الكلمة الافتتاحية للملتقى الفقهي الأول لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

  • | الثلاثاء, 15 مارس, 2022
الكلمة الافتتاحية للملتقى الفقهي الأول لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

ألقى الأستاذ الدكتور/ نظير عياد - أمين عام مجمع البحوث الإسلامية والمشرف العام على مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الكلمة الافتتاحية للملتقى الفقهي الأول لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والذي كان عنوانه: الفتوى الإلكترونية ودورها في التنمية المستدامة 🔻

وهذا نص كلمته.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِنا ومولانا رسولِ اللهِ صلى الله عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلَّمَ ومَنْ وَالَاه.
السادةُ الحضورُ !
العلماءُ الأكارمُ !
الفقهاءُ الأماجدُ !
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته
وبعد؛ فإنَّنِي أُرَحِّبُ بِحضرَاتِكُم جميعًا فِي المُلْتقَى الفِقهِيّ الأوَّلِ الَّذِي يُنظِّمُهُ مركزُ الأزهرِ العالميِّ للفتوى الإلكترونيَّةِ، برعايةٍ كريمةٍ مِنْ فضيلةِ الإمامِ الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخِ الأزهرِ الشريفِ (حفظهُ اللهُ ورعاهُ)، الَّذِي نبدأُ الآن (بعونِ اللهِ ومددهِ) فاعليَّاتِه تحتَ عنوان: "الفتوى الإلكترونيَّةُ ودورُها فِي التنميةِ المُستدامةِ"
أيُّها السادةُ الكرام..
تعلمون أنَّ عصرَنا الذِي نعيشُ فيهِ يشهدُ تغيُّراتٍ هائلةً فِي العلمِ والثقافةِ والاجتماعِ والأدبِ، وكثيرٌ من هذه التغيُّراتِ كانتْ في الغالبِ انعكاسًا للعولمةِ التِي جعلتْ مِنَ العالمِ قريةً إلكترونيَّةً صغيرةً تترابطُ أجزاؤُها عن طريقِ الأقمارِ الصناعيَّةِ والاتصالاتِ الفضائيَّةِ والقنواتِ التلفزيونيَّةِ، وقد ظهرتْ تلكَ التطوُّراتُ الهائلةُ في مجالِ تكنولوجيا التواصلِ والاتصالِ، وصارَ الفضاءُ الإلكترونيُّ الجديدُ هو الأرضَ الخصبةَ؛ لنشر الأفكارِ والآراءِ والمعتقداتِ والفلسفاتِ، التي اقتَحمَتْ على الناسِ بيوتَهم من خلالِ الهواتفِ الذكيَّةِ وما تشتملُ عليهِ مِنْ تطبيقاتٍ وبرامجَ.
وتعلمون - أيضًا - أنَّ التكنولوجيا الرقميَّةَ تُعدُّ هدفًا مِن أهدافِ التنميةِ المُستدامةِ الَّتِي تمَّ الإعلانُ عنها مِن خلالِ قرارِ الجمعيَّةِ العامَّةِ للأُممِ المتحدةِ تحتَ عنوان "تحويل عالمنا" في عام 2015م من خلالِ تسخيرِ الإمكاناتِ اللامتناهيةِ التِي توفرُها تِقَنيةُ المعلوماتِ مِنْ أجلِ إحلالِ تنميةٍ مستدامةٍ اجتماعيَّةٍ تهدفُ إلى تحويلِ المجتمعِ إلَى مجتمعٍ معلوماتيٍّ.
وعليه؛ فإنَّ التكنولوجيا الرقميَّةَ تداخلتْ فِي كلِّ تفاصيلِ الحياةِ الماديَّةِ والعلميَّةِ والإداريَّةِ وغيرِها، وتأتِي الفتوى الدينيَّةُ جزءًا مِنْ هذهِ الحياةِ؛ لأنَّهَا تتعلقُ بتفاصيلِ حياةِ المسلمِ مع دينِهِ وأسرتِهِ ومجتمعِهِ، وإِنَّ الاستخدامَ غيرَ المنضبطِ لهذهِ التكنولوجيا يُعِيقُ التنميَةَ، ويَحُولُ بينَ الإنسانِ وبينَ النهضةِ والعُمرانِ.
ألا تروْنَ أنَّ خطاباتِ التشدُّدِ والجمودِ والانغلاقِ والتحريضِ علَى العنفِ والكراهيةِ والإرهابِ معوِّقٌ للتنميةِ!
