أوروبا تجنح يمينًا: فوز خيرت فيلدرز في الانتخابات الهولندية
/ الأبواب: اليمين المتطرف

أوروبا تجنح يمينًا: فوز خيرت فيلدرز في الانتخابات الهولندية

حقق الناشط الهولندي اليميني خيرت فيلدرز فوزًا وصفه موقع رويترز بأنه "تاريخي"، حيث من المقرر أن يتولى فيلدرز رئاسة الوزراء في هولندا إذا نجح في تشكيل حكومة ائتلافية بالتحالف مع الأحزاب الأخرى حين تسلمه السلطة في النصف الأول من عام ٢٠٢٤.

وقد تجاوز حزب "من أجل الحرية" الذي يرأسه فيلدرز كل التوقعات، إذ فاز بـعدد ٣٧ مقعدًا من أصل ١٥٠ مقعدًا تشكل إجمالي مقاعد البرلمان الهولندي، متقدمًا بفارق كبير عن القائمة المشتركة لحزب العمال/ الخضر التي فازت بعدد ٢٥ مقعدًا، وكذلك "حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" المحافظ -الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته مارك روته- الذي فاز بعدد ٢٤ مقعدًا.

ويعد فوز فيلدرز رسالة تحذير شديدة اللهجة للأحزاب المعتدلة في أوروبا قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المزمع إجراؤها في شهر يونيو ٢٠٢٤.

ردود الفعل: ما بين الترحيب والقلق

-     ردود الفعل على المستوى المحلي

عبر المسلمون في هولندا عن قلقهم من هذا الفوز لأن تاريخ فيلدرز حافل بالهجوم على الإسلام والمسلمين، فقد صرح رئيس المنظمة الهولندية التي تمثل المغاربة الهولنديين: "إن الضيق والخوف هائلان" وأضاف: "فيلدرز معروف بأفكاره السوداء عن المسلمين والمغاربة، ونخشى أن يعاملنا بوصفنا مواطنين من الدرجة الثانية".

وعبرت بعض الأحزاب الهولندية عن تشككها في قدرة فيلدرز على تكوين حكومة ائتلافية والعمل مع الأحزاب الأخرى؛ فصرحت ديلان يسيلجوز -زعيم حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية: "الأمر متروك لفيلدرز ليثبت أنه قادر على تشكيل أغلبية. ولا أتوقع أن يحدث ذلك." وقال زعيم حزب العمل الهولندي فرانس تيمرمانز: "لقد تحدثت الديمقراطية، والآن حان الوقت للدفاع عن الديمقراطية، والدفاع عن سيادة القانون. وعلينا أن نتكاتف ضد الإقصاء، وضد التمييز". وأضاف "من الواضح أن الكثير من الناس يتوقعون حلولاً من اليمين، ويجب على اليمين أيضًا أن يظهر ذلك."

 

-     ردود الفعل على المستوى العالمي

تراوحت ردود الفعل على هذه الأخبار ما بين الترحيب والشعور بالقلق؛ فمن ناحية أظهر من يناصرون فيلدرز من اليمين المتطرف ترحيبًا وسعادة غامرة بهذا الفوز واعتبروه خطوة في الاتجاه الصحيح، فيما عبّرت الأطراف الأخرى عن شعورها بالقلق من تنامي اليمين المتطرف ووصول ممثليه إلى السلطة. فقد صرح رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف فيكتور أوربان: "هبت رياح التغيير، تهانينا لخيرت فيلدرز على فوزه في الانتخابات الهولندية".

وعبرت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان عن سعادتها بهذا الفوز قائلة: "تهانينا لخيرت فيلدرز وحزب الحرية على أدائهم المذهل في الانتخابات التشريعية، الذي يؤكد التمسك المتزايد بالدفاع عن الهويات الوطنية" وأضافت: "لأن هناك أشخاصًا يرفضون رؤية الشعلة الوطنية تنطفئ، فإن الأمل في التغيير يظل حيًّا في أوروبا".

واعتبر زعيم اليمين المتطرف البلجيكي توم فان غريكن أن هذا الفوز تعبير عن رغبة الناس في التغيير، قائلًا: "أود أن أهنئ خيرت فيلدرز على هذا النصر، فمن الواضح أن السكان يتوقون إلى تغيير حقيقي. ليس فقط في هولندا، ولكن أيضًا في الإقليم الفلامندي - الجزء الشمالي الناطق بالهولندية من بلجيكا".

