26 يوليه, 2016

اندماج المسلمين في ألمانيا - إلى أين؟

اندماج المسلمين في ألمانيا   -  إلى أين؟

ازداد القلق الغربيَّ مؤخرًا على مستقبل أوروبا وثقافتِها وحضارتِها بسبب تزايد أعداد المسلمين في الآونة الأخيرة نتيجة الهجرة الشرعية وغير الشرعية للمسلمين، الأمر الذي اعتبره بعض الساسة  خطرًا حقيقيًا يهدِّد الكيان الأوروبي وثقافته، ولا تزال هناك الكثير من الدراسات الأوروبية والأبحاث التي تتناول الانتشار الإسلامي الكبير في الماضي والحاضر، والتي يبث بعضها مخاوفًا في قلوب الكثيرين من سكان أوروبا من أن تصبح هذه القارة خاضعة للدين الإسلامي وشريعته بعد أن كانت قد حسمت قضية الدين بعد معاناتها منه في العصور الوسطى المؤلمة. وقد ترجم البعض هذه المخاوف بدرجات مختلفة؛ فمنهم من اكتفى بالشجب ومنهم من انتمى إلى الأحزاب المتطرفة وخرج معها في احتجاجات تنادي بمنع الحجاب والآذان وتشييد المآذن، ومنهم من قام ببعض الممارسات المتطرفة تجاه اللاجئين والمسلمين. ومما لا شك فيه أن ألمانيا تعاملت مع الموقف بإيجابية كبيرة، فبدلاً من أن تأخذ مواقف معادية تجاه المسلمين الألمان وغير الألمان، قامت بخطوة إيجابية وهي محاولة تعليم الشباب الألماني الدين الإسلامي الصحيح وبشكل مُبسط، حتى لا تتركهم غنيمة لأفكار التطرف التي تعاني منها ألمانيا بل وأوروبا كلها بل والعالم الإسلامي ذاته، فقامت بضخ الكثير من الأموال لتدريس الإسلام في المدارس والجامعات بجانب التأكيد المستمر على حرية المسلمين في ممارسة شعائرهم، وحثهم على الاندماج في المجتمع الأوروبي، وهو اعتراف ضمني بقدرة الدين الإسلامي أو معتنقيه على حل المشاكل التي تواجه العالم الإسلامي قبل الغربي. وهي بذلك تقوم بالترويج للإسلام كــ (دين) وللمسلمين حتى يتقبله الألمان بدون أي تصادم كما يعمل على تسهيل عملية الاندماج على المسلمين أنفسهم، هذا لأن هناك دراسات أوضحت أن أغلبية الألمان ليست لديهم علاقات شخصية مع المسلمين في ألمانيا، برغم عقود من العيش المشترك. فقد أشارت الدراسة التي أعدها معهد "يوغوف" بطلب من وكالة الأنباء الألمانية أن هناك 82% من الألمان غير المسلمين لا تربطهم أية علاقات بالمسلمين. كما أوضحت الدراسة أن نسبة الألمان الحاصلين على تعليم أكاديمي تربطهم علاقات أكثر بالمسلمين، فيما تنحدر هذه النسبة لدرجة الانعدام بين أصحاب التعليم المتوسط. وأشارت الدراسة أن واحدًا من كل اثنين شملهم الاستطلاع لا يعرف سوى القليل عن الإسلام. كما أن خمُس من أُجري عليهم الاستطلاع ليس لديهم معرفة إطلاقًا بالإسلام. وبعكس ذلك فقد أظهر الاستطلاع أن حوالي 68% من المسلمين يعرفون الديانة المسيحية معرفة جيدة.
ولنذكر تصريحات"بيكم آجي"، المدير التنفيذي لمعهد دراسات الثقافة والدين بجامعة جوته عن الإسلام، والذي قال إن تاريخ الإسلام سوف يُدرَّس، إذ لا تقتصر الدراسة فقط على علوم القرآن والإسلام في الوقت الحاضر، وأنه لابد من تكثيف هذه الدراسات في السنوات المقبلة، وأضاف أنه ينبغي على المسلمين أن يكونوا قادرين على وضع النصوص في نصابها الصحيح، كما ينبغي أن تطوَّر "دراسة الإسلام في ألمانيا"، وهو الإسلام الذي يساعد الناس على توضيح الحقائق ويرد على ما يعنّ لهم من أسئلة. هذه الدراسات وغيرها من الأبحاث الموضوعية ستساهم بلا شك في تضييق فجوة التفاهم والتعايش بين المُجتمع الألماني من ناحية والعرب والمُسلمين الوافدين أو اللاجئين من ناحية أخرى ، خاصًة عندما تُبرز الدراسات أن الدين الإسلامي يعترف بالديانات السماوية ويحترمها جميعًا، وأن المسلمين مأمورون بالبحث دوما عن الحكمة وهم أحق الناس بها، وأنهم من الناحية الإسلامية التاريخية يتوجب عليهم الاندماج في الثقافات طالما كانت تحترم مباديء الإنسانية وحقوق البشر ولا تعارض ممارسة الدين وشعائره.
وانطلاقًا من الدراسات التي تتصل بهذا الأمر، والتي أثبتت –كما ذكرنا سلفًا- أن هناك 82% من الألمان غير المسلمين لا تربطهم أية علاقات بالمسلمين، أرى أن عملية الاندماج ليست صعبة على المسلمين المُعتدلين،  بل على ممن لم يقرأوا الإسلام بعيون التسامح والانفتاح والتعايش وما رسخه من قيم إنسانية عامة، وعلى الجانب الآخر هناك عدد لا بأس به من الألمان استطاع الفصل بين دين يدعوا إلى قيم العدالة والسماحة والتعايش وبين قلة منحرفة الأفكار أساءت لتك القيم وللأديان جميعها.

وحدة رصد اللغة الألمانية

 

قراءة (4183)/تعليقات (0)