أليست خطاباتُ الإلحادِ والإباحيَّةِ والشذوذِ التِي تستهدفُ الأسرةَ والمرأةَ والطفلَ معوقًا للتنميةِ!
ألم تكُنْ الفتَاوَى الشاذةُ وغيرُ المنضبطةِ بالأصولِ والثوابتِ - وما زالت - حَجَرَ عثرةٍ أمامَ التنميةِ!
كلُّ هذا يُقَدَّم للجماهير عبرَ الفضاءِ الإلكتروني في صورةٍ مقروءةٍ أو مرئيَّةٍ أو مسموعةٍ!
ومن هُنا فإنَّ المسؤوليَّةَ المُلقاةَ على عاتقِ مؤسَّساتِ الفتْوى ورجالِها كبيرةٌ في ضرورةِ مُسايرةِ العصرِ بمعطياتِه التِي يعيشُها الناسُ فِي التعاملِ معَ هذه التكنولوجيا الرَّقميَّة.
السادةُ الحضورُ!
فِي ظلِّ هذه التحدياتِ صارتْ الحاجةُ مُلحَّةً لاستخدامِ استراتيجياتٍ جديدةٍ لنشرِ الدينِ الوَسَطيِّ، والفكرِ المستنيرِ، وتقديمِ خطاباتٍ تواجهُ خطاباتِ العنفِ والكراهيةِ والتشدُّدِ والإرهابِ؛ لذَا كانتْ الحاجَةُ ماسَّةً إلَى الفتوى الإلكترونيَّةِ نظرًا لمَا تتمتَّعُ بهِ مِنْ سرعةِ الانتشارِ، وقوةِ التأثيرِ فِي الواقعِ.
إنَّ عدمَ انضباطِ أمرِ الفتوى الإلكترونيَّةِ وصدورَها (في الغالب الأعم) من غيرِ المتخصِّصين ذَوِي الخِبرةِ والدرايةِ بالأحداثِ والأزمانِ ومَا يناسِبُها مِن فَتاوَى فِي أحكامٍ قابلةٍ للاجتهادِ، وكذلك بسببِ صدورِها عنْ بعضِ الجماعاتِ المنحرفةِ والمتطرفةِ التِي تحكمُها الأهواءُ والنزعاتُ السياسيَّةُ؛ فقدْ خرجتْ علَى المجتمعِ فِي كثيرٍ مِنَ الأحيانِ فتَاوى تُخالِفُ أصولَ الدينِ وأدلَّتَهُ الصحيحةِ، وتُخالِفُ كذلك إجماعَ الأُمَّةِ سلَفًا وخَلَفًا (من خلالِ المجامعِ الفقهيَّةِ المتعدِّدةِ)، وتَسعى جَاهدةً إِلَى هدْمِ المقاصدِ التِي جاءَ الشرعُ بحمايَتِهَا، كلُّ هَذَا يُؤَدِّي إلَى مناهضةِ التنميةِ المستدامةِ بتكديرِ الصفوِ والسِّلمِ المُجتمعيّ، وزعزعةِ استقرارِ الأوطانِ، والعبثِ باقتصاديَّاتِ الدُّوَلِ، وإحداثِ الفتنِ الطائفيَّةِ بينَ أبناءِ الوطنِ الواحدِ.
وعليه فأقول: إنَّ للفتوى الإلكترونيَّةِ دورًا كبيرًا فِي تحصينِ أفرادِ المجتمعِ، ونشرِ المعرفةِ الدينيَّةِ الصحيحةِ، ومواجهةِ الأفكارِ المُنْحرفةِ؛ حيثُ إنَّ أصحابَ المذاهبِ والأيديولوجياتِ المُنحرفةِ يُعوِّلون علَى هذا الفضاءِ الإلكترونيِّ فِي نشرِ أفكارِهم البعيدةِ كلِّ البعدِ عنْ حقيقةِ الدين وجوهرِه، واستمالةِ أفرادِ المجتمعاتِ إليهم.
وانطلاقًا مِن الدورِ الرياديِّ الذي يُقدِّمُهُ مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى الإلكترونيَّة يبدأ أُولى لقاءاتِ ملتقاهُ الفقهيِّ الدائمِ بـعنوان : "الفتوى الإلكترونيَّة ودورُها في التنميةِ المستدامةِ"؛ لمناقشَةِ مَدَى إسهامِ الفتوى الإلكترونيَّةِ فِي دعمِ الجهودِ الراميةِ لتحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ بشكلٍ عامٍّ، وجهودِ الدولةِ المصريَّةِ بشكلٍ خاصٍّ، مِن خلالِ طرحِ عددٍ مِن المحاورِ تهدفُ إلَى النهوضِ بالفَتوى الإلكترونيَّةِ؛ لتعزيزِ الوعْيِ الثقافيِّ للفردِ والمجتمعِ فِي شتَّى المجالاتِ.
