انطلاقًا من قيام الأزهر الشريف برسالته تُجاهَ العالم الإسلامي، وإيمانًا منه بحق الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم، وإحياءً للقضية في قلوب وعقول العالم، وفي إطار متابعة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف قضايا المسلمين بصفة عامة، وقضية القدس بصفة خاصة؛ تتابع وحدتَا الرصد باللغة العربية والعبرية عن كَثَب، المستجدّات على الساحة المقدسية، وتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلَّة، كما ترصدان الانتهاكاتِ التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الكِيان الصهيوني المغتصِب.
أولًا: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس:
لا يزال الكِيان الصهيوني يواصل مسيرته السوداء من الكذب على التاريخ وتزييفه، وطَيّ حقائقه، غير عابئ برفض العالم كله، وغير مُعتبِر للقوانين الدولية المُجَرِّمَة لممارساته وانتهاكاته، التي جاء نقل السفارة على رأسها، فقد قامت ابنة الرئيس الأمريكي "إيفانكا ترامب" وزوجها "جاريد كوشنر"، بالسفر إلى "تل أبيب"؛ للمشاركة في الاحتفال بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، تزامنًا مع ذكرى "النكبة الفلسطينية"، واحتفال الإسرائيليين بما يُعرف بـ "توحيد القدس".
حيث يحتفل الإسرائيليون هذا العام بالذكرى الـ51 لاحتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس في يونيو 1967، وسط أجواء مشحونة، ورقصات ومسيرة أعلام احتلالية، واقتحامات لباحات المسجد الأقصى المبارك، تستفزُّ مشاعر الفلسطينيين والمسلمين في العالم أجمع.
ومن المفارقات، عدم حضور الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مراسم الاحتفال، لكنَّه ألقى كلمةً مُسَجَّلة عَبْرَ الفيديو، وأناب عنه ابنته والوفد الأمريكي الذي ضمَّ: نائب وزير الخارجية "جوزيف سوليفان"، ووزير المالية "ستيف منوشن"، كما حضر الاحتفالاتِ سفيرُ إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، "دافيد فريدمان"، والمبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، "جيسون جرينبلت".
وفي رسالة قوية بتكاتف القوتين (الأمريكية والإسرائيلية)، أطلق مُتْحَف "أصدقاء إسرائيل" -الواقع في قلب المدينة المحتلة- حملةً إعلانيةً لتهنئة الرئيس الأمريكي على قراره، ووضَع المُتْحَف أكثر من 110 لوحةٍ إعلانية في عشرات الأماكن، خاصّةً في وسط المدينة وعلى طول الطرق الرئيسة، حيث يمرُّ وفد من كبار المسئولين الأمريكيين، وأنفقت الحملة مئات الآلاف من الدولارات.
وكانت إجراءات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، قد بدأت يوم الإثنين 14 مايو، في تَحَدٍّ صارخ لكل النداءات والتحذيرات التي أُطلقت لعدم الإقدام على هذه الخطوة، وسط تظاهرات واسعة من الفلسطينيين.
موجة غضب بين الفلسطينيين بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
وجّهت الفصائل الفلسطينية الدعواتِ إلى الشعب الفلسطيني، للمشاركة في الاحتجاجات ضد نقل السفارة وإحياء الذكرى السبعين للنكبة، وخرجت المسيرات من "رام الله"، ووصل المتظاهرون إلى حاجز "قلنديا" الأمني، فيما تواصلت المسيرات في "بيت لحم" و"الخليل" و"نابلس" و"أريحا".
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الذخيرةَ الحيَّةَ، واستعملت القوةَ الغاشمة لتفريق المتظاهرين؛ ما أسفر عن إصابة المئات، من بينهم: صحافي جزائري، وَفْقًا لمصادرَ فلسطينية.
صورة: وكالة "عمون" للأنباء
ويستعد الفلسطينيون في الداخل والضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين، لإحياء ذكرى "النكبة الفلسطينية"، من خلال فعاليات متنوعة تصل ذروتها يوم 15 مايو، حيث من المنتظر أن تكون هناك تظاهرة كبيرة في كل المدن، تزامنًا مع حفل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كما دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى إضراب شامل يوم الإثنين 14 من مايو الجاري.
دول أوروبية وإفريقية وآسيوية تشارك في حفل افتتاح السفارة الأمريكية
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، قائمةً بالدول التي شاركت في مراسم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس،حيث ضمَّت 32 دولة.
