Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - عدو قديم يعود لزعزعة الأمن في باكستان
السبت 05 07 2025 23 24 32 | 05 يوليو 2025 م

عدو قديم يعود لزعزعة الأمن في باكستان
Sameh Eledwy

عدو قديم يعود لزعزعة الأمن في باكستان

تصاعد جديد لهجمات جماعة حافظ جول بهادر المسلحة

     تواجه باكستان منذ سنوات تهديدات متكررة من تنظيمات إرهابية متطرفة تتخذ من أراضيها ملاذًا ومسرحًا لتنفيذ أجندات دموية تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي. هذه التنظيمات، التي تتنوع في انتماءاتها وأهدافها، تستهدف المدنيين الأبرياء ورجال الجيش والشرطة على حد سواء، وتعدّ من أبرزها: جماعة "طالبان باكستان"، و"داعش خراسان"، و"حركة الأحرار الباكستانية"، و"جيش تحرير بلوشستان"، و"جبهة تحرير البلوش"، و"لشكر محمد"، و"حافظ جول بهادر" التي سنسلط الضوء عليها في هذا المقال.

من هو حافظ جول بهادر؟

ينتمي (حافظ جول بهادر) إلى قبيلة وزير، وقد تلقى تعليمه الديني في إحدى المدارس الديوبندية بمدينة "ملتان"، وتربطه علاقة فكرية وعلمية بجماعة "علماء الإسلام" في وزيرستان الشمالية بقيادة (مولانا فضل الرحمن). انخرط (بهادر ) في العمل السياسي من خلال عضويته في الحزب، قبل أن ينشق عنه لاحقًا ويشكّل جماعة مسلحة تحمل اسمه.

الجذور الفكرية والتنظيمية للجماعة

انضم جول بهادر إلى طالبان أفغانستان خلال حكمها الأول لأفغانستان عام 1994م،  وبرز اسمه للمرة الأولى في المشهد الجهادي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث رفض وجود القوات الأجنبية على الحدود الأفغانية–الباكستانية. أسس تنظيمًا محليًّا ضم عددًا من المقاتلين القبليين، ولقّب حينها بـ"طالبان الطيبة" (Good Taliban) لابتعاده عن استهداف الجيش الباكستاني وتركّزه على حماية الحدود.

علاقة بهادر بحركة طالبان والقاعدة

نشأت بين (جول بهادر) و(سراج الدين حقاني)، نائب زعيم حركة طالبان الأفغانية، علاقة وثيقة، ما ساهم في تحوّل شمال وزيرستان إلى ملاذ آمن لمقاتلي طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة. ومن هنا بدأت الجماعة تلعب دورًا مزدوجًا: التستر على الجماعات العابرة للحدود وتنفيذ هجمات محلية عند الضرورة.

التوتر مع الحكومة الباكستانية

في ظل جهود الحكومة لفرض سيادتها على المناطق القبلية، دخلت الجماعة في مواجهة مع الجيش الذي أطلق أولى عملياته العسكرية في شمال وزيرستان عام 2004م. ثم توالت المواجهات، حتى تم التوصل إلى اتفاق سلام في 2006، وافق عليه (بهادر) لحماية معاقل المتشددين. لكن الاتفاق انهار لاحقًا عام 2008 بسبب استمرار الغارات الأمريكية وعمليات الجيش، ما دفع (بهادر) للتهديد بنقل المعركة خارج المنطقة القبلية.

هروب زعيم الجماعة إلى أفغانستان

عندما شنت القوات الباكستانية عملية "ضرب العدو" في يونيو 2014، استهدفت معاقل الجماعة في منطقة "داتا خيل" شمال وزيرستان، ففر (جول بهادر) إلى ولاية خوست الأفغانية، حيث واصل التخطيط والدعم لعمليات جماعته من هناك.