وانطلاقًا مِنْ هذا المبدأِ قامَ مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى الإلكترونيَّةِ منذُ تأسيسِه بدورٍ رائدٍ فِي دعمِ أهدافِ التنميةِ المُستدامةِ علَى أرضِ الواقعِ المَحليِّ والعالميِّ، ويبرز ذلك من خلال أمورٍ عدَّة:
أولًا: تحصينُ أفرادِ المجتمعِ، ونشرُ المعرفةِ الدينيَّةِ الصحيحةِ، ومواجهةُ الأفكارِ المنحرفةِ:
فقد قام مركزُ الأزهرِ العالميِّ للفتوى الإلكترونيَّةِ بالتصدِّي للفتاوى الشاذَّةِ التي مِنْ شأنِها مناهضةُ التنميةِ المستدامةِ، وعرقلةُ تحقيقِ أهدافِها علَى أرضِ الواقِعِ المَحلِّيِّ والعالميِّ؛ وذلكَ مِنْ خلالِ تصحيحِ مسارِ تلكَ الفتاوى الشاذَّةِ، وبيانِ زيْفِها ووهَنِ مستندِها، وتصحيحِ المفاهيمِ المغلوطةِ التي يهدفُ مُثِيرُوها إلَى النَّيْلِ مِنَ الدينِ الإسلاميِّ والمنتسبينِ لهُ؛ إسهامًا منه في القضاءِ علَى فَوْضَى الفتاوى الإلكترونيَّةِ الشاذَّةِ، واضعًا بينَ أيدي الجميع مِنَ المسلمينَ وغيرِ المسلمينَ، منَ العربِ وغيرِهم الفتاوى الفقهيَّةَ المنضبطةَ بلغاتٍ مختلفةٍ من خلالِ متخصِّصينَ مُدرَّبين أكفاءَ على درجةٍ عاليةٍ جدًّا مِنَ الوعيِ بظروفِ المجتمعاتِ وما يُحيط بها من أحداثٍ جِسام.
ثانيًا: نشرُ الوسطيةِ والاعتدالِ؛ سعيًا مِنْهُ فِي بناءِ السلمِ المجتمعيِّ وتحقيقِ التنميةِ:
حيثُ يسعَى مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى الإلكترونيَّةِ إلى تقديمِ محتوًى يُؤسِّسُ للوسطيَّةِ، ويرفضُ ما سِواها مِنَ الغلوِّ والتطرُّف، ويعملُ على نقضِ وتفكيكِ خطاباتِ التشدُّدِ والتحلُّلِ، وتوفيرِ سبيلٍ موثوقٍ به في إظهارِ الحكمِ الشرعيِّ، وتبيينهِ لمَنْ سألَ عنهُ علَى أدواتِ التواصُلِ الحديثةِ مِنْ أجهزةِ الحاسوبِ وشبكاتِ الإنترنت والهاتف، وخِدْمَاتِ الرَّسائلِ القصيرةِ، وقنواتِ اليوتيوب، ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ (الفيس بوك، وتويتر، انستجرام.....) إلخ، التي يُتابعُها الملايينُ مِنَ البشرِ ليلًا ونَهارًا.
كما قام المركزُ بتقديمِ عددٍ مِنَ البرامجِ المُهِمَّةِ والهَادِفَةِ؛ بُغيةَ نشرِ قيم الإحسانِ والتسامحِ والسلامِ بينَ أفرادِ المجتمعِ؛ مِمَّا يُهَيِئُ الظروفَ المُثْلَى لنهضةِ الأُممِ وتحقيقِ تنميتِها.
ثالثًا: ضبطُ مسألةِ الاجتهادِ الفقهيِّ المعاصرِ فِي التعامُلِ معَ الفتاوى المستجِدَّة:
حيثُ يعقدُ المركزُ ورشَ العملِ على مدارِ الأسبوعِ؛ لدراسةِ ومناقشةِ القضايا المستجِدَّة، مثل: الأحكامِ الفقهيَّةِ المتعلقةِ بجائحةِ "كورونا"، ومنها: أيضًا قضايا الفكرِ والإبداعِ، مثل: العقودِ الحديثةِ و"العُملاتِ المستحدثةِ"، ومنها أيضًا: الحكمُ الشرعيُّ في "آليَّةِ ذبحِ الدواجنِ فِي الدولِ غيرَ الإسلاميةِ"، و"حكمُ التعاملِ ببطاقةِ الائتمان".
