05 أكتوبر, 2017

د. علوي أمين.. المقاتل الفقيه: كل الضباط والجنود كانوا مستعدين للشهادة

د. علوي أمين.. المقاتل الفقيه: كل الضباط والجنود كانوا مستعدين للشهادة

أستاذ الفقه : المجند " موسي " كان يرفض أن يقوم أحد غيره بالحراسة .. ويقول : أنتم مؤهلات ولو استشهد أحد منكم ستكون خسارة علي البلد

قال الدكتور علوى أمين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف؛ إنه عقب التحاقه بالخدمة العسكرية عام 1972 ميلادية، لاحظ أن الضباط والجنود داخل مركز التدريب والكتيبة التى كان يؤدى خدمته العسكرية بداخلها، يغلب عليهم أمران، أولهما: الإيمان العميق بالله تعالى، والثانى: حب الاستشهاد فى سبيل الله وتحرير الأرض؛ مؤكداً أنهم كانوا ينتظرون الشهادة كأنها طوق النجاة والخلاص أكثر من انتظارهم ساعة الصفر.  وأضاف أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف؛ فى حواره لـ«صوت الأزهر»، أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات «ظاهرة كونية لم ولن تتكرر»، وهو بطل من أعظم قادة الحروب؛ كاشفاً عن تفاصيل اللحظات الأولى لساعة الصفر ومشاهد عبور قناة السويس وغير ذلك من التفاصيل التى نسردها فى الحوار التالى.

 

 _ فى البداية نريدك أن تقص علينا كيف مرت عليك الشهور الأولى من خدمتك بالجيش؟

- أنا تخرجت فى كلية الشريعة والقانون دفعة 71/ 72 م، والتحقت بالتجنيد فى القوات المسلحة فى شهر سبتمبر سنة 1972 ميلادية، وأمضيت فترة تدريب استمرت 3 أشهر ثم اُلحقت بسلاح المخابرات الحربية والاستطلاع بمحافظة السويس، وكان عدد الحاصلين على مؤهلات عليا فى الكتيبة 8 تقريباً من جميع جامعات مصر فى هذا الوقت، وكنت أنا الأزهرى الوحيد، وكان لى دور كأزهرى فى الكتيبة من خلال رفع الروح المعنوية بين الجنود وهذا ما لفت نظر الحاج حافظ سلامة وطلب منى إلقاء خطبة الجمعة فى مسجد الشهيد بالسويس قبل الحرب وبعدها.

_ وكيف كانت الحالة المعنوية للشارع المصرى ولزملائك المجندين فى الكتيبة قبل صدور قرار الحرب؟

- أثناء فترة التدريب وما بعدها فى الخدمة كان الشارع المصرى متشوقاً للحرب بشكل غير عادى، وذلك لطرد الاحتلال، وهذا الإحساس عايشته بشكل شخصى قبل دخولى الجيش؛ أما بعد التحاقى بالخدمة العسكرية فقد كان الأمر مختلفاً داخل مركز التدريب والكتيبة ولاحظت كأزهرى أمرين فى ضباط وجنود الجيش، أولهما: الإيمان العميق بالله تعالى، والثانى: حب الاستشهاد فى سبيل الله وتحرير الأرض، وهذا الإحساس كنت مطالباً بمراقبته كجندى مخابرات حربية واستطلاع ولكن العجيب فى مراقبتى للأفراد والضباط أننى وجدت النسبة الأغلب يتمنون الشهادة فى سبيل الله.

_ وكيف كان تأثير إخفاء ساعة الصفر عليك وعلى باقى أفراد كتيبتك وهل كانت هناك عمليات تدريب تقومون بها بشكل أكبر من المعتاد؟

- نحن كنا ننتظر الشهادة كأنها طوق النجاة والخلاص أكثر من انتظار ساعة الصفر التى كانت لحظة تاريخية لبطل من أعظم قادة الحروب وهو الرئيس محمد أنور السادات، الذى أرى أنه ظاهرة كونية لم ولن تتكرر، وكان مما حيرنى وحير باقى أفراد الكتيبة فى «السادات» أنه صدر أوامر صارمة شدد فيها على ضرورة أن نجلس على شاطئ ضفة القناة «ونمص قصب»، وخلال تلك الفترة لم نرصد ككتيبة استطلاع أى عمليات للجيش المصرى، وتأكد للعدو أن الجيش المصرى استسلم تماماً، ومات وأمامه 40 سنة لكى يحيا مرة أخرى.