وأشار التقرير إلى أن الدول المشاركة من الاتحاد الأوروبي 4 دول ، هي: النمسا، والتشيك، والمجر، ورومانيا، إضافةً إلى دولٍ غير أعضاء في الاتحاد شملت: ألبانيا، ومقدونيا، وصربيا، وجورجيا، وأوكرانيا، كما شارك من دول أمريكا اللاتينية: الدومينيكان، والسلفادور، وجواتيمالا، وهندوراس، وبنما، وبيرو، وباراجواي.
كذلك شاركت من الدول الإفريقية كلٌّ من: إثيوبيا، وأنجولا، والكاميرون، وكينيا، ونيجيريا، ورواندا، وجنوب السودان، وتنزانيا، وزامبيا، والكونغو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وساحل العاج، وشملت الدول الآسيوية: ميانمار، والفلبين، وتايلاند، وفيتنام، بينما قاطعت المشاركةَ في حفل نقل السفارة: روسيا، والدول العربية والإسلامية، ومعظم دول الاتحاد الأوروبي.
دعم أمني إسرائيلي للدول المشاركة في الاحتفال
بينما يرفض معظم المجتمع الدولي الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، اختارت نحو 30 دولة ممثلين لها، لحضور مراسم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلَّة.
ووَفْقًا لموقع "سيحا ميكوميت" الإسرائيلي؛ فإنه ليس من قبيل الصدفة أن تكون عَلاقة إسرائيل بمعظم تلك الدول المشاركة، قائمةً على المساعدات الأمنية المستمرة التي تُستعمل في قمع الإنسان وانتهاك حقوقه، فبعد نهاية حرب عام 1967، أطلقت إسرائيل حملةً دبلوماسيةً واسعةً لإقناع الدول بعدم التصويت في المحافل الدولية على قرارات انسحاب الجانب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلّها، ليس هذا فحسب؛ بل حاولت إسرائيل شراء أصوات الأنظمة الدكتاتورية والعسكرية الطاغية، مقابل بيع الأسلحة لهم وتدريبهم، وبحلول عام 1973، قطع العديد من دول العالم عَلاقاتِه الدبلوماسية مع إسرائيل.
ويُلاحَظ؛ أن معظم الدول التي شارك ممثلوها في الحفل ليس لها أهمية جيوسياسية، وتعكس مشاركتهم بشكلٍ رئيس، مصالحَ مؤقتةً قد تتغير في المستقبل لأسباب مختلفة، فعلى سبيل المثال: بورما وجنوب السودان دولتان تشترك أنظمتهما حاليًّا في عمليات تطهيرٍ عِرْقي وجرائمَ ضد الإنسانية، وليس لديهما القدرة على التأثير على الدول الأخرى لدعم ضمّ القدس الشرقية.
كما تدعم حكومة "جواتيمالا" الضمَّ الإسرائيلي للقدس الشرقية، كجزء من حملةٍ مُداهِنة لحكومة "ترامب"، بغيةَ إقناعه بعدم التدخل في الفساد المستشري في الدولة، حيث من المحتمل أن يُعزل الرئيس الجواتيمالي خلال الأشهر القليلة القادمة، وسيجد نفسه متهمًا في دعاوى جنائية، كما حدث مع الرئيس السابق "أوتو مولينا"، الذي استقال واعتُقِل بسبب الفساد.
وتعتمد عَلاقات تلك الدول، على أساس الدعم الإسرائيلي الأمني المستمر، الذي يُستعمَل في القمع والاضطهاد السياسي، والقتل والاغتصاب والظلم؛ ولذلك فإن دعمها لإسرائيل سينتهي مع انتهاء مصلحتها أو زوال أنظمتها الحاكمة.
ردود الأفعال الدولية على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
فيما يتعلق بردود الأفعال الدولية، بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة؛ أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق، على لسان أمينها العامّ "أنطونيو جوترس"، إزاء الأحداث الجارية في قطاع غزة، بعد استشهاد 62 فلسطينيًّا، وإصابة 2500 على الأقل، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في تظاهرات، احتجاجًا على تدشين السفارة الأمريكية في القدس.
كما أعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء 15 مايو، عن قلقه الشديد إزاء الأحداث التي وقعت في قطاع غزة، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل في ممارسة إسرائيل للعنف، مضيفًا: أن قُرْبَ الفلسطينيين من السياج الحدودي لا يُسَوِّغ استخدام الذخيرة الحية ضدهم.