وكذلك - أيضًا - تقديمُ البحوثِ الشرعيَّةِ حولَ القضايا المستجِدَّةِ، مثل: "الأحكامِ الفقهيَّةِ للأعمال الهندسيَّة"، و"التعاقدِ بنظام اقتسام الوقت التايم شير" و"التكييفِ الفقهيِّ للعلاجِ بالذهبِ"، و" المضاربةِ المصرفيَّةِ مشكلاتٌ وحلول" "وأثرِ الذكاءِ الاصطناعي فِي تطويرِ الفتوى الإلكترونيَّةِ وتحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ".
ولِما للفتاوى الاقتصاديَّةِ مِن عظيمِ الأثرِ في تحقيقِ أو تعطيلِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ؛ فقد تكفّل مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى الإلكترونيَّة بإصدارِ الفتاوى الاقتصاديَّةِ التي من شأنِها دفعُ عجلةِ الإنتاجِ وتنميةِ الاقتصادِ، إضافةً إلى قيامهِ بإطلاقِ حملاتٍ إلكترونيَّةٍ توعويَّةٍ تحثُّ على العملِ، وتُبيّنُ أهميتَهُ بالنسبةِ للفردِ والمجتمعِ، وتجلِّي أمام الأنظارِ مدى إسهامِهِ (حالَ إتقانهِ) فِي تحقيقِ الرفاهيةِ الشاملةِ للأفرادِ والمجتمعاتِ، وذلك بعدَ سدِّهِ لبابَي الضروريَّاتِ والحاجيَّاتِ.
رابعًا: الإسهامُ الإيجابيُّ في تشكيلِ الوعيِ الفرديِ والمجتمعيِ تجاهَ الأهدافِ التنمويةِ المختلفةِ:
فلم يتوانَ المركزُ في تقديمِ الفتاوى الإلكترونيَّةِ، وإطلاقِ الحملاتِ التوعويَّة التي تهدِفُ إلى الحفاظِ على البيئةِ، وتنميةِ مواردِها وحمايتِها مِن تقلُّباتِ الزمانِ وحوادثِهِ؛ امتثالًا لما أمرنا اللهُ به مِنْ إعمارِ الأرضِ وتنميتِها والحفاظِ على موارِدِها، مبيّنًا اندراجَ ذلك كلِّه تحتَ مقاصدِ الشريعةِ وأهدافِها نحوَ عمارةِ الأرضِ، ودخولِ مثلِ هذه القضايا فِي صميمِ أحكامِ الشريعةِ الإسلاميةِ، ساعيًا إلى تشكيل الوعيِ الفرديِّ والمجتمعيِّ تجاهَ قضايا البيئة بما يخدِمُ الأجيالَ الحاليةَ والأجيالَ القادمةَ على حدٍّ سواء.
خامسًا: مشاركةُ مؤسَّساتِ المجتمعِ المدنيِّ ومؤسَّساتِ الدولةِ المختلفةِ في العملِ على تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ:
فلم يقتصرْ دورُ المركزِ في سعيهِ إلى تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ على تقديمِ الفتاوى الفقهيَّةِ المنضبطةِ فقط؛ بل قام بتوظيفِ طاقاتهِ البشريَّةِ المدرَّبةِ علَى أعلى مستوًى علميٍّ وتقنيٍّ، مستفيدًا من إمكاناتهِ الإلكترونيَّةِ ووجودِ الأنظمةِ الذكيَّةِ المختلفةِ، وبرامجِهِ العلميَّةِ والثقافيَّةِ، ووحداتِهِ التوعويَّةِ المجتمعيَّةِ فِي توجيهِهَا لخدمةِ مصالِحِ الفردِ والمجتمعِ، والحثِّ على ابتكارِ حلولٍ وأفكارٍ جديدةٍ مِنْ أجلِ محاربةِ الفقرِ والجهلِ، والقضاءِ على مشكلةِ البطالةِ، وتحسينِ المستوى المعيشيِّ للفردِ، وحمايتِهِ مِنْ الاستغلالِ، ورفعِ كفاءةِ التعليمِ بكافةِ مجالاتِهِ ورَبطهِ بالتطوراتِ التكنولوجيةِ الحديثةِ، وحمايةِ حقوقِ الإنسانِ والدفاعِ عنْهَا، والحدِّ مِنَ العُنْفِ الأُسريِّ والمجتمعيِّ، وتعزيزِ مشاركةِ الشباب في صنعِ القرارِ، وتهيئةِ البيئةِ الخصبة لتمكينِهم مِنَ المشاركةِ الفعالةِ في شتَّى المجالاتِ؛ تنفيذًا للمبادراتِ الرئاسيَّةِ المصريَّةِ حيالَ تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المُستدامةِ المرادِ تحقيقِها بحلول عام2030م التي تهدفُ إلى النهوضِ والاستقرارِ الإنسانيِّ والاجتماعيِّ بما يُلبِّي احتياجاتِ الإنسانِ في كلِّ مناحِي الحياةِ في مختلِفِ المجالات: الاجتماعيَّةِ، والاقتصاديَّةِ، والتنمويَّةِ، والتعليميَّةِ، والثقافيَّةِ، والبيئيَّةِ ....
