23 سبتمبر, 2017

مسلسل تركي يتناول معاناة الآباء لحماية أبنائهم من الانضمام لـ "داعش"

مسلسل تركي يتناول معاناة الآباء لحماية أبنائهم من الانضمام لـ "داعش"

مقاومة الإرهاب والتطرف ليست مقاومة عسكرية فحسب، فالمقاومة العسكرية ليست سوى آلية واحدة من آليات مقاومة العنف والإرهاب، ولا تُستخدم إلا في مواجهة من بلغ به العنف والتطرف إلى مرحلة تهديد المجتمع وحمل السلاح في وجهه، ولا يقوم بمقاومة الإرهاب عسكريًا إلا فئتان فقط من المجتمع هما الجيش والشرطة، ولا يجب تحميلهما وحدهما هذه المسئولية الكبيرة إلا في الشق الخاص بهما وهو المقاومة المسلحة، ولكن هناك مقاومة أخرى يجب أن يقوم بها  كل أفراد المجتمع كل في وظيفته وعمله، وهى تجفيف منابع العنف والإرهاب الفكري في عقول أبناء المجتمع، لذلك فمقاومة المجتمع للعنف والإرهاب أشبه بالوقاية أكثر من العلاج، لأنها تقي أبناء المجتمع من المرض (العنف والتطرف) قبل إصابتهم به، وتقوي مناعة أبناء المجتمعات ضد فيروسات أفكار التطرف والعنف والإرهاب.
وأهل الفن كما سبق وذكرنا في مقال سابق فئة مهمة من فئات أي مجتمع، ولا نبالغ لو قلنا من أهم فئات أي مجتمع، لما يحمله أصحابها من شهرة وتأثير بين فئات المجتمع الأخرى، ولهم محبون يتابعونهم، بل هناك من يقلدهم في طرق الكلام والتعامل وحتى في ارتداء الملابس، لذلك فبقدر شهرتهم وتأثيرهم لهم دور مهم في مقاومة الإرهاب، وتوعية الشعوب ضد مخاطره، عن طريق القيام بأعمال فنية هادفة، تنمي الشعور بالانتماء إلى الأطان، وتوعي المجتمع بخطورة العنف، وتحث على تقبل الآخر، وفي المقابل تبرز الجوانب السلبية للتطرف وعدم القبول بالمختلف سواء في الدين أو في أي جانب آخر من جوانب الحياة.
وفي إطار متابعته لكل أشكال مقاومة الإرهاب والتطرف قام مرصد الأزهر لمكافحة التطرف برصد مقال للكاتب التركي "علي أيوب أوغلو" المهتم بالشأن الفني، يقول فيه إن موقع "نتفليكس" العالمي (واحد من أكثر خدمات البث عبر الانترنت انتشارًا وشعبية في العالم) سيقوم لأول مرة ببث مسلسل باللغة التركية تدور أحداثه حول أب أميركي انضم ابنه إلى تنظيم داعش الإرهابي. ولم يجد الأب وسيلة لإنقاذ ابنه سوي الذهاب إلي العراق والانضمام إلي هذا التنظيم، وبالفعل سافر الأب إلي تركيا وأقام فترة في جنوب شرق البلاد، واستطاع بمساعدة بعض الأهالي هناك أن يعبر إلي العراق، وفيها تبدأ رحلته مع التنظيم الذي بعد عدة محاولات استطاع في النهاية أن ينضم إليه وأصبح من أفراده الأكفاء ونال ثقة قادته فأهدوا إليه مجموعة من النساء، صادف من بينهن سيدة ألمانية انضمت هي الأخرى إلي التنظيم من أجل انقاذ  ابنها.
والمسلسل في مجمله يتحدث عن معاناة الأسر وأولياء الأمور الذي استطاع التنظيم الإرهابي إغراء أبناءهم وضمهم إليه. ولقد سبق وحذر المرصد في مقالات سابقة الشباب من المغامرات التي يقوم بها بعضهم وينضم إلى التنظيمات الإرهابية في مغامرة خطيرة بل ومهلكة، وغير محسوبة يفعلها بعض الأبناء بمحض إرادتهم ودون تشاور مع أبائهم وأمهاتهم، في حين يتحمل عاقبتها الجميع من أخطأ ومن لم يُخطأ، بل ربما من لم يُخطأ يدفع ثمن أفدح وأصعب ممن أخطأ.
ولقد قمنا برصد الكثير من حالات أسر العائدين من تنظيم داعش الإرهابي، ونقلنا حالتهم السيئة وما عانوه جراء انضمام أبنائهم إلى هذا التنظيم، ورأينا آباء وأمهات بل وأجداد وجدات انضم ابنائهم إلى التنظيم ومعهم أسرهم، ثم ماتوا وتركوا هذه الأسر في قبضة التنظيم، والآن يدفع الأجداد والجدات الطاعنين في السن ثمن مغامرات أبناءهم؛ إذ يبحثون عن أحفادهم ويناشدون حكوماتهم بمساعدتهم في هذا الأمر، وقد ازداد هذا الأمر بصورة ملفتة للنظر بعد تحرير مدينتي "الموصل وتلعفر" من يد هذا التنظيم.
كما يركز المسلسل أيضًا على دور المرأة في هذا التنظيم الذي ينظر إليها وكأنها سلعة تُباع وتُشترى وتُهدى من أجل الخدمة والمتعة، متجاهلين أي دور يمكن أن تقوم به في سبيل وطنها وخدمة مجتمعها، ولقد سبق ووضحنا هذا في مقالات وتقارير سابقة، ورأينا كيف كانت ازدواجية هذا التنظيم في التعامل مع المرأة.
ويثمن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف هذه التجربة الفنية الهادفة، ويحث على تقديم المزيد منها متمنيًا أن يكون لعالمنا العربي نصيبًا من مثل هذه التجارب من أجل توعية شبابنا وحمايتهم من الفكر الظلامي الهدام وأصحابه. ويؤكد المرصد على أن مجابهة الأفكار الظلامية الهدامة لن تكون إلا عن طريق الفكر والتنوير، وغرس حب الوطن وثقافة الانتماء إليه في قلوب جميع أفراده.