_ كيف واجهت الدولة حالة الغضب لدى طلاب الجامعات من عدم اتخاذ قرار الحرب؟  

- الرئيس السادات كان حريصاً على تأكيد شعور عام لدى جميع شرائح الدولة بأنه لا نية عنده لدخول الحرب، وكانت لى تجربة شخصية فى هذا الأمر ففى 28 سبتمبر عام 1973 م، استدعونا كطلبة مؤهلات عليا مع اتحاد طلاب الجامعات المصرية كلها كى نقابل الرئيس السادات فى برج العرب، ووقتها قال لنا الرئيس: «أنا لا أستطيع أن أخوض حرباً ضد إسرائيل، لأن البلد خالية من أى مخزون استراتيجى سواء فى الغذاء أو البترول، والبنية التحتية متهالكة»؛ فصدمت ووجدت نفسى أقول للرئيس السادات: «طالما الأمر كذلك ماتسيبوها وتمشوا»، ونسيت أنى مجند وأكلم القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ فرد على الرئيس السادات وقال لى: «يضيق صدرى ولا ينطلق لسانى»، وعند مشاهدة عبور الطائرات المصرية لقناة السويس يوم 6 أكتوبر أيقنت معنى كلمة السادات: «يضيق صدرى ولا ينطلق لسانى».

_ وما هى أبرز المواقف التى تتذكرها فى آخر إجازة لك قبل انطلاق الحرب؟

- أنا حصلت على إجازة يوم 1 أكتوبر، وعدت إلى الكتيبة فى 4 أكتوبر، ومن أقوى المواقف بعد رجوعى من الإجازة أذكر أننى وزملائى كنا فى ملجأ عادى بالسويس، وكان لنا زميل من الصعيد اسمه «موسى» وكان غير متعلم ولكنه كان ذكياً جداً وكانت الحراسة موزعة بيننا؛ إلا أن «موسى» كان يرفض أن يقوم أحد غيره بالحراسة، وعندما كنا نسأله كان يقول أنتم مؤهلات ولو استشهد أحد منكم ستكون خسارة على البلد، وأنا أمنيتى أن استشهد قبلكم.

_ صف لنا ساعات العبور الأولى خاصة أنك كنت جندى استطلاع وأين كان موقعك على الجبهة وكيف علمت بساعة الصفر؟

- يوم الحرب كان موقعى بجوار مبنى محافظة السويس، وعلمت بساعة الصفر عندما شاهدت الطيران المصرى فوقنا يعبر القناة لضرب تحصينات العدو، وكانت فرحتنا وفرحة أهالى السويس لا توصف وفى أول 55 دقيقة وبالتحديد من الساعة الثانية ظهراً كانت مياه قناة السويس تشهد معركة مكتملة الأسلحة فجنود المشاة المقاتلون يعبرون فى المراكب وسلاح المهندسين يبنى الكبارى لعبور الدبابات والمركبات ومواتير المياه، وأذكر أننى كجندى استطلاع مكلف بمراقبة الموقف أنه فى خلال الــ 55 دقيقة الأولى نُسف خط بارليف، وهناك دبابات إسرائيلية كانت مثبتة منصاتها على خط بارليف عطلت بخراطيم مواتير المياه من الجنود والضباط المصريين، وعلى بعد 5 كيلومترات لم نسجل مشاهدة جندى إسرائيلى واحد وفوجئنا بزملائنا من سلاح الاستطلاع داخل سيناء أنه لم يكن هناك وجود للجنود الإسرائيليين لمسافة 15 كيلومتراً فخلال الــ 55 دقيقة الأولى كانت عملية العبور اكتملت  وانهار خط بارليف كاملاً بتحصيناته.

_ كأزهرى مقاتل على الجبهة هل رصدت موقفاً معيناً يؤكد لك دعم السماء للجيش المصرى؟

- نعم هناك كرامة فعلاً حدثت ففى ثانى أو ثالث أيام الحرب حدث انقطاع لمياه الشرب فى السويس ورأينا نزول دانة إسرائيلية فى ساحة كنيسة وفوجئنا براهب الكنيسة ينادى على الجنود والأهالى «الميه جات» وكنا نظنه يستنجد من آثار تدمير الدانة للكنيسة وعندما ذهبنا وجدنا الدانة أحدثت حفرة عميقة بساحة الكنيسة فاض منها ماء عذب بكثرة.

_ هناك معاناة لأهالى السويس فى الحرب هل تتذكرها وما دور الفدائيين فيها؟

- أصعب أيام مرت بها محافظة السويس بدأت من يوم 24 أكتوبر، وحتى 28 من نفس الشهر موعد حدوث الثغرة، ولكن هذه الأيام سجلت فيها مشاهد لحروب خاصة ودقيقة للفدائيين، وللحاج حافظ سلامة، من خلال وجودى بينهم، ولذلك أستطيع أن أقول إن الفدائيين والحاج حافظ سلامة حسموا موضوع احتلال السويس وكان هناك تنسيق قوى مع الجيش فى هذه الآونة.

_ وكيف قضيت آخر إجازة لك وكيف كان انطباع الشارع بعد النصر؟

- أول إجازة ليَ بعد الحرب كانت فى شهر ديسمبر 1973م، وكنت غير راغب فى الحصول عليها، وعندما عدت إلى بيتى شعرت من الناس أن الانتصار أمر طبيعى للجيش المصرى، ولامست حالة من الهدوء النفسى والسكينة بين جميع أفراد الشعب المصرى، وعقبها بدأت عملية الهدوء الكامل للجيش فى يناير 1974م، وخرجت أنا ودفعتى من الجيش عام 1975م، وكان من يلتحق بالجيش فى تلك الأوقات لا تنتهى خدمته إلا بعد انتهاء الحرب.  