وغير ذلك من النماذجِ والأمثلةِ التي يصعُب حصرُها فيما يقوم به المركزُ في دعمِ الجهودِ الراميةِ؛ لتحقيق أهدافِ التنميةِ المستدامةِ.
السادة الحضور!
كثيرٌ هم المُتحدِّثونَ عن التجديدِ الدينيِّ وضرورتِه وأهميَّتِه بالنسبة للواقعِ والمستقبلِ، وهذا أمرٌ محمودٌ لا شكَّ فيه، لكنَّ قليلًا منهُم مَنْ يستوعبُ الفهمَ الصحيحَ لعمليةِ التجديدِ الدينيِّ وآليَّاتِ تطبيقهِ على الواقعِ المعاصرِ، وهو ما يقومُ به مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى، الذي يحرِصُ دائمًا على البُعدِ التجديديِّ فِي الفتاوى وفي أطروحاتِهِ الفكريَّةِ، وذلك بقراءةٍ دقيقةٍ للواقعِ، وتصوُّرٍ للقضايا المعاصرةِ بكلِّ جوانبِهَا، وفي هذا يستعينُ مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى بكافَّةِ المتخصِّصينَ في شتَّى المجالاتِ مِنْ داخلِ الأزهرِ وخارجِهِ، ويَعقِدُ ورشَ العملِ اللازِمة؛ للوصولِ إلَى حكمٍ دقيقٍ في القضايا المعاصرةِ، وهذا يعني أنَّ ما يَصْدُر عن المركزِ قد رُوعي فيه البعدُ التجديديُّ تصوُّرًا وحُكمًا، ومن هنا فقد استطاعَ المركزُ - على الرَّغم مِن حداثةِ تأسيسهِ - أن يكونَ له عظيمُ الأثرِ فِي المجتمعِ المحليِّ، بالإضافةِ إلى ما يقومُ بهِ المركزُ مِنْ دورٍ تجديديٍّ فِي القضايا التِي تَخُصُّ المجتمعاتِ المُسلمةَ في الخارجِ، وذلك بمعالجةِ تلكَ المسائلِ التِي تَرِدُ إليهِ مِنْ خلالِ وسائلِ التواصلِ المختلفةِ، ولا يغفلُ المركزُ الأحكامَ الخاصَّةَ التي تتصل بواقع هذه المجتمعات في الفتاوى.
وبإيجازٍ نقولُ: لقد كان مركزُ الأزهرِ العالميُّ للفتوى الإلكترونيَّة بما يقدمه من خِدْماتٍ معرفيَّةٍ وثقافيَّةٍ وتوعويَّةٍ وإفتائيَّةٍ ثمرةً لشجرةِ التجديدِ الدينيِّ المعاصرِ الذي قام به الأزهرُ الشريفُ، ولا يزالُ يقومُ بِهِ؛ انطلاقًا من المسؤوليَّةِ الدينيَّةِ والمجتمعيَّةِ التِي تحمَّلها، وإيمانًا منه بضرورة قراءةِ الواقعِ والتوفيقِ بينه وبين أصولِ الشريعةِ الإسلاميةِ ومقاصدِها، وهذا لا لشيءٍ إلا لمنهجيَّتِهِ الرصينةِ في التعامُلِ معَ المستجِدَّاتِ.
السادة الحضور!
أُرَحِّبُ بحضراتِكم مرةً أُخرى، وأشكُرُكُم على حُسنِ الاستماعِ، والسلامُ عليكمْ ورحمة الله وبركاته.

#الفتوى_الإلكترونية | #الملتقى_الفقهي

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.