الجماعات المتطرفة

 

04 نوفمبر, 2017

التهديد الداعشي ما زال قائمًا

رَغْمَ ما يعانيه تنظيمُ داعش الإرهابي من تراجع وما يُكابده من خسائر على مستوى الأرض والأفراد، ورَغمَ تكاتُف العالمِ ورغبته في دحرِ هذا العدو الذي نشرَ الرُّعبَ وبثَّ الهلعَ في ربوعِ العالمِ، إلا أنَّ التهديدَ الداعشي ما زالَ موجودًا ولو بشكلٍ طفيفٍ حتى يُثبتَ زورًا، أنَّ كيانَ هذا التنظيم قويٌّ. ففي الآونةِ الأخيرة بثَّ تنظيم داعش العديد من التهديدات، كان أحدثها توعد التنظيم باستهداف كأس العالم 2018، الذي سيقام في روسيا؛ حيث قام التنظيم بنشر صور مرعبة لأشهر نجوم كرة القدم، كان من بينهم صور ليونيل ميسي وراء القضبان وهو يبكي دمًا، ثم صورة لديديية ديشا مدرب المنتخب الفرنسي، وهو يرتدي زي سجين وأحد أفراد داعش يصوب بسلاحه نحو رأسه،  ثم صورة لنيمار لاعب نادي باريس سان جيرمان وهو يركض على ركبتيه ويبكي، وبجواره أحد أفراد تنظيم داعش، وصورة أخري تشير إلى ليونيل ميسي وهو جثة ملقاة على الأرض، وترافق هذه الوثيقة رسالة واضحة: "أنتم في خطر طالما أننا غير آمنين في البلدان الإسلامية"، ثم مؤخرًا صورة لكريستيانو رونالدو البرتغالي وهو أسير في قبضة التنظيم، ويقف خلفه أحد مقاتلي تنظيم داعش، ويظهر على رونالدو أثار التعذيب، وفي خلفية الصورة يظهر شعار كأس العالم المقبل في روسيا 2018، وكُتب على الصورة: "كلماتنا هي ما تراه وليس ما تسمعه، انتظرونا فقط."
ويبدو أن التنظيم يُراهن على "ذئابِهِ المنفردة" في برهنة وجوده، وفي الثأر من الخسائر التي تكبدها التنظيم في معاقله في سوريا والعراق. ومن هنا تعود مشكلة عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية التي باتت تشكل تحديًا كبيرًا لأمن هذه الدول.
 جديرٌ بالذِّكْرِ أنَّ مركز صوفان الاستشاري للشؤون الأمنية، والذي يتخذ من نيويورك مقرًّا له، قد أشارَ في تقريرٍ صدر عنه، أنَّ عودة ما لا يقل عن 5600 مقاتل من مقاتلي داعش، من الأراضي العراقية والسورية، إلى بلدانهم الأصلية، سيشكل تحديًا كبيرًا لأمن هذه الدول.
وأوضح التقرير أنه "حتى الآن، عاد ما لا يقل عن 5600 مواطن أو مقيم من 33 دولة إلى ديارهم، إضافة إلى عددٍ غير معروف من دولٍ أخرى، هذا الأمر يمثل تحديًا كبيرًا لكل من الأمن، ولعمل أجهزة الأمن"، وهو ما أكده متخصصون في القضايا الأمنية. فالخلافة التي أعلن عنها تنظيم داعش في العراق وسوريا في عام 2014م، في منطقة تعادل مساحة إيطاليا، فقد اليوم نحو 85% من المساحة التي كان يفرض سيطرته عليها، بفضل الهجمات التي تشنها القوات المدعومة من قِبَلِ الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا.
ووفقًا لتقرير مركز صوفان، فإنه من بين "أكثر من 40 ألف مقاتل أجنبي، قدموا من 110 دولة، من أجل الانضمام لصفوف تنظيم داعش قبل وبعد إعلان الخلافة في يونيو 2014م (...) فلا مناص من أن يبقي البعض منهم متمسكين بشكلٍ من أشكال العنف الذي يشيعه تنظيم داعش وتنظيم القاعدة". وأضاف المركز أنَّهُ "من الواضح أيضًا أنَّ من بينهم من يريد مواصلة القتال، وسيبحث عن سبيل لتنفيذ غرضه".
ووفقًا لتقرير ذكره "شبكة التوعية الراديكالية" (ران)، فإنَّ ما لا يقل عن 30% من قرابة خمسة آلاف مواطن من دول الاتحاد الأوروبي، من الذين انضموا لصفوف داعش في العراق وسوريا، عادوا إلى ديارهم. ويشير تقرير مركز صوفان إلى أنَّ روسيا صاحبة أكبر عدد من الجهاديين في سوريا والعراق (3417)، تليها المملكة العربية السعودية (3244)، والأردن (3000)، وتونس (2962)، وفرنسا (1910).
ويرى المرصد أنه يجب على أجهزة الأمن الروسية أن تأخذ تهديد داعش باستهداف المونديال على محملِّ الجدِّ، وأن تتعامل بحذر مع "ذئاب داعش المنفردة"، ومع الأساليب التي يبتكرها التنظيم في تنفيذ هجماته، لاسيما وأنها صاحبة أكبر عدد من الجهاديين في سوريا والعراق، وتلعب دورًا عسكريًّا محوريًّا في سوريا ضد التنظيم.
ويُحَذِّرُ المرصد من سياسات السجن بشكلٍ عام التي تنتهجها الحكومات تجاه العائدين إلى ديارهم من صفوف تنظيم داعش، الأمر الذي "يؤدي إلى إرجاء المشكلة"، بل تفاقمها وتزايد مخاطرها؛ إذ تُعْتَبَرُ السجون غير المؤهلة بيئة خصبة لتنامي العناصر المتطرفة وتجنيدها، كما يوصي المرصد بإعادة النظر في سياسة (إعادة تأهيل هؤلاءِ العائدين ودمجهم) والتي أثبتت بمرور الوقت " أنَّ تنفيذَها كان من الصعوبة بمكان"، ويُشيرُ إلى أن بعضهم سيظلُّ متمسكًا بسياسةِ العنف، ومنهم أيضًا مَن يريد مواصلة القتال، وسيبحث عن سبيل آخر لتنفيذ مخططاته.

وحدة رصد اللغة الفرنسية