إطلالة على كتاب "آداب الثقافة لغير المسلمين" للمؤلف "بيتر هاينز"
صدر قبل بضعة أعوام في الحادي عشر من سبتمبر كتاب "بيتر هاينز" "آداب الثقافة لغير المسلمين" كدعوة منه إلى حسن التعامل مع المهاجرين من الدول الإسلامية إلى أوروبا. وفي الطبعة الجديدة التي صدرت منذ أيام يعتقد المؤلف أن الأشياء البسيطة في الحياة اليومية مثل الترحيب الصحيح أصبحت من القضايا الرئيسية في فكرة التعايش، ويقول الكاتب إن إعادة النظر في نشر الكتاب مرة أخرى كانت خطوة مهمة بسبب قدوم عددٍ كبيرٍ من اللاجئين إلي ألمانيا، كما يرى أيضًا ضرورة النظر في كل شيء يحدث عند التعامل مع المسلمين، لذا فإن الباحث الألماني للعلوم الإسلامية "بيتر هاينز" قدَّم في كتابه أكثر من 200 صفحة في آداب الثقافة لغير المسلمين، بالإضافة إلى ذلك عامة عن التيارات والمذاهب الدينية الأكثر أهمية، وكذلك المعرفة المعجمية والنظرية ثم بعد ذلك العملية، ومن أبرز التساؤلات التي أثارها كانت علي سبيل المثال: لماذا يهمل المسلمون في كثير من الأحيان في أوقاتهم؟ ولماذا لا يأتون في الوقت المناسب؟! هذا لا ينطبق فقط على المسلمين بل أيضًا على مسيحيي الشرق. ويرى الكاتب أن هذا لا ينبع من سوء نية أو عدم احترام للمواعيد بل هي مشكلة صعبة للغاية في المدن الشرقية الكبيرة مثل القاهرة وبغداد، فالشخص يأتي متأخرًا لساعة أو نصف الساعة، والعادة أنه لا يعطي موعدًا محددًا بل جرت العادة أن يكون الموعد في صورة "بعد الإفطار" أو "بعد صلاة الظهر" وما إلى ذلك من صيغ غير رسمية. لذلك فوجئ الكثير من اللاجئين في ألمانيا بأن الحضارة هنا أكثر انضباطًا. ويتوقع "بيتر هاينز" في كتابه أن اللاجئين لديهم الرغبة في الاندماج في المجتمع الألماني، وعليهم من وجهة نظره الاطلاع على الأعمال الأدبية المنشورة في تراثهم باللغات العربية والفارسية ولغات أخرى من أجل تسهيل اندماجهم في المجتمع الجديد ومعايشتهم لأفراده.
ويرى المرصد في تعقيبه على صدور هذا الكتاب أن مثل هذه المؤلفات التي تتناول قضايا التعايش والاندماج من الأهمية بمكان، وذلك لعدة أسباب، أولها: عملية المقارنة التي تنتهجها في تناول الحضارتين الشرقية والغربية وطريقة العيش هنا وهناك، والتي تبرز التباين بين هذه الثقافات وأسبابه، الأمر الذي يجعل القارئ يتنبه عن طريق هذه المقارنة إلى الجوانب والاتجاهات والعناصر الجديدة داخل ثقافة هذه البلدان التي هاجر إليها، الأمر الثاني: أن هذه الأعمال لا تتطرق كثيرًا إلى العوامل السياسية أو الدينية أو الاقتصادية التي قلما تهمُّ اللاجئين الباحثين عن الأدبيات السوسيولوجية التي تُقدَّم بلغةٍ سهلةٍ ميسورةٍ على غرار هذا الكتاب الذي تحدثنا عنه، يضاف إلى ذلك أمر ثالث مفاده: أن الكتاب لا يستهدف دائرة القرَّاء الأجانب أو اللاجئين فحسب، بل فيه مادة مهمة يعنى بها المواطنون في البلدان الغربية من غير المتخصصين، الذين بات عليهم أن يتعرفوا على الحضارة الشرقية وجوانبها بما فيها من مميزات وعيوب يجب أن توضع في الحسبان عند التعامل مع الوافدين من هذه الحضارات، هذا لأن عملية الاندماج يجب اعتبارها بالأخير مسألة مشتركة بين المواطن الأصلي والوافد عليه، ولا تتحقق بصورتها المطلوبة إلا بدارسة وانفتاح متبادلين بينهما، وأخيرًا سيواصل المرصد تتبعه وتحليله لأهم الأدبيات التي تنشر حديثًا وتعنى بشأن اللاجئين بشكل عام أو بالشأن الإسلامي بوجه خاص.
وحدة الرصد باللغة الألمانية
2547