ودعت فرنسا إلى عدم التصعيد وعدم استخدام القوة، مشدّدةً على "وجوب حماية المدنيين"، وقال وزير خارجيتها "جان إيف لودريان": "بينما يتصاعد التوتر والعنف، تدعو فرنسا جميع الأطراف إلى التحلِّي بالمسئولية بهدف تجنُّب تصعيدٍ جديد"، مضيفًا: "من الضروري إعادة تهيئة الظروف اللازمة، بحثًا عن حلٍّ سياسي إقليمي".
بينما دعت "تيريزا ماي"، رئيسة وزراء بريطانيا، إلى الهدوء وضبط النفس على حدود قطاع غزة، قائلةً: "نحن قلقون إزاء العنف وفقدان الأرواح في غزة، وندعو إلى الهدوء وضبط النفس؛ لتجنُّب أعمال من شأنها تدمير جهود السلام"، مضيفةً: أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس "يُعرقل عملياتِ السلام في المنطقة".
وأفاد موقع "واللا نيوز" العبري؛ بأن بريطانيا تدعو للتحقيق مع الجيش الإسرائيلي والمتورطين في قتل عشرات الفلسطينيين، أثناء مظاهراتهم على حدود قطاع غزة.
وفي ألمانيا؛ ذكرت وزارة الخارجية في بيانٍ: أنه يتعيّن احترام حقِّ التظاهر السلميِّ في غزة، مشيرةً في الوقت نفسِه إلى ضرورة ضبط النفس خلال المواجهات الدائرة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وعن ردّ الفعل الإيطالي، قال "أنجلينو ألفانو"، وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولي: إنه "يُكَرِّر مشاعر القلق والحزن العميق للقتلى والجرحى في قطاع غزة، في أعقاب الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية"، وأضاف "ألفانو" في بيانٍ: "إننا نناشد جميع الأطراف المعنية أن تبذل قُصارى جهدها لتجنُّب المزيد من إراقة الدماء، ونأمُل في استئناف المبادرات السياسية والدبلوماسية الرامية إلى إعادة إطلاق إمكانيّة التوصل إلى حلٍّ سياسي؛ بحيث يمكن للشعبين العَيْشُ جنبًا إلى جنبٍ في سلامٍ وأمن".
واستدعت بلجيكا سفيرةَ إسرائيل لديها؛ لتوبيخها والاحتجاج على ما يجري على الحدود مع غزة،
وَفْقًا لموقع "حداشوت20" الإسرائيلي.
وفي خطوةٍ جادَّة؛ قررت جنوب إفريقيا، الإثنين 14 مايو، سَحْبَ سفيرها من إسرائيل؛ مُعَبِّرَةً بذلك عن غضبها إزاءَ ما يجري في قطاع غزة، ودعت "منظمة العفو الدولية" سلطاتِ الاحتلال الإسرائيلي إلى الكفِّ عن استخدام القوة المميتة والمُفْرِطة بشكلٍ مُمَنْهَج، خلال التظاهرات الفلسطينية، وفَتْح التحقيق في الوَفَيَات التي وقعت في صفوف المحتجِّين.
وقالت المنظمة في بيانٍ: "بصفة إسرائيل قوّةَ احتلال؛ فيجب عليها أن تحترم حقَّ الفلسطينيين في الاحتجاج السلمي وحرية التعبير، وقد يلجأ الجيش فقط إلى استخدام القوة لغرض مشروع، عند التصدي للاحتجاجات، مثل: مواجهة العنف، وعندما تكون الوسائل الأخرى غيرَ فَعَّالة، ويجب أن تكون هذه القوة بالحد الأدنى الضروري، وأيًّا كان الأمر، فيجب عدم استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين".
وفي السياق نفسِه، أدانت "منظمة التعاون الإسلامي" في بيانٍ صادر عن الدورة الـ45 لمجلس وزراء خارجيتها، جرائمَ الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ودعت مجلسَ الأمن الدولي إلى تَحَمُّل المسئولية تُجاهَ الشعب الفلسطيني الأعزل، معتبِرةً افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلَّة، اعتداءً يستهدف الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية والوطنية للشعب الفلسطيني، ويُقَوِّض مكانة الأمم المتحدة وسيادة القانون الدولي، ويُمَثِّل بالتالي تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
بدورها، طالبت جامعة الدول العربية، المجتمعَ الدوليَّ بالتدخل الفوري لإنفاذ قراراته، خاصّةً في توفير الحماية للمُقَدَّسات الإسلامية والمسيحية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته.
كما طالبت "الجامعة" المجتمعَ الدولي وجميعَ دول العالم المُحِبَّة للسلام، بالضغط على إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذاتِ الصلة، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، ووقْف انتهاكاتها ضد أبناء الشعب الفلسطيني، والمتمثّلة في: عمليات الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وممارسة سياسة التمييز العنصري، وفرْض القوانين العنصرية بما يشمل الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وتَصَرُّفها في أملاك اللاجئين الفلسطينيين، ضاربةً عُرْضَ الحائط بكل القرارات الدولية الخاصة باللاجئين، وأملاكهم المحميَّة بالقانون الدولي؛ ما يقضي على أيّ فرصة جادَّة قد تُفضي إلى عملية سلام بين الطرفين.
افتتاح سفارة "جواتيمالا" في القدس المحتلّة
انساقت دولة "جواتيمالا" وراء القرار الأمريكي، وافتتحت سفارتها يوم الأربعاء 16 مايو، في مدينة القدس المحتلة بشكلٍ رسمي، كأولِ دولةٍ تَحذو حَذْوَ الولايات المتحدة الأمريكية، التي قامت بالخطوة ذاتِها قبلها بيومين.
وقال "جيمس موراليس"، رئيس جواتيمالا، خلال مراسم التدشين: "قامت إسرائيل منذ 70 سنة، ومنذ ذلك الوقت أيدتها ودعمتها دولتُنا والولايات المتحدة"، مضيفًا: "نحن نُقَدِّر عَلاقات الوُدّ والمحبة مع إسرائيل، والتي ستستمر إلى أبدِ الآبِدِين"، واصفًا يوم افتتاح السفارة بـ "يوم تاريخي في عَلاقات الصداقة بين البلدين"، ومن جهته، أشاد "بنيامين نتنياهو"، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بالعَلاقات المشتركة بين البلدين، مشيرًا الى أن "جواتيمالا" من الدول الأُوَل التي اعترفت بإسرائيل.
ثانيًا: إسرائيل تواصل أعمال تهويد القرى والمدن الفلسطينية والمناهج:
ذكر موقع "وللا" العبري؛ أن بلدية "تل أبيب- يافا" مصحوبة بقوات من الشرطة الإسرائيلية، أَخْلَت الكتل الخرسانية التي تمّ تشييدها هذا الأسبوع حول مقبرة الإسعاف الإسلامية في "يافا"، وذكر الموقع أن بعض المصادر الإسلامية أفادت باكتشاف مقبرة عثمانية عند ملتقى شارعَي "إليزابت برجنر" و"ناحوم جولدمان"، حيث تمَّ العثور على رُفاتٍ بشريّ؛ الأمر الذي استدعى وضْع تلك الكتل الخرسانية لحمايتها من أعمال بلدية تل أبيب، التي كانت قد شرعت في إقامة مبنى سكنيّ للمتشرّدين.
وتمَّت عملية الإخلاء والتجريف وسط حراسة مشددة من قِبَل الشرطة الإسرائيلية، ومنعت الأهاليَ من الاقتراب، فيما احتجَّ العشرات من سكان "يافا"، ورفعوا شعاراتٍ مكتوبًا عليها: "رئيس بلدية تل أبيب يهدم المقابر"، و"لا للتعايش مع هادمِي المقابر"، و"يافا تنزف"، واعتقلت الشرطة العديد منهم.
وفي خطوة أخرى من خطوات التهويد، تحمل في طيَّاتها الخبثَ الصهيوني، عمدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى تهويد المناهج التعليمية الفلسطينية؛ فقد ذكر موقع "القناة السابعة" الإسرائيلية، وصحيفة "هآرتس" العبرية؛ أن الحكومة خصَّصت ما يقارب 2 مليار شيكل (555 مليون دولار أمريكيّ)؛ لتهويد المدارس والمناهج في القدس الشرقية.
