02 يناير, 2024

أمين «البحوث الإسلامية»: العلوم الإسلامية شيدت واستمدت تأسيسها من خلال التواصل بين الشريعة الإسلامية وفهم الواقع

أمين «البحوث الإسلامية»: العلوم الإسلامية شيدت واستمدت تأسيسها من خلال التواصل بين الشريعة الإسلامية وفهم الواقع

شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات مؤتمر «العلاقة بين فقه الشريعة وفقه الواقع»، والذي عقده مجمع دار النعيم للعلوم الشرعية بدولة نيجيريا.
وقال الأمين العام خلال كلمته التي ألقاها افتراضيًا، إن طبيعة النظام "المعرفي والعلمي" في الإسلام ترسخ فلسفة واضحة حول فقه الواقع واحترام الحال والمقام، فنجد أن النص الشرعي الواحد غالبًا ما يحمل دلالات متعددة، وقد كان الله -تعالى- قادرًا على جعل نصوص الشريعة كلها قطعية في ثبوتها ودلالاتها، مقيدة ومخصصة في معانيها وأحكامها، كالمعادلات الرياضية الحسابية، ولكن الله سبحانه وتعالى لم يرد ذلك رحمة بنا. ومن ثم صارت نصوص الشريعة على مر العصور، معينًا معصومًا لا ينضب من الحكم والأفكار والأحكام والمعاني؛ التي تتناسب مع تغيرات الواقع، وتطورات الزمن، مضيفًا أن الحكمة التي من أجلها اعتمد الفقهاء الاجتهاد أداة من أدوات استنباط الأحكام الشرعية وتنزيلها على الوقائع والأحداث؛ هي أن نصوص الشريعة محدودة، والأحداث في الواقع غير محدودة، والاجتهاد هو أداة التوفيق بين النص المحدود والواقع اللامحدود، والفقيه الحق، هو من يقوم بتطبيق هذا التوازن بين الواجب الشرعي والواقع الفعلي، فلكل زمان حكم، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم.
أضاف عياد أن العلوم الإسلامية شيدت واستمدت تأسيسها من خلال التواصل بين الشريعة الإسلامية وفهم الواقع، ممثلة في "علوم أصول الدين والتصوف والمنطق"، حيث إن هذه العلوم قد اشتملت على مجموعة من النظريات التي صيغت أساسا استنادا إلى فهم طبيعة الواقع، ومراعاة المقام فيه، وضرورة مراعاة المقام بين العقل والنقل، ومراعاة المقام بين الحكمة والشريعة، ومراعاة المقام بين الحقيقة والشريعة، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، وغير ذلك، مشيرًا إلى أن علماء "الفقه والأصول" قد وضعوا قواعد فقهية محكمة مبناها في الأساس على الفهم الدقيق للواقع، من ذلك قولهم: "المشقة تجلب التيسير"، وقولهم: "الأمور بمقاصدها"، وقولهم: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وكلها قواعد فقهية كلية عامة، تم استنباطها من نصوص الشريعة؛ لمراعاة فقه الواقع والمقام بما يصلح حال البلاد والعباد.
أوضح الأمين العام أن الحاجة تبرز إلى التأكيد على أهمية مراعاة فقه الواقع في صياغة الأحكام الشرعية وضبط التكييف الفقهي السليم لها، وهذا – من وجهة نظرنا – لا يكون إلا بتصور القضايا والحوادث والنوازل على وجهها الصحيح كما هي على أرض الواقع، ثم بعد ذلك نقوم بتحرير الملابسات الخاصة بواقعها، وتحليلها ومناقشتها مناقشة جادة، ثم بعد ذلك نصوغ الحكم الشرعي المناسب لها استنباطًا وتنزيلًا، مبينًا المنهجية الصحيحة من خلال أمور عدة: اعتبار "فقه الواقع" في الفتوى والإفتاء، وضرورة الالتزام به، وأهمية الإحاطة به، واجب شرعي محتم لا يمكن تجاهله أو الغفلة عنه بأي حال من الأحوال، مراعاة فقه الواقع من أهم ما اشترطه الفقهاء والأصوليون لتنزيل الأحكام الشرعية تنزيلا صحيحا خاليا من اللغط واللبس، أن الجهل بفقه الواقع، والغفلة عنه، والجمود على الفتاوى القديمة، والأقوال التراثية التي قيلت في سياقات وأزمنة وأمكنة مغايرة للعصر الذي نعيش فيه، أدى إلى انتشار الفتاوى الشاذة والمنحرفة، التي تهلك الحرث والنسل، وترتب عليها زعزعة استقرار المجتمعات، اعتبار فقه الواقع يعد أحد أهم الأدوات لتحقيق التجديد في الفكر والفقه الإسلامي، أن إغفال فقه الواقع أصبح طريقا من طرق تشويه الإسلام، وفتح الأبواب للتشكيك فيه، واتهامه بالجمود والتحجر، وعدم قدرته على مواكبة الأحداث والتطورات، أن مراعاة فقه الواقع يساعد الفقيه والمفتي على تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها.
وختم الأمين العام كلمته ببعض المقترحات والتوصيات التي يمكن أن تسهم في التوفيق بين الشريعة الإسلامية وفقه الواقع، ومنها: ضرورة مراعاة فقه الواقع في التكييف الفقهي للحوادث والمستجدات، وصياغة الأحكام الشرعية بما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية في واقع الناس المعيش، ولا يتأتى ذلك على النحو المنشود إلا من خلال التكامل والتناغم مع جميع التخصصات الدينية والإنسانية والتجريبية، وضرورة إعادة النظر في القرارات والفتاوى القديمة، والتي صدرت لتناسب واقعا معينا لم يعد موجودا الآن، وضرورة التشديد الرقابي والقانوني على أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة، التي لا تتوافق ومقتضيات الواقع المعاصر، وضرورة تنسيق الجهود بين المؤسسات الدينية والإفتائية على مستوى العالم في دراسة القضايا المتعلقة بالواقع وتحدياتها، والسعي للوصول إلى رأي جمعي معتدل في هذه القضايا يتيح التنسيق بين هذه المؤسسات فرصة لتحقيق توافق وتفاهم شامل حول المسائل الدينية والاجتماعية المعاصرة، مشددًا على أن الفوضى في الفتاوى، التي انتشرت بشكل واسع في العصر الحاضر، تشكل تحديا جديا يهدد الاستقرار الاجتماعي، مما يدفعنا دفعا إلى الإسراع في تحقيق التعاون الذي يسهم في وضع إطار منضبط لفهم ديني منسجم ومتوازن مع مستجدات عصرنا، مبديًا استعداد الأزهر الشريف للتعاون مع جميع المؤسسات الدينية في العالم في هذا الموضوع.

