30 سبتمبر, 2022

خطيب الجامع الأزهر: ميلاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان باعثا لكل معاني الحب والإخاء والتعايش

خطيب الجامع الأزهر: ميلاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  كان باعثا لكل معاني الحب والإخاء والتعايش

الاحتفال بميلاده صلى الله عليه وسلم  يجمع الأمة ولا يفرقها ويوحد الجهود ولا يشتتها

التاريخ أفرد صفحاته للأعمال الجليلة التي قام بها محمد صلى الله عليه وسلم بالقدر الذي لم يتحه لغيره

 

    ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، ودار موضوعها حول "الاحتفال بالمولد النبوي الشريف".

 في بداية الخطبة قال الدكتور الهواري: إن الابتهاج والاحتفال الذي يتجدد مع إطلالة شهر ربيع الأول كل عام بميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  من المظاهر الهامة والدالة على تعظيمنا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما الانقسام بين الناس في الاحتفال إلى فريقين فهو درب من دروب تشتيت هذه الأمة والهائها عن جادة الصواب، وكيف ننكر الاحتفال بميلاد رجل لم تعرف البشرية أعظم ولا أكمل منه، والمتأمل في حديث وكتابات المؤرخين والفلاسفة، يجد أنهم اعترفوا بعظمة ومكانة نبينا صلى الله عليه وسلم وفضله على البشرية جمعاء، وإن كان هذا يعد من باب الإنصاف الذي انتهجه هؤلاء في كل ما كتبوه، لكنه دليل على أن تأثير نبينا صلى الله عليه وسلم كان كبيرًا لدرجة أنه لم يستطيع حتى هؤلاء غير المؤمنين برسالته أن يغفلوا هذا الفضل، كما أنها من جانب آخر مدعاة لنا أن نفخر بنبينا صلى الله عليه وسلم، وذلك لم يكن لشيء أكثر من أن رسالته صلى الله عليه وسلم جاءت حاملة كل معاني الحب والإخاء والتعايش، وهو المنهج الذي أسس عليه النبي صلى الله عليه وسلم لحضارة الإسلام، فلم تعرف البشرية يومًا رسالة تتسم بكل معاني الإنسانية مثل ما جاءت به رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. 
وأضاف خطيب الجامع الأزهر، إن الناس كانت قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  متفرقة ومتشرذمة، يبطش القادرون بغيرهم ظلمًا وعدوانا، لكنه صلى الله عليه وسلم هدى الناس إلى القيم النبيلة والمثل العليا التي دفعتهم للتعاون والتعايش وفق نهج إنساني يصون للجميع كرامته ويحفظها من الامتهان، وكانت تعاليمه في هذا للمسلمين وغيرهم على السواء، فكانت وصايته دائما بالضعفاء دون النظر إلى عقيدتهم. 

وأوضح الهواري، يجب أن نستغل ذكرى ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لاستقراء سنته صلى الله عليه وسلم لنستجلب كل المعاني الراقية في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة، هذه المعاني التي صنعت حضارة وأمة تشهد البشرية كلها بفضلها حتى الآن، ولكي نعالج من أصاب واقعنا من شروخ في بنيانه الاجتماعي ونسقه الأخلاقي، لنصير على الطريق التي رسمها لنا رسولنا الكريم في غير عوج، لأنه أراد لنا التقدم والحضارة وهذا لا يكون إلا باستعادة هذه المبادئ التي رسمها لنا رسولنا الكريم  صلى الله عليه وسلم، لأن أكثر ما يفرحه صلى الله عليه وسلم أن يرى أمته تسير وفق ما ارتضاه الله لها من كونها أمة ذات خيرية على سائر الأمم.
وبين خطيب الجامع الأزهر، إن احتفالنا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم هو احتفال بكوننا أتباعا هذا النبي الذي تعرف البشرية فضله ومكانته والذي أفرد التاريخ صفحاته لأعماله الجليل بالقدر الذي لم يتحه لغيره من البشر، وهو لأن رسالته جاءت متكاملة في كل شيء فبجانب كونها عقيدة سمحة لا تعرف الغلو ولا التطرف، لكنها في ذات الوقت دستور ومنهج للحياة في كل جوانها، لذلك بنت كثير من البلدان نهضتها على ما تضمنته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن الفارق يظهر في كونها اتخذتها شعارات لتوجه بها دفتها نحو الرقي والتقدم ، أما نحن أمة الإسلام فإن تعاليم هذه الرسالة هي جزء من عقيدتنا، لكننا لم نحسن استغلالها فصرنا إلى ما نحن عليه الآن.
وفي ختام الخطبة قال الهواري، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا علينا في كل شيء لذلك جاءت رسالته مشتملة على أسس متكاملة لتشييد بناء مجتمعي متماسك ‏الأركان، يقود البشرية نحو آفاق العدل والمساواة، وهو ما يجب أن نرتكز عليها في حياتنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لن يرضى لنا غير ذلك سبيلًا.

