في بلاد العلم اليوم رجال من كبار العقول لا يتقيدون بفلسفة مقررة محددة، ولكنهم يأخذون بأحسن ما يجدونه في جميع الفلسفات، ذهابًا منهم إلى أن الحقائق المطلقة لا يمكن أن تكون وقفًا على واحدة منها، وأن أسلوبًا واحدًا من البحث لا يصح أن يحتكر كل طرق الوصول إليها.
نزعة جديدة في الإخلاص للحقائق لم تنجل على أكمل حالاتها إلا لدى مفكري القرن التاسع عشر بعد أن أدرك العقل اللغوب من جراء التقيد بالتقاليد المذهبية والتعصب لأصولها ووجهات نظرها، فكان أوجه أسلوب لدى هؤلاء المجددين أن لا يتقيدوا بوجهة نظر واحدة، وأن لا يجمدوا على أصول مقررة قد تصدهم عن النظر إلى ما هم بسبيله من ناحية قد تناقض تلك الأصول، وتتفق ووجهة نظر أخرى لفلسفة أخرى.