28 ديسمبر, 2017

الدكتور عبدالحليم منصور.. يكتب: حكم تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد

الدكتور عبدالحليم منصور.. يكتب: حكم تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد

يثار جدل كبير حول حكم تهنئة الأقباط بأعيادهم بين علماء المسلمين بين مؤيد ومعارض، فقد اختلفت كلمة فقهاء المسلمين فى حكم هذه المسألة على رأيين أحدهما يجيز ذلك والثانى يذهب إلى كراهته، وفى هذا نقول:

أولا - إن هذا الأمر وهو تهنئته الأقباط بأعيادهم من قبيل البر الذى دعا إليه القرآن الكريم قال تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «سورة الممتحنة» آية: (8)

وروى البخارى عن عن أَسْمَاءَ بِنْتِ أبى بَكْرٍ رضى الله عنهما قالت قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّى وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فى عَهْدِ رسول اللَّهِ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قلت إن أمى قدمت وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّى قال نعم صِلِى أُمَّكِ».

ثانيا - إن الأقباط أو النصارى أقرب الناس مودة إلينا نحن المسلمين قال تعالى: «فى سورة المائدة: «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ».

ثالثا - إن الإسلام أباح لنا طعامهم وأباح لنا التزوج من نسائهم فيكيف يحرم بعد ذلك تهنئتهم. قال تعالى «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ».

رابعا - إن التزاور مع غير المسلمين من أقباط وغيرهم جائز فقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام دخل على جاره اليهودى يعوده فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله، فنظر الرجل إلى أبيه فقال له: أجب أبا القاسم، فشهد بذلك ومات، فقال صلى الله عليه وسلم: ' الحمد لله الذى أعتق بى نسمة من النار».

خامسا - إن الإسلام أباح معاملة غير المسلمين بيعا ورهنا وإجارة وغير ذلك فعن عن عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قال قُبِضَ النبى صلى الله عليه وسلم ودرعه مَرْهُونَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ من يَهُودَ على ثَلاَثِينَ صَاعاً من شَعِيرٍ أَخَذَهَا رِزْقاً لِعِيَالِهِ «فكيف يبيح الإسلام معاملتهم على هذا النحو ولا يبيح مجاملتهم بالتهنئة فى مناسباتهم»؟؟!!

سادسا - إن الأقباط شركاؤنا فى الوطن وجيراننا ونعيش معهم ويعيشون معنا فكيف لا نهنئهم!! فعن عبدالله بن عمرو أنه ذبحت له شاة فجعل يقول لغلامه أهديت لجارنا اليهودى، أهديت لجارنا اليهودى، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق عليه.

وعن حديث معاذ بن جبل قال: قلنا يا رسول الله ما حق الجار؟ قال: (إن استقرضك أقرضته، وإن استعانك أعنته، وإن احتاج أعطيته، وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته، وإن أصابه خير سرك وهنيته، وإن أصابته مصيبة ساءتك وعزيته ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ولا تستطل عليه بالبناء لتشرف عليه وتسد عليه الريح إلا بإذنه وإن اشتريت فاكهة فأهد له منها وإلا فأدخلها سرا لا يخرج ولدك بشىء منه يغيظون به ولده وهل تفقهون ما أقول لكم لن يؤدى حق الجار إلا القليل ممن رحم الله (أو كلمة نحوها) قال القرطبى: هذا حديث جامع وهو حديث حسن».

سابعا - كيف تكون المرأة زوجة لرجل مسلم ولا يقول لها صيغة التهنئة بالعيد مثلا، مع أنه يخالطها سحابة يومها، ويعاشرها، وغير ذلك، وهل هذا من المعروف فى شىء؟!!

أما ما ذهب إليه المخالفون من عدم الجواز فهذا - فيما يبدو - محمول على حال قيام العداوة بين المسلمين وغير المسلمين، ونشوب الحروب فيما بينهم، ففى هذه الحالة يتأتى القول بالمنع، وعلى هذا يحمل كلام العلامة ابن القيم وابن تيمية فقد عاشا زمن هجوم التتار على المسلمين وما حدث من اعتداء على المسلمين فى هذه الحقبة، فكان قولهما محمولا على حال قيام حرب بين المسلمين وغيرهم، أما إذا تغير الحال وتبدل الوضع وصارت العلاقة بيننا وبينهم علاقة سلام ففى هذه الحالة يتأتى القول بالجواز، وهذا ما هو حادث الآن.