وزعم "الموقع" و"الصحيفة"؛ أن ذلك يأتي في إطار خُطّةٍ لتطوير المدارس العربية في القدس الشرقية، شريطةَ أن يتمَّ تعديل المناهج في المدارس الفلسطينية بما يتوافق مع المناهج الإسرائيلية، وأن يتمَّ حذف جميع المحتويات التي تثير الفلسطينيين ضد إسرائيل، على أن تُنَفَّذَ تلك الخطة على مدار السنوات الخمس المقبلة.
ثالثًا: اقتحام المسجد الأقصى وسط حراسة الاحتلال الصهيوني:
اقتحم أكثر من 2000 يهودي -معظمهم من غُلاة المتطرفين-، صباح الأحد 13 مايو، باحاتِ المسجد الأقصى من جهة باب "المغاربة"، تحت حماية قوات الأمن الإسرائيلية، ضمن احتفالات ما يُعرَف بـ "يوم توحيد القدس".
وبدأ المستوطنون اليهود في الغناء والتصفيق وتأدية الصلوات التلمودية؛ لاستفزاز حرَّاس وسَدَنَة الأوقاف الإسلامية الذين احتشدوا لحماية الأقصى، الأمر الذي دفع أحد الفلسطينين إلى محاولة الاحتجاج على تصرفات هؤلاء اليهود المتطرفين، لكنَّ الشرطة الإسرائيلية هاجمته؛ ممَّا أدّى إلى وقوع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين، الذين ردّدوا: "الله أكبر.. الله أكبر".
وتوتَّرت الأجواء في محيط المسجد الأقصى لفترة طويلة، خاصةً بعد أن باركت منظمات الهيكل المزعوم اقتحاماتِ المستوطنين اليهود، وطالبت الإسرائيليين بالقدوم إلى باحات الأقصى لتأكيد حقوقهم، ورفع الأعلام الصهيونية في كل ربوع الحرم القدسي، وتأدية الصلوات التلمودية.
جديرٌ بالذكر؛ أن أكثر من ألفي يهودي شاركوا في تنظيم المسيرة، التي أُطلق عليها: "رقصة الأعلام"، في حيّ المسلمين بالقدس المحتلة، والتي اعتدَوْا فيها بتوجيه السِّباب لأمة الإسلام ونبيها "محمد" صلى الله عليه وسلم، والاعتداء على المواطنين الفلسطينيين.
وفي السياق ذاتِه، نشر موقع "هَر هَبَّيْت" خبرًا عن تواصُل الدعوات الصهيونية المتطرفة من قِبَل منظمات الهيكل المزعوم لاقتحام المسجد الأقصى، حيث يحتفل اليهود بـ"عيد الأسابيع"، الأحد 19 مايو، والذي يُعَدُّ أحد أعياد الحج اليهودية الثلاثة.
وأعلنت تلك المنظمات أن الحرم القدسي سيكون مفتوحًا أمام اليهود من الساعة (السابعة والنصف صباحًا حتى الحاديةَ عشرةَ ظهرًا)؛ للاحتفال بـ"عيد الأسابيع" وتأدية الصلوات التلمودية داخل باحات الحرم القدسي.
رابعًا: مسيرات العودة تدخل أسبوعها الثامن على التوالي:
يواصل الفلسطينيون نضالهم من أجل استرداد الأرض والعودة إلى وطنهم من خلال مسيرات العودة، حيث دعت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، إلى التظاهر ضد الاحتلال، في جمعةٍ أطلقوا عليها اسم: "الوفاء للشهداء والجرحى".
صورة: صحيفة التحرير
ودعت الفصائلُ الفلسطينية إلى التوجُّه إلى مخيّمات العودة الخمسة، على الحدود الشرقية للقطاع، وحضور الفعاليات التي من المقرر أن يكون بها إفطارٌ جماعي وإقامةُ صلاة التراويح.
وأحيا آلاف الفلسطينيين "جمعةَ الوفاء للشهداء والجرحى"، على أرض مُخَيَّم العودة، شرق محافظة "رفح"، جنوب قطاع غزة، ووصلوا قرب السياج الفاصل مع أراضي الـ48 بعد صلاة "العصر"، كما تجمهر المواطنون قُبالةَ جنود الاحتلال المتمركزين في موقع "كرم أبو سالم" العسكري، ورفعوا الأعلام الفلسطينية؛ الأمر الذي أدّى إلى إصابة خمسة مواطنين في الأقدام، برصاص الاحتلال الإسرائيلي.
