوا لَهُ مِقْدَارًا مِنَ الْمَالِ، فَقَدَّمَهُ رَبِيعَةُ صَدَاقًا إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي سَيَتَزَوَّجُهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ رَبِيعَةُ النَّبِي ﷺ أَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ وَلِيمَةَ عُرْسِهِ. فَأَعْطَاهُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ شَاةً لِيَذْبَحَهَا وَلِيمَةً. وَتَمَّ زَوَاجُ رَبِيعَةَ بِتَعَاوُنِ الْمُسْلِمِينَ.

واسترسل قائلًا: الفائدة الثالثة: التعاون يسهل الأمور الصعبة، حيث حَكَى لَنَا الْقُرْآنُ أَنَّهُ كَانَ فِي الأُمَمِ السَّابِقَةِ مَلِكٌ عَادِلٌ يُسَمَّى ذَو الْقَرْنَيْنِ، ذَهَبَ إِلَى إِحْدَى الْبِلادِ فَطَلَبَ مِنْهُ سُكَّانُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَنْ يُسَاعِدَهُمْ فِي بِنَاءِ سَدٍّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الأَعْدَاءِ مِنْ قَوْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، فَوَافَقَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَلَى بِنَاءِ السَّدِّ، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَاوِنُوهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ إِتْمَامِ السَّدِّ سَرِيعًا قَبْلَ وُصُولِ الأَعْدَاءِ. وَتَمَّ بِنَاءُ السَّدِّ، وَكَانَ قَوِيًّا مَتِينًا مِنَ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ، وَهَكَذَا حَمَى اللهُ تَعَالَى هَؤُلاءِ النَّاسَ بِفَضْلِ تَعَاوُنِهِمْ مَعَ ذِي الْقَرْنَيْنِ.

وشدًَد على أنه يَنْبَغِي عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُعِينَ زَوْجَهَا، وينبغي على الأبناء أن يساعدوا أمهم فَقَدْ تَزَوَّجَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنَ السَّيِّدَةِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَكَانَ الزُّبَيْرُ يَوْمَهَا فَقِيرًا لا يَمْلِكُ غَيْرَ فَرَسٍ، وَكَانَتِ السَّيِّدَةُ أَسْمَاءُ تَقُومُ بِمُسَاعَدَةِ زَوْجِهَا فِي رِعَايَةِ فَرَسِهِ بِجَانِبِ خِدْمَتِهَا لِلْبَيْتِ مِنْ إِعْدَادِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَظَلَّتِ السَّيِّدَةُ أَسْمَاءُ تَتَعَاوَنُ مَعَ زَوْجِهَا حَتَّى رَزَقَهُمَا اللهُ تَعَالَى مَالاً كَثِيرًا، وَأَصْبَحَ الزُّبَيْرُ مِنْ أَغْنِيَاءِ الصَّحَابَةِ.

وأضاف: إن التعاون يكون بين الابن وأبيه، وَفي القرآن نموذج لتَعَاوَنَ إِسْمَاعِيلُ مَعَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ – عَلَيْهِمَا السَّلامُ – فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَكَانَ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَجْمَعُ الْحِجَارَةَ وَيُعْطِيهَا لأَبِيهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَقُومُ بِبِنَاءِ الْحِجَارَةِ الَّتِي يُحْضِرُهَا إِسْمَاعِيلُ حَتَّى انْتَهَى بِنَاءُ الْكَعْبَةِ.

من جانبه، تناول الشيخ أحمد عبد العزيز، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح ظرفي الزمان والمكان، حيث قام بتعريف كلِّ منهما على حدة، وأوضح الفرق بينهما وبيَّن حالات إعراب كل منهما وإعراب ما يلى كل منهما، مستدلًا بأمثلة عدة في هذا الجانب اللغوي.

يذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.

الموضوع السابق في ختام الأسبوع الثاني.. مدير الجامع الأزهر يتابع اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالشرقية
الموضوع التالي للأسبوع الثالث.. الجامع الأزهر يواصل اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية
طباعة
388 Rate this article:
لا يوجد تقييم