عاصم شرف الدين

قراءة (3782)/تعليقات (0)

كلمات دالة:
الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية
أمة واحدة

الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدا مع الإندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية وإنه قد آن الأوان لننتقل من فقه الأقليات إلى فقه الإندماج والتعايش الإيجابي مع الآخرين  ، وإن العولمة مثلت مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي ولابد من استبدالها بـ"العالمية" ، مؤكدا أن عالمية الإسلام تنظر إلى العالم كله على أنه مجتمع واحد تتوزع فيه مسئولية الأمن والسلام على الجميع .

جاء ذلك في كلمته خلال إطلاقه الملتقي الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب بالعاصمة الفرنسية باريس.

وفيما يلي نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

..   ..     ..

 

الحمد لله والصــلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

 

السـادة الأجـلاء من أهل العلم والفكر والسياسـة ومن رجال الدين

 

الســــلام عليكـــم ورحمـة الله وبـــركاته؛

فيسرني باسمي وباسم مجلس الحكماء أن أرحب بكم هنا على أرض فرنسا وفي عاصمتها العريقة، عاصمة الأدب العالمي والفكر الحر، ومهد الثورة الكبرى التي انطلقت من أرضها الثائرة على الظلم والقهر، منذ أكثر من قرنين، وبإرادة شعبها الذي حرر أوروبا من أغلالٍ وقيودٍ كبَّلتها قرونًا طوالا،  واستعبدتها مرة باسم السلطان، وأخرى باسم الدَّين، وثالثةً باسم الإقطاع، حتى باتت الثورةُ الفرنسية مَعْلمًا من أهم معالم التاريخ ومرجعًا لفلسفة الحرية والحضارة، وتنوير العقل الأوربي وانتشاله من طَورِ الرُّكود والجمود إلى التحليق عاليًا في آفاق الإبداع والعلم والثقافة والفنون.. وحتى باتت أوروبا المعاصرة بكل ما تَزخَرُ به من تقدم مذهلٍٍ في العلم والمعرفة والرقي الإنساني، والديمقراطية وحقــوق الإنســـان، مدينة للثــورة الفرنسية، ولفرنسا والفرنسيين.. فتحيةً لهذا البلد، وتحيـــةً لأهله، ولكلِّ محبي الســلام والعدل والمســاواة بين الناس.    


 أيها الســــادة!

هذا هو اللقاء الثاني بين حكماء الشرق وحكماء الغرب ..، بعد اللقاء الأول الذي عُقد في مدينة فلورنسا، مدينة الحوار والفن والثقافة: في الثامن من يونيو من العام الماضي (8 يونيو 2015م)، والذي أظلَّه  –حينذاك- أملٌ قويٌ في ضرورة أن يبحث حكماء الغرب وحكماء الشرق عن مخرج من الأزمة العالمية التي وصفْتُها في كلمتي في فلورنسا بأنها «إن تُركت تتدحرج مثلَ كرة الثلج فإن البشرية كلَّها سوف تدفع ثمنها: خرابًا ودمارًا وتخَلُّفًا وسَفْكًا للدِّماء؛ وربما بأكثر مما دفعته في الحربين العالميتين في النصف الأول من القرن الماضي»، ولم تمضِ شهورٌ ستَّةٌ على هذا التخوَّف الذي شابته مسحة من التشاؤم، ربما غير المشروع، حتى شهدتْ باريس الجميلة المتألقة، ليلةً سوداء، فَقَدَت فيها من أبنائها قَرابةَ مائة وأربعين ضحية، سُفِكَت دماؤُهم في غَمْضةِ عين، إضافة إلى ثلاثةِ مائة وثمان وستين آخَرين، في حادثة إرهاب أسود لا يختلف اثنان في الشرق ولا في الغرب في رفضه وازدراء مُرَّتكِبِيِه، وتنَكُّبهم للفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية وكل تعاليم الأديان والأعراف والقوانين..

ولعلكــم تتفقــون معي في أن هذا الحادث الأليم، ومثلُه حوادثُ أخرى دموية وقعت في بلجيكا، بل حوادث أشدُّ دمويةً وأكثر وحشيةً، تحدُث كل يوم في الشرق الذي غَرِقَ إلى أذنيه في مستنقعات الدَّمِ والثُّكْل واليُتْم والتهجير، والهروب إلى غير وِجْهةٍ في الفيافي والقفار، بلا مأوى ولا غِذاءٍ ولاَ غطاء.. هذه الحوادثُ تَفرِضُ فرضًا على أصحاب القرار النافذ والمؤثرِ في مجريات الأحداث، أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملةً أمامَ الضَّمِيِر العالمي والإنساني، وأمامَ التاريخِ، (بل أمام الل

الأول163216341636الأخير