قراءة (5773)/تعليقات (0)

كلمات دالة: حصاد المجمع 2023
القدم السكرى .. شبح يطارد 8 ملايين مصري
صحتك ثروتك

القدم السكرى .. شبح يطارد 8 ملايين مصري

أكد الدكتور محمد على مطر استشارى جراحة الأوعية الدموية واستشارى علاج القدم السكرى أنه يجب الانتباه لخطورة مرض السكرى، نظراً لأن قرحة القدم السكرى من أكثر مضاعفات المرض خطورة وأحد أسباب بتر الأطراف بين المصابين بمرض السكرى فى العالم.

التوراة العبرانية وإشكالات التسمية

د/ كريمة نور عيساوي باحثة في علم مقارنة الأديان كلية الآداب والعلوم الإنسانية - فاس المغرب

التوراة العبرانية وإشكالات التسمية

تُواجه الباحثَ في علم الأديان، وهو يدرس اليهودية، مشكلةٌ حقيقيةٌ بشأن ما يُصطلح على تسميته في الدراسات الغربية بالكتاب المقدس اليهودي Hebrew Bible؛ وذلك نظرًا لتعدد التسميات التي أُطلقت عليه، والتي ما فتئت تؤدي إلى خلق مزيد من اللبس والغموض لدى الخاص والعام من القراء، لهذا فقد ارتأينا استعراض التسميات الأكثر استعمالًا، والتوقف مليًا عند دلالتها اللغوية والاصطلاحية؛ إيمانًا منا بأن تحديد المصطلح هو المدخل الحقيقي نحو بناء المعرفة، ويتعلق الأمر بالمصطلحات الآتية: التوراة، والعهد القديم، والتناخ، والتوراة المكتوبة، والخماسية، والناموس، والمقرا. ونعرّف في هذا المقال بمصطلح التوراة، من أي لغة هو؟ وما معناه؟

الباقلاني وإعجاز القرآن

أ. د/ محمد محمد أبو موسى عضو هيئة كبار العلماء

الباقلاني وإعجاز القرآن

حقق شيخنا المرحوم السيد أحمد صقر كتابَ إعجاز القرآن للباقلاني، وكتب له مقدمة ضافية في الإعجاز ونشأة القول فيه، وفي مصادره، والتعريف بأهم مؤلفاته، ثم دراسة وافية مستقصية لحياة أبي بكر بن الطيِّب ومؤلفاته، وشيوخه، وتلاميذه، وأبرز ما أنجزه في حياته العملية، ثم عرض كتاب إعجاز القرآن عرضا علميا مُفصَّلًا، بِفَهْم وبَصيرةٍ، وبيانٍ نادر.

الإمام البيكندي

الدكتور/ محمود محمد خلف عضو اتحاد المؤرخين العرب

الإمام البيكندي

إن من أهم ما يميز طلاب العلم في الإسلام، رحلتهم العلمية من بلد إلى بلد، ومن قطر إلى قطر في سبيل طلب العلم، غير مبالين ما يعترضهم من مشقة وعنَاء وفقر، مع ما في السفر آنذاك من صعاب.

"مختلف الحديث عند الإمام العيني".. رسالة دكتوراه بكلية البنات الإسلامية بأسيوط
متابعات

"مختلف الحديث عند الإمام العيني".. رسالة دكتوراه بكلية البنات الإسلامية بأسيوط

حصلت الباحثة إسلام سمير محمد فرج، المدرس المساعد بكلية البنات الإسلامية بأسيوط، على درجة العالمية "الدكتوراه" بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف عن رسالتها المقدمة لقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة بفرع الجامعة بأسيوط، والتي جاءت بعنوان "مختلف الحديث عند الإمام العيني" من خلال كتابه عمدة القارى من أول كتاب النفقات إلى آخر الكتاب".

الأول150215041506الأخير