تصاعد عمليات حركة حافظ جول بهادر في 2023 و2024

جدير بالذكر أن بهادر كان يصف أي هجوم على قوات الأمن في شمال وزيرستان بأنه مؤامرة ضد المسلحين، وأن الهدف من وجود الجماعات والتنظيمات المسلحة في المنطقة القبلية هو حماية الحدود الأفغانية، ورفض الغزو الامريكي للبلاد. إلا أنه كان المسؤول الأول بالمنطقة الحدودية  "شمال وزيرستان" عن توفير ملاذات آمنة لمقاتلي القاعدة وطالبان الأفغانية على الحدود الباكستانية الأفغانية، وزعزعة أمن البلاد واستقرارها عبر الحدود على مدار سنوات كثيرة في الخفاء دون أن تتبنى بشكل مباشر عملية إرهابية، لتظهر إلى العلن في عام 2023م، والذي شهدت فيه باكستان زيادة في العمليات الإرهابية بنسبة 34 % في 63 هجوم إرهابي، مما أسفر  عن مقتل 37 ضابطًا من ضباط إنفاذ القانون، وأعلنت جماعة حافظ جول بهادور المسلحة مسؤوليتها عن أغلب العمليات الإرهابية، وقد تسببت تلك الجماعة خلال العامين الماضيين في تصاعد وتيرة الإرهاب في البلاد، ومن أبرز هجماتها:

  1. نوفمبر 2023:  تفجير انتحاري في منطقة باكاخيل، بانو.
  2. مارس 2024 : هجوم على موقع عسكري في وزيرستان، أسفر عن مقتل 7 جنود.
  3. يوليو 2024:  تفجير انتحاري استهدف قاعدة عسكرية في شمال غرب البلاد، أودى بحياة 8 جنود.
  4. نوفمبر 2024 : هجوم دموي في بانو (خيبر بختونخوا) أسفر عن مقتل 12 جنديًّا.

إدراج الجماعة في قائمة الإرهاب

أُدرجت جماعة جول بهادر رسميًّا ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية في 25 يوليو 2024 من قِبل الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب، غير أن ذلك لم يثنها عن مواصلة هجماتها، ما اضطر الجيش الباكستاني إلى تنفيذ ضربات جوية على قواعد مسلحة تابعة لحركة "طالبان باكستان" داخل الأراضي الأفغانية، وتستهدف فصيل "حافظ جول بهادور" المسؤول عن تنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية داخل باكستان، والتي راح ضحيتها المئات من المدنيين ورجال الأمن الباكستانيين.

الموقف الباكستاني

ومن جانبه، صرح الجيش الباكستاني أن هذه المنظمة تعمل مع أفغانستان؛ لتنظيم أعمال إرهابية داخل باكستان، وأكد أن القوات المسلحة الباكستانية... ستتخذ كل الإجراءات التي تراها لازمة لمواجهة هذه التهديدات الواردة من أفغانستان. ورغم أن باكستان تعاني كثيرًا من الهجمات الإرهابية على الحدود الأفغانية، إلا أنها أولت جارتها الشقيقة أهمية قصوى لحفظ أمنها وسلامها الإقليمي، وأعطت الأولوية دائمًا للحوار والتعاون لمواجهة التهديد الإرهابي، ومع إصرار  أفغانستان المستمر رفض اتهامات ومزاعم الجيش الباكستاني، لجأت باكستان إلى  شن غارات جوية لمكافحة الإرهاب على حدود أراضيها.

هذا، وتؤكد وحدة الرصد باللغة الأردية أن جماعة جول بهادر تمثل تهديدًا أمنيًّا جسيمًا. لكن الدولة الباكستانية تُظهر قدرة متنامية على التصدي لهذا التحدي من خلال إستراتيجية شاملة تجمع بين العمليات العسكرية، والمعلومات الاستخباراتية، والتنمية الاقتصادية للمناطق المتضررة. ويُعد هذا النهج المتوازن السبيل الأمثل لاجتثاث الإرهاب من جذوره وبناء باكستان آمنة ومستقرة.

 

الموضوع السابق الإرهاب يطرق أبواب "بنين".. ومطلوب تحرك إقليمي عاجل
الموضوع التالي نيجيريا: مقتل جنود واستيلاء على آليات في هجوم جديد على قاعدة عسكرية
طباعة
380

حقوق الملكية 2025 الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg