يُهنِّئ مجمع البحوث الإسلاميَّة بالأزهر الشَّريف، الأمَّةَ الإسلاميَّةَ بحلول العام الهجري الجديد، مستحضِرًا في هذه المناسبة العظيمة الدروسَ العميقةَ التي تحملها الهجرة النبويَّة؛ بوصفها محطَّةً فارقةً في تاريخ الإنسانيَّة، ومنعطفًا حضاريًّا مثَّل نقلةً إلى أسمى معانيها.
ويؤكِّد المجمع أنَّ الهجرة النبويَّة قيمةٌ متجدِّدةٌ تتجاوز الزَّمان والمكان، وتدعونا إلى المراجعة الدَّائمة، وإعادة ترتيب الأولويَّات على أساسٍ مِنَ الإيمان والعقل والعمل؛ فكما كانت الهجرة انتقالًا مِنَ الفوضى إلى الانضباط، ومِنَ الفُرقة إلى الوَحدة- فإنَّها اليوم دعوةٌ إلى الهجرة مِنَ الجهل إلى العِلم، ومِنَ العجز إلى الفِعل، ومِنَ الانغلاق إلى الانفتاح المنضبِط بقِيَم الإسلام.
ويشدِّد المجمع على أنَّ إحياء هذه الذِّكرى لا يكون بالشعارات؛ وإنَّما بترسيخ المعاني التربويَّة في النفوس، وعلى رأسها: الصَّبر، والمبادرة، والتخطيط، والتضحية، والتكافل، والوعي بطبيعة المرحلة، وكلُّها قِيَمٌ جسَّدها النبيُّ ﷺ وصحابتُه الكِرام، وبها تأسَّستْ دولة المدينة، وقامتْ حضارة جَمعتْ بين العقيدة والإنسان والعُمران.
ويُذكِّر المجمع في هذه المناسبة المباركة بأنَّ بناء الإنسان هو غاية الهجرة وثمارها، وأنَّ مسئوليَّة المؤسَّسات الدِّينيَّة والتعليميَّة والثقافيَّة هي تحويل هذه القِيَم إلى واقعٍ حيٍّ في حياة النَّاس؛ مِن خلال خطابٍ رشيدٍ، وتعليمٍ نافعٍ، وتربيةٍ تُعلِي مِن قيمة العمل، وتُواجِه ثقافة التَّواكل والسَّطحيَّة والفراغ الرُّوحي، داعيًا إلى جَعْل العام الجديد نقطةَ انطلاقٍ نحو الإصلاح الذَّاتي والاجتماعي والنَّهضوي، في إطارٍ مِنَ الوعي الرَّاسخ والانتماء الصَّادق.