قراءة (2768)/تعليقات (0)

كلمات دالة:
الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية
أمة واحدة

الإمام الأكبر للشعوب الأوروبية والمسلمين : المواطنة الكاملة لا تتناقض مع الاندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن المواطنة الكاملة لا تتناقض أبدا مع الإندماج الذي يحافظ على الهوية الدينية وإنه قد آن الأوان لننتقل من فقه الأقليات إلى فقه الإندماج والتعايش الإيجابي مع الآخرين  ، وإن العولمة مثلت مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي ولابد من استبدالها بـ"العالمية" ، مؤكدا أن عالمية الإسلام تنظر إلى العالم كله على أنه مجتمع واحد تتوزع فيه مسئولية الأمن والسلام على الجميع .

جاء ذلك في كلمته خلال إطلاقه الملتقي الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب بالعاصمة الفرنسية باريس.

وفيما يلي نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

..   ..     ..

 

الحمد لله والصــلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

 

السـادة الأجـلاء من أهل العلم والفكر والسياسـة ومن رجال الدين

 

الســــلام عليكـــم ورحمـة الله وبـــركاته؛

فيسرني باسمي وباسم مجلس الحكماء أن أرحب بكم هنا على أرض فرنسا وفي عاصمتها العريقة، عاصمة الأدب العالمي والفكر الحر، ومهد الثورة الكبرى التي انطلقت من أرضها الثائرة على الظلم والقهر، منذ أكثر من قرنين، وبإرادة شعبها الذي حرر أوروبا من أغلالٍ وقيودٍ كبَّلتها قرونًا طوالا،  واستعبدتها مرة باسم السلطان، وأخرى باسم الدَّين، وثالثةً باسم الإقطاع، حتى باتت الثورةُ الفرنسية مَعْلمًا من أهم معالم التاريخ ومرجعًا لفلسفة الحرية والحضارة، وتنوير العقل الأوربي وانتشاله من طَورِ الرُّكود والجمود إلى التحليق عاليًا في آفاق الإبداع والعلم والثقافة والفنون.. وحتى باتت أوروبا المعاصرة بكل ما تَزخَرُ به من تقدم مذهلٍٍ في العلم والمعرفة والرقي الإنساني، والديمقراطية وحقــوق الإنســـان، مدينة للثــورة الفرنسية، ولفرنسا والفرنسيين.. فتحيةً لهذا البلد، وتحيـــةً لأهله، ولكلِّ محبي الســلام والعدل والمســاواة بين الناس.    


 أيها الســــادة!

هذا هو اللقاء الثاني بين حكماء الشرق وحكماء الغرب ..، بعد اللقاء الأول الذي عُقد في مدينة فلورنسا، مدينة الحوار والفن والثقافة: في الثامن من يونيو من العام الماضي (8 يونيو 2015م)، والذي أظلَّه  –حينذاك- أملٌ قويٌ في ضرورة أن يبحث حكماء الغرب وحكماء الشرق عن مخرج من الأزمة العالمية التي وصفْتُها في كلمتي في فلورنسا بأنها «إن تُركت تتدحرج مثلَ كرة الثلج فإن البشرية كلَّها سوف تدفع ثمنها: خرابًا ودمارًا وتخَلُّفًا وسَفْكًا للدِّماء؛ وربما بأكثر مما دفعته في الحربين العالميتين في النصف الأول من القرن الماضي»، ولم تمضِ شهورٌ ستَّةٌ على هذا التخوَّف الذي شابته مسحة من التشاؤم، ربما غير المشروع، حتى شهدتْ باريس الجميلة المتألقة، ليلةً سوداء، فَقَدَت فيها من أبنائها قَرابةَ مائة وأربعين ضحية، سُفِكَت دماؤُهم في غَمْضةِ عين، إضافة إلى ثلاثةِ مائة وثمان وستين آخَرين، في حادثة إرهاب أسود لا يختلف اثنان في الشرق ولا في الغرب في رفضه وازدراء مُرَّتكِبِيِه، وتنَكُّبهم للفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية وكل تعاليم الأديان والأعراف والقوانين..

ولعلكــم تتفقــون معي في أن هذا الحادث الأليم، ومثلُه حوادثُ أخرى دموية وقعت في بلجيكا، بل حوادث أشدُّ دمويةً وأكثر وحشيةً، تحدُث كل يوم في الشرق الذي غَرِقَ إلى أذنيه في مستنقعات الدَّمِ والثُّكْل واليُتْم والتهجير، والهروب إلى غير وِجْهةٍ في الفيافي والقفار، بلا مأوى ولا غِذاءٍ ولاَ غطاء.. هذه الحوادثُ تَفرِضُ فرضًا على أصحاب القرار النافذ والمؤثرِ في مجريات الأحداث، أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملةً أمامَ الضَّمِيِر العالمي والإنساني، وأمامَ التاريخِ، (بل أمام الل

الأول163316351637الأخير