ورحب زعيم اليمين المتطرف الإسباني سانتياغو أباسكال بهذا الفوز أيضًا، فقال: "تتزايد أعداد الأوروبيين في الشوارع وأمام صناديق الاقتراع من المطالبين بالدفاع عن دولهم وحدودهم وحقوقهم." واعتبر زعيم اليمين المتطرف الإيطالي ماتيو سالفيني أن هذا الفوز يعبر عن بداية الطريق لأوروبا جديدة من وجهة نظره، فقال: "تهانينا لصديقنا خيرت فيلدرز، زعيم حزب من أجل الحرية والحليف التاريخي للرابطة، على هذا النصر الانتخابي الاستثنائي. إن أوروبا الجديدة ممكنة".

أما من يرون في اليمين المتطرف تهديدًا لقضايا الاندماج ووحدة الاتحاد الأوروبي فقد عبروا عن قلقهم من هذا التوجه الجديد للناخبين؛ فقد قالت وزيرة الاتحاد الأوروبي الألمانية آنا لورمان: "إن المستوى العالي من الدعم للقوى المناهضة لأوروبا في هولندا أمر مرير. ويتعين على جميع المؤيدين لأوروبا الآن أن يعملوا لمنع تكرار ذلك في الانتخابات الأوروبية. لأن أوروبا تحمي حريتنا، وديمقراطيتنا، وأمننا".

وفي السياق ذاته صرح حزب الخضر الأوروبي: "إن نتيجة الانتخابات مثيرة للقلق للغاية وتمثل تحولًا واضحًا نحو اليمين المتطرف في هولندا. ويجب على جميع الأحزاب الديمقراطية في الوسط السياسي الآن توحيد قواها ومنع تطور الأيديولوجيات المتطرفة".

من هو خيرت فيلدرز؟

ولد خيرت فيلدرز عام ١٩٦٣ لأسرة مسيحية كاثوليكية، ولكنه أعلن إلحاده فيما بعد، وقد سافر إلى الكيان الصهيوني في فترة شبابه وعاش فيه عامًا، كما زار بعض الدول العربية. وهو يميني شعبوي متطرف بنى شعبيته على العداء للإسلام والمسلمين؛ فكثيرًا ما يهاجم الإسلام والمسلمين والقرآن، وقد ذكر أكثر من مرة أنه يريد منع المهاجرين وطالبي اللجوء -وخصوصًا المسلمين- من دخول هولندا ومنع القرآن أيضًا، كما أنه معارض للاتحاد الأوروبي، وتعهد بوقف ما تسهم به هولندا من مخصصات مالية في الاتحاد الأوروبي، والعمل على منع انضمام أية دولة جديدة للاتحاد، بما في ذلك أوكرانيا، بل إنه صرح لمجموعة من الصحفيين أنه يميل إلى إجراء استفتاء بشأن خروج هولندا من الاتحاد الأوربي. وهو من أشد المعجبين بسياسة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الشعبوي السابق، وفيكتور أوربان رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف هو الآخر، كما أنه مؤيد قوي للكيان الصهيوني.

أُحيل فيلدرز للمحاكمة أكثر من مرة؛ فقد حوكم في العام ٢٠١١ على تصريحات معادية للإسلام؛ إذ قارن الدين الإسلامي بالنازية ودعا إلى فرض حظر على القرآن؛ وانتهت المحاكمة بالتبرئة. وكانت محكمة هولندية قد أدانته في عام ٢٠١٦ في أعقاب تقدم نحو ٦٤٠٠ شخص بشكاوى للشرطة ضده لتصريحات أدلى بها في أثناء حملته الانتخابية المحلية في لاهاي. في ذلك التجمع الانتخابي سأل فيلدرز أنصاره عما إذا كانوا يريدون مغاربة أكثر أم أقل في هولندا؟ فهتفوا: "أقل... أقل"، فابتسم قائلا: "سنعمل على تحقيق ذلك". وقد تمت تبرئته من هذه التهمة أيضًا. ويستغل فيلدرز تلك الإحالات القضائية للترويج لنفسه وحزبه ولتعزيز شعبيته.

الموضوع السابق الهجرة غير الشرعية تؤرق قبرص.. المهاجرون بين سندان العزلة ومطرقة اليمين المتطرف
الموضوع التالي تكتلات جديدة لليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا اللاتينية: المخاطر والتوقعات
طباعة
422

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.