للأشهر الحرم فضائل كثيرة، وحرمة على سائر الشهور، وقد بيَّنَها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري عن أَبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ، أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ألا إنَّ الزمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خلق اللهُ السمواتِ والأرضَ السنةُ اثنا عشرَ شهراً منها أربعةٌ حُرُمٌ ثلاثةٌ مُتوالياتٌ ذو القعدةِ وذو الحجةِ والمحرمِ ورجبُ مضرَ الذي بين جمادى وشعبانَ).
واختُصت الأشهر الحرم بخصائص كثيرة ميَّزتها عن بقية الأشهر الأخرى، منها:
1- فيها الفضلُ الكبير، فاللهُ يُضاعِفُ لعباده الأجرَ والثواب، كما يُضاعف الإثمَ والذنبَ، لعظمةِ هذهِ الأشهر.
2- حرمة القتال فيها قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ( . البقرة: ٢١٧.
3- تشديدُ حرمةِ الظلم فيها قال تعالى: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم) التوبة: ٣٦.
4- اشتمالُ الأشهر الحرم على فرائضَ وعباداتٍ موسمية ليست في غيرها واجتماع امهات العبادات في هذه الأشهر. وهي الحج، والليالي العشر من ذي الحجة، ويوم عرفة، وعيد الأضحى، وأيام التشريق، ويوم عاشوراء، وليلة الإسراء والمعراج- على المشهور-.
وفُضِّل شهر ذي الحجة بفضائل منها:
1- هو الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الحرم التي نهى الله عن الظلم فيها تشريفاً لها، وهو الشهر الذى تؤدى فيه فريضة الحج.
2- يشتمل على أفضل الأيام، فالأيام العشرة الأولى أفضلُ أيام السنة، لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيرها من أيام السنة فقد اقسم الله تعالي بهذه الليالي فقال تعالى: (وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: ١ – 2]. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. أخرجه الترمذي.
3- أيامه هي الأيام المعلومات المقصودة في الآية الكريمة : (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) [الحج: ٢٨]. فهي أيام شهر ذو الحجة.
فينبغي على المسلم استغلال هذه الأشهر المباركة بصنوف الطاعات فينبغي عليه الإكثار من العمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات، والمبادرة إليها والمواظبة عليها ليكون ذلك داعيًا لفعل الطاعات في باقي الشهور.
وأن يغتنمَ المؤمنُ العبادة في هذه الأشهر التي فيها العديد من العبادات الموسمية كالحج، وصيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء، ويُستحَبُّ الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ» أخرجه مسلم
وأن يترك الظلم في هذه الأشهر لعظم منزلتها عند الله، وخاصة ظلم الإنسان لنفسه بحرمانها من نفحات الأيام الفاضلة، وحتى يكُفَّ عن الظلم في باقي الشهور.
وعلى المسلم الإكثار من إخراج الصدقات في هذه الأشهر المباركة.
نسأل المولى عز وجل أن يجعلنا وإياكم ممن يعظمون ما عظَّم الله، وأن يوفقنا وإياكم لكل خير.