المسلمات في أوروبا وقرار محكمة العدل الأوروبية
تطالعنا العديد من الصحف الأجنبية كل يوم بالعديد من الأخبار عن ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب، التي تتراوح بين الاعتداء اللفظي إلى القتل، ولكن يجمعها رابطٌ واحدٌ، وهو التخوف من الوجود الإسلامي في هذه الدول.
كما تؤدي هذه المظاهر إلى نتيجة واحدة، وهي شعور المسلمين بالخوف وهم في أوطانهم، ومع تنوع مظاهر الإسلاموفوبيا لكن يبقى أمر واحد ظاهر للعيان ونتيجة تكاد تكون مؤكدة، وهي أن أكثر المتضررين في هذه الظاهرة هم النساء، وقد تناولت تقارير عدة لمرصد الأزهر هذا الأمر بالرصد والتحليل.
وبالفعل هناك محاولات متعددة للتغلب على هذه الظاهرة سواء كانت تحركات حكومية أو مبادرات شعبية تحاول إثبات العكس أو الدعوة إليه بهدف نشر ثقافة التسامح.
لكن مع ذلك يبدو أن المسلمات في أوروبا على أعتاب موجة تمييز أخرى هذا الشهر بعد صدور قرار من محكمة العدل الأوروبية تقضي بحق المؤسسات في منع النساء المسلمات من ارتداء الحجاب، حيث نشر موقع (International Business Time)يوم 14 مارس أن محكمة العدل الأوروبية قد قضت بحق المؤسسات في منع موظفيها من النساء من ارتداء الحجاب، على أن يكون هذا في إطار حظر ارتداء أو إبراز الرموز الدينية الأخرى، طبقًا للوائح الداخلية للشركة أو المؤسسة والتي تنص على ضرورة ارتداء جميع الموظفين "زيًا محايدًا"، وذلك حسب ما أورده موقع "International Business Times". وتُعد هذا القضية هي الأولى من نوعها بين سلسلة من النقاشات الجدلية الدائرة حول حق النساء المسلمات في ارتداء الحجاب في العمل.
ويأتي هذا الحكم على خلفية قيام موظفتين من بلجيكا وفرنسا بالتقدم بقضية إلى محكمة العدل الأوروبية، بعد فصلهما من عملهما بسبب رفضهما خلع الحجاب.
وكانت المرأة البلجيكية، تعمل موظفة استقبال لدى مجموعة "جي فور إس" التي تقدم خدمات في مجال الأمن، وهي شركة تفرض حظرًا عامًّا على ارتداء أو إبراز أي رمز سياسيٍّ أو دينيٍّ. بينما تتعلق القضية الثانية بامرأة من فرنسا تعمل مستشارة بمجال تكنولوجيا المعلومات وقد طُلب منها خلع حجابها بعد شكوى مقدمة من أحد العملاء.
ربما يظهر القرار في مجمله أنه تسوية بين النساء من مختلف الديانات، لكن ما يجب فهمه هو أن الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة ليس مجرد زي، بل هو شعيرة دينية تلتزم بها المرأة المسلمة، والأهم من ذلك أنه شعيرة تمثل حرية شخصية في جانب منها، ومن جانب آخر فهي شعيرة لا تمثل ضررًا أو اعتداءً على أي أحد، فلا ضرر يمكن أن يسببه الحجاب للمجتمع في حد ذاته ولا لأفراده.
كنا نتطلع أن يكون قرار المحكمة الأوروبية أقرب إلى تعزيز حرية المرأة المسلمة بدلًا من تسهيل التعسف ضدها في حق العمل، ذلك الحق الذي تسعى كافة الدساتير إلى تمكين المرأة منه، بل وربما تتدخل منظمات دولية في سياسات دول بهدف تعزيز هذا الحق وتمكين المرأة منه.
ومع ذلك فإننا نأمل أن يكون تصرف المنظمات الإسلامية العاملة في أوروبا تصرفًا حكيمًا يسعى إلى تفعيل دور القانون في مواجهة هذا القرار حفاظًا على حق النساء المسلمات من جانب، وحفاظًا على علاقة المسلمين بالدول التي يعيشون فيها من جانب آخر.
وحدة رصد اللغة الإنجليزية
4011