الجماعات المتطرفة

 

01 أكتوبر, 2017

ضحايا هجوم برشلونة وواجب الدولة الإسبانية

     يظن تنظيم داعش الإرهابي أنه من خلال هجماته الإرهابية في من باريس ونيس وبروكسل ولكن هذه المرة في برشلونة من خلال حادث الدهس الذي وقع في إحدى المناطق السياحية ومدريد وغيرها إنما يؤلم الدول ومواطنيها، وخفى عن باله أو أنه تناسى أن المسلمين هو أول ضحايا هذه العمليات الإجرامية، ربما لم يكونوا ضحايا مباشرين لكنهم يواجهون بعد كل عملية إجرامية حملات شرسة تطالهم وتطال أماكن عبادتهم ويوضعون في دائرة الشك والريبة بعدما كانوا بالأمس القريب يستشعرون بأنهم جزء أصيل من مجتمعاتهم التي يعيشون فيها.
وقد أدرك بعض الكتاب هذه الحقيقة، فوجدنا في الصحافة الإسبانيا من يتناول هذه القضية ويؤكد أنه يجب ألا ننسى أن المسلمين أنفسهم هم ضحايا هذه الأعمال الدنيئة لأنهم يعانون من تبعاتها في الشارع وفي تعاملاتهم اليومية ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة والتي تمثل وسيلة ضغط على الجمعية الإسلامية هناك. علاوة على أن هذه الأعمال العدائية لم تقتصر على المسلمين فقط بل وعلى دور عبادتهم أيضاً، رغم إدانة ورفض المسلمين لهذه الأعمال واستنكارها منذ الوهلة الأولى، الأمر الذي يثير القلاقل ويؤثر على حالة الاستقرار للمجتمع الإسباني.
هذه الحالة تستدعي من الشخصيات السياسية والدينية وكذلك الاجتماعية أن تعمل على تهدئة الأجواء من خلال الخطاب المتزن الذي يرفض العدائية والتمييز. وقد اتضح للجميع استراتيجية هؤلاء المتطرفين في الاستقطاب، فالخلية الإرهابية التي ارتكبت هجمات برشلونة جميع أفرادها من حديثي السن ما بين 17 إلى 23 عاماً تقريباً وهذه الفئة هي هدف الجماعات الإرهابية في عملية التجنيد وغسيل المخ.
والقضية المثارة حالية وبشدة في الوسط الإسباني هي عملية تأهيل الأئمة ومنع استقدام من تحوم حوله الشبهات أو مناصرته الأفكار المتطرفة. يجب أن تشتمل أماكن العبادة على مساحات لتوعية الشباب والعمل على تحقيق التعايش داخل المجتمع، ونقل قيم التسامح واحترام الآخر، كل ذلك لن يتم إلا بالتعاون وتحفيز جميع النخب الإسلامية في إسبانيا بالتعاون مع جميع الجهات الدينية والسياسية والاجتماعية الفاعلة لتطوير نموذج فكري إسلامي يراعي الأسس الثقافية والفكرية للمجتمع الإسباني. من ناحية أخرى على الدولة الإسبانية أن تستوعب المسلمين بشأن قضاياهم الدينية والمشاريع الثقافية لا سيما الشباب وأن يعتبروهم جزءاً من المجتمع الإسباني بحق وتشجيع الشباب في كافة المقاطعات الإسبانية على الإندماج والمشاركة الفاعلة في كافة الأنشطة المجتمعية، كذلك يجب على الدولة الاهتمام بالإشكاليات التي تقابل المسلمين والتي أفرد لها مرصد الأزهر دراسات مستقلة، على سبيل المثال إشكالية تدريس التربية الإسلامية في المدارس الإسبانية التي يوجد بها طلاب مسلمون.
من جانبنا نرى أن هذه الكلمات عقلانية جدا وربما إذا ما تمت بهذه الكيفية ستسهم بشكل هائل في حل الكثير من المشكلات وحالة الجدل في الوسط الإسباني، كما نؤكد أن الأزهر كمرجعية إسلامية سنية وسطية على مستوى العالم لن تألو جهدا في أن تقدم يد العون والمساعدة في عملية تأهيل الأئمة وإخضاعهم لبرامج تدريبية على مستوى عالي بما يسهم في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير في مواجهة التطرف والغلو الذي تمارسه جماعات التطرف والضلال.