خير من ألف شهر

  • | الإثنين, 11 يونيو, 2018
خير من ألف شهر

بسم الله، والحمد لله، وصلِ اللهم وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فليلة القدر هي ليلة خير من ألف شهر وهي من أعظم ليالي رمضان، وهي الليلة التي أمر الله فيها جبريل بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ إلى مكان في سماء الدنيا يسمى "بيت العزة"، ثم من بيت العزة صار ينزل به جبريل على سيدنا محمد مُتفرقًا على حسب الأسباب والحوادث، فأول ما نزل منه كان في غد تلك الليلة نزل خمس آيات من سورة العلق، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتحرى  ليلة القدر  في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان فقال صلى الله عليه وسلم: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ»  متفق عليه، وأرجح ما ذهب إليه العلماء أنها  ليلة السابع والعشرين،  وسُميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف، أو لأنها يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، فيُكتَب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه، أو أنها من القدر وهو الضيق، ويدل على هذا المعنى قول الله تعالى: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله) [الطلاق: 7]؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة فيها.

ومن عظيم فضل هذه الليلة أن سورة من كتاب الله عز وجل تحمل اسمها، قال الله عز وجل فيها: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ  وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ  لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ  تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ  سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 1-5].

وعلَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم ما نقوله في هذه الليلة المباركة، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».[أخرجه: الترمذي].

وقد أخفى الله عز وجل عن عباده ليلة القدر كي يتبين الجادُّ في طلبها، الذي يجتهد في كل الليالي لعله يدركها ويصيبها؛ فإنها لو كانت ليلة معينة لم يجد الناس إلا في تلك الليلة فقط.

وحتى يزداد الناس عملًا صالحًا يتقربون به إلي ربهم وينتفعوا به.

ومن علاماتها:

1. صفاء سمائها، وسطوع نورها.

2. طمأنينة القلب فيها.

3. انشراح صدر المؤمن.

4. الرياح فيها ساكنة.

5. وأما العلامات التي تظهر بعدها فذُكَرَ منها: أن الشمس تطلع في صبيحتها من غير شعاع، ودلل لذلك بحديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: «أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ، لَا شُعَاعَ لَهَا». [أخرجه: مسلم].

أخي المسلم.. اغتنم ليلة القدر بالإكثار من العبادة والذكر والاستغفار والصدقة والقيام وبر الوالدين ولتكن صلاتك بخشوع وقراءتك للقرآن بحضور قلب وسكون جوارح، ولا يفتر لسانك من دعائك بـ (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، فالسعيد من وُفِّقَ للقيام والعبادة في هذه الليلة، قال صلى الله عليه وسلم:  «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[مُتفق عليه].

نسأل الله العظيم أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر، ويجعلنا ممن قامه إيمانًا واحتسابًا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.