قراءة (4571)/تعليقات (0)

الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية
أمة واحدة

الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدا مع الإندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية وإنه قد آن الأوان لننتقل من فقه الأقليات إلى فقه الإندماج والتعايش الإيجابي مع الآخرين  ، وإن العولمة مثلت مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي ولابد من استبدالها بـ"العالمية" ، مؤكدا أن عالمية الإسلام تنظر إلى العالم كله على أنه مجتمع واحد تتوزع فيه مسئولية الأمن والسلام على الجميع .

جاء ذلك في كلمته خلال إطلاقه الملتقي الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب بالعاصمة الفرنسية باريس.

وفيما يلي نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

..   ..     ..

 

الحمد لله والصــلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

 

السـادة الأجـلاء من أهل العلم والفكر والسياسـة ومن رجال الدين

 

الســــلام عليكـــم ورحمـة الله وبـــركاته؛

فيسرني باسمي وباسم مجلس الحكماء أن أرحب بكم هنا على أرض فرنسا وفي عاصمتها العريقة، عاصمة الأدب العالمي والفكر الحر، ومهد الثورة الكبرى التي انطلقت من أرضها الثائرة على الظلم والقهر، منذ أكثر من قرنين، وبإرادة شعبها الذي حرر أوروبا من أغلالٍ وقيودٍ كبَّلتها قرونًا طوالا،  واستعبدتها مرة باسم السلطان، وأخرى باسم الدَّين، وثالثةً باسم الإقطاع، حتى باتت الثورةُ الفرنسية مَعْلمًا من أهم معالم التاريخ ومرجعًا لفلسفة الحرية والحضارة، وتنوير العقل الأوربي وانتشاله من طَورِ الرُّكود والجمود إلى التحليق عاليًا في آفاق الإبداع والعلم والثقافة والفنون.. وحتى باتت أوروبا المعاصرة بكل ما تَزخَرُ به من تقدم مذهلٍٍ في العلم والمعرفة والرقي الإنساني، والديمقراطية وحقــوق الإنســـان، مدينة للثــورة الفرنسية، ولفرنسا والفرنسيين.. فتحيةً لهذا البلد، وتحيـــةً لأهله، ولكلِّ محبي الســلام والعدل والمســاواة بين الناس.    


 أيها الســــادة!

هذا هو اللقاء الثاني بين حكماء الشرق وحكماء الغرب ..، بعد اللقاء الأول الذي عُقد في مدينة فلورنسا، مدينة الحوار والفن والثقافة: في الثامن من يونيو من العام الماضي (8 يونيو 2015م)، والذي أظلَّه  –حينذاك- أملٌ قويٌ في ضرورة أن يبحث حكماء الغرب وحكماء الشرق عن مخرج من الأزمة العالمية التي وصفْتُها في كلمتي في فلورنسا بأنها «إن تُركت تتدحرج مثلَ كرة الثلج فإن البشرية كلَّها سوف تدفع ثمنها: خرابًا ودمارًا وتخَلُّفًا وسَفْكًا للدِّماء؛ وربما بأكثر مما دفعته في الحربين العالميتين في النصف الأول من القرن الماضي»، ولم تمضِ شهورٌ ستَّةٌ على هذا التخوَّف الذي شابته مسحة من التشاؤم، ربما غير المشروع، حتى شهدتْ باريس الجميلة المتألقة، ليلةً سوداء، فَقَدَت فيها من أبنائها قَرابةَ مائة وأربعين ضحية، سُفِكَت دماؤُهم في غَمْضةِ عين، إضافة إلى ثلاثةِ مائة وثمان وستين آخَرين، في حادثة إرهاب أسود لا يختلف اثنان في الشرق ولا في الغرب في رفضه وازدراء مُرَّتكِبِيِه، وتنَكُّبهم للفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية وكل تعاليم الأديان والأعراف والقوانين..

ولعلكــم تتفقــون معي في أن هذا الحادث الأليم، ومثلُه حوادثُ أخرى دموية وقعت في بلجيكا، بل حوادث أشدُّ دمويةً وأكثر وحشيةً، تحدُث كل يوم في الشرق الذي غَرِقَ إلى أذنيه في مستنقعات الدَّمِ والثُّكْل واليُتْم والتهجير، والهروب إلى غير وِجْهةٍ في الفيافي والقفار، بلا مأوى ولا غِذاءٍ ولاَ غطاء.. هذه الحوادثُ تَفرِضُ فرضًا على أصحاب القرار النافذ والمؤثرِ في مجريات الأحداث، أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملةً أمامَ الضَّمِيِر العالمي والإنساني، وأمامَ التاريخِ، (بل أمام الل

الأول163216341636الأخير