فكر و أديان

30 أبريل, 2018

مسجد القبلتين

     من المعالم الإسلامية المعروفة، والتي يتوافد عليها الحُجَّاجُ والمعتمرون بالزيارة (مسجد بني سلمة) والمعروف بـ(مسجد القبلتين)، وهو يقع في الجهة الغربية من المدينة المنورة في منطقة بني سلمة، وسُمِّيَ بهذا الاسم بسبب تلك الحادثة العظيمة التي وقعت فيه، ألا وهي تحويل القبلة.
فقد أمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى بيت المقدس في الصلاة، وقد امتثل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه الكرام لهذا الأمر الإلهي، لكن ظَلَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم يتمنى أن تكون قبلته إلى الكعبة المشرفة، ومع هذا التمني، ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف أمرَ الله عز وجل؛ قال تعالى على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15].
وقد استجاب الله تعالى لنبيه، وحقق أمنيته صلى الله عليه وسلم، ونزل قول الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: 144]. فأذِن تعالى بتحويل وجهة المسلمين في الصلاة إلى المسجد الحرام.
وقد حدث ذلك وهو يصلي صلاة الظهر في مسجد بني سلمة بعد أن صلى ركعتين، ثم جاءه الأمر بالتحول إلى جهة المسجد الحرام، فامتثل بمجرد نزول الأمر إليه وهو في صلاته.
جاء في تفسير القرطبي: «نَزَلَ ذَلِكَ [الأمر بتحويل القبلة] عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ بَنِي سَلِمَةَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، فَتَحَوَّلَ في الصلاة، فسمي ذلك الْمَسْجِدُ مَسْجِدَ الْقِبْلَتَيْنِ» تفسير القرطبي (2/ 148،149).
وقد كانت حادثة تحويل القبلة بمثابة الاختبار حتى يتبين المؤمن صادق الإيمان من الذي يستغل هذا الحدث ويثير حوله الشبهات { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143]
وقد كانت قبلة الكثير من الأمم السابقة والعديد من الأنبياء السابقين هي المسجد الأقصى، وكذلك هو قبلة المسلمين الأولى، وهذا دليل على أن الإسلام كما هو ديننا فهو دين الأنبياء السابقين؛ قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].
كما أن أمر تحويل القبلة يشير إلى تميز الأمة الإسلامية على مَن سبقها من الأمم؛ قال تعالى في معرض الرد على بعض ضعاف العقول ممن يتساءلون في سخرية عن أمر تحويل القبلة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 142، 143].


كلمات دالة:

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.