وحدة رصد اللغة التركية

 

قراءة (10725)/تعليقات (0)

الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية
أمة واحدة

الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدا مع الإندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية وإنه قد آن الأوان لننتقل من فقه الأقليات إلى فقه الإندماج والتعايش الإيجابي مع الآخرين  ، وإن العولمة مثلت مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي ولابد من استبدالها بـ"العالمية" ، مؤكدا أن عالمية الإسلام تنظر إلى العالم كله على أنه مجتمع واحد تتوزع فيه مسئولية الأمن والسلام على الجميع .

جاء ذلك في كلمته خلال إطلاقه الملتقي الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب بالعاصمة الفرنسية باريس.

وفيما يلي نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

..   ..     ..

 

الحمد لله والصــلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

 

السـادة الأجـلاء من أهل العلم والفكر والسياسـة ومن رجال الدين

 

الســــلام عليكـــم ورحمـة الله وبـــركاته؛

فيسرني باسمي وباسم مجلس الحكماء أن أرحب بكم هنا على أرض فرنسا وفي عاصمتها العريقة، عاصمة الأدب العالمي والفكر الحر، ومهد الثورة الكبرى التي انطلقت من أرضها الثائرة على الظلم والقهر، منذ أكثر من قرنين، وبإرادة شعبها الذي حرر أوروبا من أغلالٍ وقيودٍ كبَّلتها قرونًا طوالا،  واستعبدتها مرة باسم السلطان، وأخرى باسم الدَّين، وثالثةً باسم الإقطاع، حتى باتت الثورةُ الفرنسية مَعْلمًا من أهم معالم التاريخ ومرجعًا لفلسفة الحرية والحضارة، وتنوير العقل الأوربي وانتشاله من طَورِ الرُّكود والجمود إلى التحليق عاليًا في آفاق الإبداع والعلم والثقافة والفنون.. وحتى باتت أوروبا المعاصرة بكل ما تَزخَرُ به من تقدم مذهلٍٍ في العلم والمعرفة والرقي الإنساني، والديمقراطية وحقــوق الإنســـان، مدينة للثــورة الفرنسية، ولفرنسا والفرنسيين.. فتحيةً لهذا البلد، وتحيـــةً لأهله، ولكلِّ محبي الســلام والعدل والمســاواة بين الناس.    


 أيها الســــادة!

هذا هو اللقاء الثاني بين حكماء الشرق وحكماء الغرب ..، بعد اللقاء الأول الذي عُقد في مدينة فلورنسا، مدينة الحوار والفن والثقافة: في الثامن من يونيو من العام الماضي (8 يونيو 2015م)، والذي أظلَّه  –حينذاك- أملٌ قويٌ في ضرورة أن يبحث حكماء الغرب وحكماء الشرق عن مخرج من الأزمة العالمية التي وصفْتُها في كلمتي في فلورنسا بأنها «إن تُركت تتدحرج مثلَ كرة الثلج فإن البشرية كلَّها سوف تدفع ثمنها: خرابًا ودمارًا وتخَلُّفًا وسَفْكًا للدِّماء؛ وربما بأكثر مما دفعته في الحربين العالميتين في النصف الأول من القرن الماضي»، ولم تمضِ شهورٌ ستَّةٌ على هذا التخوَّف الذي شابته مسحة من التشاؤم، ربما غير المشروع، حتى شهدتْ باريس الجميلة المتألقة، ليلةً سوداء، فَقَدَت فيها من أبنائها قَرابةَ مائة وأربعين ضحية، سُفِكَت دماؤُهم في غَمْضةِ عين، إضافة إلى ثلاثةِ مائة وثمان وستين آخَرين، في حادثة إرهاب أسود لا يختلف اثنان في الشرق ولا في الغرب في رفضه وازدراء مُرَّتكِبِيِه، وتنَكُّبهم للفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية وكل تعاليم الأديان والأعراف والقوانين..

ولعلكــم تتفقــون معي في أن هذا الحادث الأليم، ومثلُه حوادثُ أخرى دموية وقعت في بلجيكا، بل حوادث أشدُّ دمويةً وأكثر وحشيةً، تحدُث كل يوم في الشرق الذي غَرِقَ إلى أذنيه في مستنقعات الدَّمِ والثُّكْل واليُتْم والتهجير، والهروب إلى غير وِجْهةٍ في الفيافي والقفار، بلا مأوى ولا غِذاءٍ ولاَ غطاء.. هذه الحوادثُ تَفرِضُ فرضًا على أصحاب القرار النافذ والمؤثرِ في مجريات الأحداث، أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملةً أمامَ الضَّمِيِر العالمي والإنساني، وأمامَ التاريخِ، (بل أمام الل

الأول163316351637الأخير