الأم سبيل الأبناء إلى الجنة

  • | الأربعاء, 2 مايو, 2018
الأم سبيل الأبناء إلى الجنة

     يبحث الناس عن طريق سريع يوصلهم إلى جنة الخلد وربما لا يعلم كثير منهم أن الجنة بين يديه، جنة جعلها الله في الأرض، رحمة بلا حد، عطف وقوة أودعهما الله في نفس واحدة، عن معان عظيمة ليس من اليسير حصرها تكمن جميعها في حرفين اثنين في شخص خلقه الله عز وجل وسماه أُمًّا؛ فالأم هي من أحاول أن أتحدث عنها الآن وأرجوا أن أوفق في الحديث الذي وإن طال فلن يمنحها حقها.
الأم عطاء لا ينضب ومنح بلا انتظار مقابل؛ فالأم لأبنائها منبع للمحبة والمودة ومهما حاول أبناؤها أن يردوا عطاءها فلن يستطيعوا ذلك ولو بما يوازى قليل القليل من العطاء، فهي نهر فياض بكل حب بكل حرص، ولو لم تكن الأم كذلك لما وصى عليها النبي صلى الله عليه وسلم مكررًا؛ فقد جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: (مَن أَحَقُّ الناسِ بحُسنِ صحابتي ؟ قال: " أمُّك " قال: ثم من؟ قال: " أمُّكَ " قال: ثم من؟ قال: "أمُّكَ " قال : ثم من ؟ قال: "أبوك " متفق عليه
فهي التي حملت طفلها كرهًا تسعة أشهر وأنجبته بتعب ومشقة وأرضعته أشهرًا أخرى، وكل هذا كان بمحبة منها لما جعله الله لها لتكون أمًّا ورغم كل الألم الذي تجده أثناء ولادتها إلا أنها تحب ذلك وترجوه وتحافظ على أبنائها وتربيهم سنوات حياتهم معها، وكل هذا يوجب على أبنائها برَّها والامتنان والشكر والتقدير والرعاية؛ فقد وصى الله سبحانه بذلك في قوله تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) [الإسراء 23] ؛ فالابن البار يصون أمه ويقدرها، ولا يتعامل معها بأسلوب خارج عن الأدب حتى ولو بكلمة تؤذي مشاعرها وحتى لو بنظرة غير مقبولة.
وهي من تحدث عنها الشعراء، فقال فيها الإمام الشافعي
وَاخْـضَـعْ لأُمِّــكَ وَارْضِـهَـا فَعُقُـوقُـهَـا إِحْـدَى الكِبَــرْ
وقال فيها حافظ ابراهيم
الأُمُّ مَـدْرَسَــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَـهَـا أَعْـدَدْتَ شَعْبـًا طَيِّـبَ الأَعْـرَاقِ
الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَـعَهَّـدَهُ الحَـيَــا بِـالـرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّـمَـا إِيْــرَاقِ
الأُمُّ أُسْـتَـاذُ الأَسَـاتِـذَةِ الأُلَـى شَغَلَـتْ مَـآثِرُهُمْ مَـدَى الآفاقِ
وهناك الكثير من الأمثلة التي عرفناها من السِيَر السابقة عن أمهات كن قدوة ومثلًا يحتذى به إلى يومنا هذا، فكانت السيدة هاجر أم اسماعيل مثالًا للأم المثابرة التي كانت بابنها الصغير في صحراء مكة وتحاول المحافظة على حياته حال فقدها للماء، وكيف سعت من الصفا إلى المروة ذهابًا وإيابًا حتى مَنَّ الله عليها وعلى المسلمين كافة بخروج ماء زمزم الذي كان جزاء يليق بذات الله لها على رعايتها ومحاولتها للحفاظ على حياة طفلها، ومثال آخر لأم ضربت المثل والقدوة في الصبر والجلد والحفاظ على الدين وضحت بأبنائها في سبيل الله وهي أم الشهداء الأربع الخنساء أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث، والكثيرات من الأمهات ممن عرفنا عنهم أو لم نعرف كن مثالًا للتأسي بهن وكن ممن تجدر الإشادة بهن.
فمن الطيب لكل ابن أن يطيع أمه التي حملته وهنًا على وهن وقامت على تربيته ورعايته، وبرها ومعاملتها بالمعروف والإحسان إليها وعدم الجور عليها، وألا يتلفظ معها بما يؤذيها ولا ينظر إليها نظرة رفض أو ضجر؛ فبر الأم يوازي الجهاد كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رجل وقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَالْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا».

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
2.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.