الجماعات المتطرفة

 

14 سبتمبر, 2017

زوجة أحد مقاتلي "داعش" القدامى تروي شهادتها

"كنتُ أعيش كابوسًا".. هكذا وَصفتْ "إيمان عثماني"، القادمة من تونس، والبالغة من العمر 25 عامًا، الفترةَ التي عايشتْ فيها ميليشيا تنظيم "داعش" الإرهابي، بمدينة "الرّقّة" السورية، بعد أن ارتحلت إليها هي وزوجها من تونس؛ للانضمام إلى ما يُسمَّى "الدولة"، بعدَ ما أوهمتها دعايات التنظيم المُضَلِّلة، المنتشرة عبرَ وسائل التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية؛ أنهم يعيشون في "المدينة الفاضلة"، وأن شريعة الإسلام هي قانونهم الذي يُطَبِّقونه على الجميع بلا مُحاباةٍ أو مجاملة. لم تكن "إيمان" تتخيل أن هذه العصابةَ التي لا تَعلمُ عن الإسلام إلّا اسمَه، وتَدّعي زورًا أنها  تُمثّل الإسلام وتُطبِّق شَرْعَه وتَرفعُ رايته، وتعامل الجميع على قدم المساواة؛ لم تكن تعلم أن كل ذلك كذبٌ وخداعٌ ووسيلةٌ لإيقاع الفَرائس في المَصايد.. "حتى إذا أَطبقت الخدعة، عَزّ الفِرار"؛ يفعلون ذلك من أجل جذب مَن لديهم شعورٌ يدفعهم إلى خدمة دينهم، فلا يجدون لذلك سبيلًا قويمًا ولا طريقًا مستقيمًا، يستغلّون تلك النزعة الدينية فيتصيّدون هؤلاء الشبابَ، تحت مزاعمَ واهيةٍ وادّعاءاتٍ كاذبة، وحين يتمكن هؤلاء الشباب من اكتشاف هذا الكذب والادّعاء، يكون قد فات الأوان ووقَع المحظور.

   وتقول "إيمان عثماني": قِصّتي غريبةٌ جدًّا، أشعرُ من خلالها بالندم، ولا يوجد بها ما يمكن أن أفتخرَ به؛ عندما شاهدتُ فيديوهات "داعش" أنا وزوجي  شاهدْنا أناشيدَ رائعةً وخِيَمًا جميلةً بَنَوْها بسوريا، كما شاهدْنا " في الفيديوهات" كيف يعاملون الصغار، وكيف أن جماهيرَ الناس مُلّتفةٌ مِن حولهم تُشجّعهم وتؤيّدهم، سواء من السوريين أو المهاجرين القادمين إليهم من بلدان مختلفة.

وأضافتْ: بعد ما رأيناه تمنّيتُ أنا وزوجي السفر إلى هناك لمعايشة هذه التجربة والمشاركة فيما يحدث؛ لذا قرّرنا الالتحاق بالتنظيم  بعد ما سمعناه من إيجابياتٍ وحُسْن معاملة وبطولات يقوم بها أعضاء هذا التنظيم، لكن بمجرد وصولنا إلى هناك، حيث المدينةُ التي تخيّلْنا أنها فاضلة ، والجماعة التي تخيلنا أنها تُمثّل الدين وتطبقه، والقانون الشرعيّ الذي يجعل الجميع على قدم المساواة، لا تمييزَ أو مُحاباة،  تَيَقَّنّا أن كل  ما تصوّرناه  بعقولنا كان مجرّدَ أحلامٍ سرابيّةٍ، بُنيت على أوهامٍ من الكذب والخداع الذي كنا نشاهده عن هذا التنظيم.

وتابعتْ: لقد عِشنا واقعًا مختلفًا تمامًا عمّا هو موجودٌ في عقولنا وتصوُّراتنا، لقد كان أشبهَ بسرابِ الماء الذي يراه الظَّمآنُ من بعيدٍ حتى إذا جاءه لم يَجده شيئًا، وليته لم يَجده فقط، بل وَجَد عكس ما كان يُروّج له؛ فالعدلُ ظلمٌ، والمساواةُ تمييزٌ، وحُسْنُ المعاملة استعبادٌ وامتهانٌ واستغلال،  لم نكن على علمٍ بشيءٍ ممّا يقوم  به أعضاء التنظيم من أعمالٍ وحشيّةٍ، ومِن قتلٍ للأبرياء  وسَلْبٍ ونَهْبٍ للمُتلَكات،  واغتصابٍ  للنساء،  وسوءِ معاملةٍ لِمَن هم في مناطقهم،  ولِمَن يَقبعون تحت سيطرتهم، كنّا نعيش في رعبٍ بمعنى الكلمة، كنا نخاف حتى الخروجَ إلى الشارع، لم أكن أنا ولا زوجي نستطيع النوم؛  خوفًا من أن يَقتحمَ علينا أفرادُ التنظيم المنزل ليَختطفوا زوجي أو يقتلوه أمام عيني، لقد كانوا يُذيقون الناس أصنافًا من العذاب، وإذا أَبَتْ إحدى النساء تغطيةَ وجهِها بالكامل؛ كانوا يقومون بتعذيبها وضَرْبِها أمامَ  أَعْيُنِ الجميع بالشارع، حتى إنهم في إحدى المرّات  قاموا بتعذيب إحدى النساء  الحوامل حتى  نَزَفَتْ دمًا، ولم يُراعوا حالها أو الضررَ الذي قد يَلحقُ بجنينها جَرّاءَ هذا التعذيب.

وقالت "إيمان عثماني": سَجنوا زوجي وعَذّبوه عندما رفَض الذهاب إلى "العراق"، وأراد البقاءَ معي في "الرّقّة"، ووضعوه في حجرةٍ صغيرةٍ يأكلُ فيها وينامُ فيها ويَقضي فيها حاجتَه. لقد تَحَوّل الأمرُ سريعًا إلى كابوسٍ كنتُ أتمنّى دائمًا أن أستيقظَ منه، أنا لستُ مجرمةً، لو كنتُ مجرمةً أو إرهابيّةً  لمَكَثْتُ مع "داعش" وقاتلتُ معهم؛ ما يقوم به "داعش" ليس  له عَلاقةٌ بالجهاد في سبيل الله.

وحدة الرصد باللغة الألمانية