الجماعات المتطرفة

 

04 أكتوبر, 2017

قراءة في إصدارات حركة الشباب وتأثيرها على مسلمي كينيا

 

     لم تكتفِ حركة الشباب بكمّ الدمار والخراب الذي خلّفته هجماتها واعتداءاتها في الصومال وكينيا، فتحوّلت إلى تدمير العقول وتلويث الفكر ببثّ سمومها وأفكارها الخبيثة بين الكينيين.
 ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية شرعت الحركة في حرب من نوعٍ آخَرَ، سلاحُها الكلمات والصور وذخيرتها الأفكار الهدّامة ووقودها نار الفتنة التي تريد تلك الحركة إشعالها في الأراضي الكينية؛ فتنة بين الشعب وحُكّامه، فتنة بين أبناء الوطن الواحد مسلميهم ومسيحييهم، فتنة إذا ما نجحت تلك الحركة في إيقاعها لكان وبالها غير محمود على المجتمع الكيني بأسره.

Image


بدأت حركة الشباب حربها الإعلامية الدعائية بإصدار اختارت له عنوانًا: "وحَرّض المؤمنين" وجاء على جزأين، قام مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بمتابعته وتحليله والرد عليه، ثم أطلّت الحركة علينا بإصدارٍ آخَرَ اقتطعت له كلماتٍ من كتاب الله واتخذتها عنوانًا للإصدار؛ "لا مرحبًا بهم إنهم صالو النار"، وقد اهتم هذا الإصدار برفض ما أسمته الحركة "الغزو الكيني للصومال" معتبرة أن ما تقوم به القوات الكينية من نشاطات في الأراضي الصومالية ليس هدفه حفظ السلام أو فرض السلام، بل فرض النفوذ والسيطرة على الأراضي الصومالية وما تمثّله من أهمية استراتيجية لكينيا  -حسب تعبير الحركة –.

Image


ثم قدّمت بعد هذا الإصدار، واحدًا آخَرَ لم يختلف عنه كثيرًا وكان بعنوان: "حقيقة الغزو الكيني قبل وبعد عملية تحرير الأرض"، استعرضت الحركة فيه ما اعتبرته نجاحاتٍ لها في ردع الغزاة الكينيين – حسب تعبير الحركة – متباهيةً بما حققته من هجمات على القوات الكينية.
 كما أشارت الحركة من خلال هذا الإصدار إلى ما أسمته انتهاكات القوات الكينية على الأراضي الصومالية؛ حيث تحدّثت الحركة عن وقوع انتهاكات كثيرة من قِبَل الجنود الكينيين بحق الصوماليين، مُطالِبةً الحكومة الصومالية والشعب الصومالي برفض هذا التدخُّل "السافر" وطرد القوة الكينية.
ولم تنتظر حركة الشباب كثيرًا بعد إطلاق هذين الإصدارين حتى خرجت علينا بإصدارٍ ثالث قد يكون الأخطرَ في سلسلة الإصدارات التي أطلقتها الحركة خلال الآونة الأخيرة؛ "وحرّض المؤمنين" إصدارٌ مرئي ركّزت الحركة فيه على استثارة غضب الشباب الكيني والصومالي على السواء واستنفارهم ضد حكوماتهم بداعي الثورة على الظلم والاستبداد وادّعت أن مُقاتَلَة "الحاكم الكافر" واجبٌ شرعي، وهو تصريحٌ بتكفير الأنظمة لتسويغ تنفيذ هجمات عليها وتسويغ تخريب البلاد بدعوى تخليصها من حُكم الكفار، الأمر الذي يراه مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف تطورًا خطيرًا للغاية بعد أن تبنّت الحركة عددًا من العمليات التي استهدفت مواقعَ وشخصياتٍ بارزةً في الحكومة كان آخرها نائب الرئيس الكيني.

Image


وبعد فترةٍ وجيزة أصدرت حركة الشباب إصدارها التاليَ بعنوان: "هل أنت راضٍ"؟! وهو إصدارٌ وجّهته الحركة للشباب الكيني لاستفزازهم ضد النظام وتكفير المجتمع، لا سيّما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في كينيا، وقد حرصت الحركة على دعوة مسلمي كينيا لمقاطعة هذه الانتخابات بداعي بطلانها شرعًا، مؤكدةً مواصلة ما زعمتْ أنه نضالٌ مسلّح ضد الغزاة الكينيين وحكومة مقديشو بزعم إقامة الشريعة.
وأعقبت الحركة هذا الإصدار الذي كان عبارة عن استجواب لمسلمي كينيا حول مدى رضاهم عما تمارسه حكوماتهم من ظلم وقهر واستضعاف للمسلمين –حسب تعبير الحركة– بدعوتهم إلى الثورة على حكامهم، بل ومجتمعاتهم تحت مظلة التكفير والخروج على الشريعة.

Image


أما آخر إصدارات "الشباب" فجاء عبارة عن محاضرةٍ مطوّلة لأحد قياديّ الحركة ويُدعى أحمد إيمان علي، بعنوان: "ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون"، وهو إصدارٌ تحريضي جديد تحت ستار الدعوة إلى التبرؤ من موالاة الكافرين –بحسب الإصدار– كما يشير المتحدّث في هذا الإصدار إلى عاقبة موالاة الكفار ومناصرتهم، كما أكد الإصدار أن انتخاب الظالم ظلمٌ أكبرُ في إشارةٍ إلى الانتخابات الكينية المقبلة؛ بهدف حَثّ الشباب على مقاطعتها باعتبارها ضربًا من ضروب الموالاة والمناصرة لنظامٍ تراه الحركة كافرًا.

Image


هذا؛ ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف أن تَواليَ هذه الإصدارات وغيرها من حركة الشباب يَهدِف إلى تسميم عقول الشباب الذين هم وقود الأمة وعماد مستقبلها، الأمر الذي يتطلب مواجهة من نوعٍ خاص قوامها المتابعة الحثيثة والتحليل العميق والرد على ما تأتي به من شبهات، وتوجيه خطابٍ مضاد يعمل على إصلاح ما يفسده أولئك المتطرّفون من أفكار، وتقديم الفكر المستنير الهادف إلى مواجهة المزاعم بالحُجَج والادعاءات بالبراهين؛ عملًا على إنقاذ العالم من براثن التطرّف ومَخالب التشدّد والإرهاب، وإغلاق الباب أمام كلِّ مدخلٍ للعنف الذي ليس من الإسلام في شيء.
كما يؤكّد المرصد مواصلةَ سعيه الدءوب لتعقُّب هذا الفكر والرد عليه بما يدحضه؛ حتى يظهرَ للعيان مدى خُبْث هذه الجماعات وفساد عقيدتها.

 

مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف

  وحدة رصد اللغات الإفريقية