الصوم والشكر

  • | الخميس, 24 مايو, 2018
الصوم والشكر

الصيام يربي في الإنسان فضيلةَ الشُّكر، فحينما يتذوق الصائم طعمَ الشبع بعد الجوع يُدرك نعمة الله تعالى عليه فيشكرها، وبالشكر يُخلف الله علينا بالمزيد؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم:7].
والشكر من أجلِّ الفضائل التي تقرِّبُ الإنسانَ من مولاه، فمعناه تصوُّرُ النّعمةِ وإظهارُها، وعرفان العبد إحسانَ الله تعالى إليه، والشكر من الله المجازاة والثَّنَاءُ الجَمِيلُ على العبد، ولهذه المنزلة الجليلة للشكر عند الله تعالى قرنه تعالى في القرآن الكريم بالإيمان الذي هو أصل الدين، ومداره؛ فقال: ﴿ما يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وآمَنْتُمْ﴾ [النساء:147]، فقرن الشكر بالإيمان ورفع بوجودهما العذاب، فمَنْ صام لله عز وجل إيمانًا واحتسابًا وقرن صومَه بالشكر لله رب العالمين كان في مأمنٍ من عذاب الله في الدنيا والآخرة.
ولِعِظَمِ مقامِ الشكر عند الله، وعُسره على النفوس، وشدَّتِه على العباد لَمْ يستطع القيامَ بحقه إلا القليل من الناس، فبيَّنَ ذلك الله سبحانه وتعالى في كتابه حين قال: ﴿وقليلٌ مِنْ عِبادي الشَّكُورُ﴾ [سبأ:13].
وقد رُوي في تفسير قوله تعالى على لسان إبليس -لعنه الله-: ﴿لأقْعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ الْمُسْتَقيمَ﴾ [الأعراف: 16]، أنه طريقُ الشكر، فلولا أن الشكر طريق يوصل إلى الله تعالى لما عوَّل العدوُّ على قطعه، ولولا أن الشاكرَ حبيبُ ربِّ العالمين ما نقصه إبليس اللعين في قوله تعالى: ﴿ولا تَجِدُ أكْثَرَهُمْ شاكِرينَ﴾ [الأعراف:17]. انظر: قوت القلوب لأبي طالبٍ المكيِّ.
ولما كان من صفات الله تعالى أنه حكيمٌ في أفعاله، فلا يصدُر منه حكمٌ إلا لحكمة علِمَها مَنْ علِمَها، وجهِلها مَنْ جهِلَها، وفي تشريعه سبحانه وتعالى للعبادات التي فرضها على عباده حِكَمٌ عظيمة، ومِنَنٌ جسيمَةٌ تستحقُّ من العِبادِ الشكرَ عليها، ومن أعظم هذه النعم التي يجب شكرُ اللهِ عليها: صيام رمضان؛ وذلك لما يكون فيه من مزيد العطاء، وجزيل الثواب، ومضاعفة الحسنات، والتجاوزِ عن السيِّئاتِ، فمن نعم الله تعالى علينا التي تستوجب الشكر أنه سبحانه اختصَّنا بهذا الشهر الذي فرَضَ فيه الصيام، وشَرَع فيه القيام، وهدانا فيه إلى صالحِ الأعمال؛ فكم في الأرض كثيرٌ من الناس لم يهتدوا إلى هذا الشهر الفضيل، ولا وُفِّقُوا لصيامه وقيامه! فهلَّا شكرنا اللهَ تبارك وتعالى على هذه النعمة العظيمة؟!.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.