وفي اليوم الثاني من أيام شهر رمضان المبارك، تواصلت الفعاليات؛ حيث أدَّى المتظاهرون صلاةَ "المغرب" على أرض المُخَيَّم، وتناولوا طعام الإفطار، كما أدَّوْا صلاتَي "العشاء والتراويح"، في خيمتين كبيرتين، خُصّصت إحداهما للرجال والأخرى للنساء، وقال القياديّ في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، سعد المغاوري: "سنواصل إرسال رسائلنا للاحتلال الجاثم على أرضنا.. أنه لا مقام له على أرضنا".
وأضاف "المغاوري" في حديثٍ لصحيفة "فلسطين": "هذه أرضنا أرض الآباء والأجداد، ومهما زيَّف اليهود والصهاينة التاريخَ والجغرافيا؛ ستبقى هذه الأرض لنا"، مُخاطِبًا اليهودَ: "ارجعوا إلى البلاد التي كنتم تسكنون فيها، ولن تكون لكم هذه الأرض مقامًا، ولن تكون لكم فيها حياة".
وشدّد القياديّ في "حماس" على عدم تنازل الفلسطينيين عن حقهم في العودة إلى الديار، لافتًا إلى أن "الحشود التي جاءت للمشاركة في مسيرة العودة -وهي صائمة- تبتغي أجر الرِّباط أمام الأسلاك الزائلة، وتؤكّد أنه لا مقام للاحتلال على أرضنا".
ونشر موقع "ميفذاك لايف" العبري خبرًا يفيد باندلاع مواجهاتٍ عنيفة بين قوّات الاحتلال والشباب الفلسطيني، في "العيساوية" بالقدس الشرقية، يوم الجمعة 18 مايو، في ساعةٍ متأخرة، حيث ألقى الشبابُ الحجارةَ وزجاجاتِ "المولوتوف" على قوات الاحتلال، وردَّت القوات بوسائل تفريق المتظاهرين، واعتقلت شخصًا، كما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية في "حيفا" 21 شخصًا، كانوا قد اشتبكوا مع قوات الشرطة، وحاولوا إغلاق الطرق، خلال مسيرةِ تأييدٍ لأهل غزة.
هذا، وقد ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن 1000 فلسطيني تظاهروا في يوم الجمعة على طول السياج الحدودي مع قطاع غزة، ضمن تظاهرات مسيرة العودة، وأصيب 9 أشخاص خلال المواجهات مع قوات الاحتلال، من بينهم: مصور وكالة "رويترز" الإخبارية، "باسم مسعود"، الذي أصيب في رأسه؛ جَرّاءَ إلقاء قنبلةِ غازٍ مسيلٍ للدموع عليه.
يُذكر، أنه في الساعات الأولى من شهر رمضان المبارك، شنَّ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلةَ غاراتٍ جوية على عِدّة أهداف شمال وغرب مدينة غزة، ولم تعلن وزارة الصحة الفلسطينية عن وقوع أيّ إصابات جَرّاءَ القصف.
وكانت قوات الاحتلال قد ارتكبت، الاثنين 14مايو، مجزرةً بحقِّ المشاركين في مسيرة "العودة الكبرى"، في قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد نحو 62 فلسطينيًّا على الأقل، بينهم 8 أطفال، وإصابة 2800 آخرين.
إضرابٌ شامل وأصواتٌ مُعارِضة
ذكرت صحيفة "هآرتس"؛ أن إضرابًا شاملًا قد تمَّ في القطاع العربي، يوم الأربعاء 16 مايو، حيث شمل: دُورَ رياض الأطفال، والمؤسساتِ التعليميةَ والصناعية؛ استجابةً لدعوات "لجنة المتابعة العليا"، للاحتجاج على قتل المتظاهرين في قطاع غزة، الذين وصل عددهم إلى 62 قتيلًا على الأقل، وإصابة نحو2770 آخرين، بينهم نحو 1350 شخصًا أصيبوا بالذخيرة الحيّة.
وعلى المستوى الدولي، أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا، يوم الجمعة 18 مايو، بتشكيلِ لجنةِ تحقيقٍ دولية؛ لتَقَصِّي الحقائق حول المذبحة الإسرائيلية، التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحقّ الفلسطينيين.
كما علَّق الأمين العامّ للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، "صائب عريقات"، على قرار مجلس حقوق الإنسان، قائلًا: "إن هذا هو القرار الصائب؛ حتى تتحمَّل إسرائيل المسئولية، وتتحقّق العدالة".