فتاوى معاصرة

14 يونيو, 2020

ارتداء الكمامة الدَّوَّارة لا يجوز، وإعادة بيع الكمامات بعد استخدامها جريمة

الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلىٰ سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وَعَلَىٰ آله وصَحْبِه ومَن والَاه.

وبعد؛ فقد أكدّ مركزُ الأزهر العالميُّ للفتوىٰ الإلكترونية مرارًا وتَكرارًا وجوب الالتزام بإرشادات الوقاية التي حددتها الجهات المختصة في مواجهة فيروس كورونا (كوفيد - 19)، وتحريم السلوكيات الخاطئة التي من شأنها أن تؤدي إلىٰ تفشي الوباء، وزيادة أعداد المصابين به؛ دفعًا للضرر، وحفظًا للنفس التي عظَّم اللهُ حُرمتها، وجعل إحياءها كإحياء الناس جميعًا، فقال: {..وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..} [المائدة:113]، وعملًا بقوله سبحانه: {..وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَىٰ التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

وقد كان من بين هذه الإجراءات الوقائية ارتداء قِناع الوجه الطبي «الكمامة الشّخصية» في الأماكن العامة، والمصالح الحكومية، ووسائل النقل والمواصلات، وغيرها من أماكن الاختلاط.

إلا أن بعض الناس تساهل واستخف بهذه الإجراءات الوقائية، ولجأ إلىٰ سلوكيات مُشينة تزيد انتشار الوباء، ولا تلحق الضرر به فحسب؛ بل تضر المجتمع كله، منها:

- إعارة القناع الطبي «الكمامة»، واستعارته أمام المصالح والهيئات التي تشترط ارتداءه لإتمام خدماتها وتعاملاتها فيما يُعرف بـ «الكمامة الدَّوَّارة».

- تأجير الأقنعة الطبية «الكمامات» بعد استعمالها بمقابل أو إعطاؤها للغير دون مقابل.

- تجميع الأقنعة الطبية «الكمامات» المُستخدَمة، وبيعها مرة أخرىٰ.

ولا شك هذه سلوكيات محرمة شرعًا مرفوضة عُرفًا؛ لما يترتب عليها من الضّرر والإضرار، وسيدنا رسول الله ﷺ يقول: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ» [أخرجه الحاكم].

ولمِا تحتوي عليه -علاوة علىٰ ما بها من ضرر- من غشٍّ، وتدليس، وأكلٍ لأموال الناس بالباطل، وهي جرائم وآثام قال فيها الحقُّ سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، وقال ﷺ: «مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي» [أخرجه مسلم].

لهذا؛ يؤكد مركزُ الأزهر العالمي للفتوىٰ الإلكترونية حرمة هذه الأفعال وإثمها، كما يؤكد حرمة استغلال حاجة الناس برفع أسعار الأقنعة «الكمامات» والمستلزمات الطبية أو احتكارها.

واللهَ نسأل أنْ يُعاملنا بلطفه وإكرامه، وأن يجود علينا بفضله وإنعامه، وأن يُحسِّن أخلاقنا، وأن يهدي قلوبنا، وأن يرفع عنا الوباء والبلاء؛ إنّه سبحانه لطيفٌ خبيرٌ.

وَصَلَّىٰ اللهُ وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، والحَمْدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ.


كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.