الجماعات المتطرفة

 

16 أكتوبر, 2017

خفافيش الظلام والإرهاب في إفريقيا

قد لا يكون من الصواب قَصْر الإرهاب والمسئولية عن العنف والتوترات الأمنية وضرب استقرار البلاد وترويع العباد على التنظيمات المعروفة بالاسم من داعش وبوكو حرام والشباب وطالبان وغيرها؛ إذ ثمّة مصادر أخرى للترويع والقتل والتشريد، فمهما كان الدافع والتوجّه فليس هناك ما يسوّغ حمل السلاح والخروج على الآمني،ن وتحويل معيشتهم بين رعب وذعر وترقّب للحظة التي تصيبهم فيها نيران مسلّحين أعمتهم المصالح وربما الغضب من وضع سياسي أو اجتماعي ما عن جرم لا يدانيه جرم، وهو قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، أو على أقل تقدير تشريد آمنين من ديارهم وإجبارهم على البحث عن وطن جديد يجدون فيه ملاذًا آمنًا بعيدًا عن دوي الطلقات ووقع القنابل والعبوات الناسفة.
إن المشهد الدامي الذي يعاينه العالم اليوم لا يمكن اختزاله في جماعات وتنظيمات تسلّطت عليها الأضواء الإعلامية وحازت اهتمام العالم أجمع، بينما أخذت جماعات وتنظيمات ومليشيات وخلايا أخرى تنمو وتنشط في أماكن يمكننا أن نطلق عليها "أنحاء مظلمة من العالم" حتى صارت تمثّل خطورةً لا تقل بحال من الأحوال عن تلك التنظيمات التي تتصدّر أخبارها صفحات الصحف والمواقع الإخبارية العالمية ويتناول قادة العالم ومؤسساته الكبرى بحث سبل مواجهتها والقضاء عليها في اجتماعاتهم وتتشكّل تحالفات دولية.
ولعلّ القارة الإفريقية باتت مسرحًا مفتوحًا تتحرّك عليه تنظيمات مسلّحة تحت أسماء ورايات مختلفة إلا أن الناتج واحدٌ، دماءٌ تسفك، وأرواحٌ تُزهَق، وأوطانٌ تنزِف وتتخلّف عن ركب التنمية التي تنشدها، وإذا ما أمعنّا النّظر في الأوضاع الأمنية لعدد غير قليل من بلدان القارة الإفريقية من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، نجد أنّ أغلب هذه البلدان تعاني عنفًا وتخريبًا تمارسه جماعات ومليشيات وتنظيمات مسلّحة حتى بلغ الأمر حد الحروب الأهلية والإبادة الجماعية، وما رواندا والكونغو وغيرها منا ببعيد.
وثمّة عدد من التساؤلات تطرح نفسها هنا:
   إلى متى سيظل الوضع هكذا في قارة تحتاج الخبز فيستشري فيها السلاح؟
   إلى متى تتدفق موجات المهاجرين الباحثين عن ملاذ آمن ومستقرّ ملائم؟
-     إلى متى ستبقى الشعوب الإفريقية تعاني الجهل والمرض والفقر وينتشر في أوساطها العنف والاقتتال؟
   متى سيحلّ الأمن والاستقرار بتلك البلدان التي لطالما عانت إرهابًا غير نظامي هو أشدّ خطرًا من الإرهاب المنظّم المعلن؟
   من المسئول عن تأجيج الفتن بين أبناء الوطن الواحد؟
   من المسئول عن فوضى انتشار السلاح في القارة حتى صار أسهل في الحصول عليه من جرعة الماء؟
إنّ الشواهد التاريخية تؤكد أنه لن ينقذ هذه القارة سوى أبناؤها المخلصون، ولن تبرأ أوجاعها وتتخلص من أسقامها إلا بجهودهم، فيا أبناء إفريقيا تعلّموا ما ينفعكم، واحذروا أن تكونوا سهامًا يصوبها أعداء الإنسانية في قلب قارتكم، أو قنابل موقوتة يتم تفجيرها عن بعد فتحطم آمال الشعوب وتبدّد أحلام أوطان بأكملها. ولا تتأثروا بإملاءات وإغراءات وإغواءات لا تريد بكم ولا بقارتكم خيرًا. ولا تمنحوا الجماعات المسلّحة والتنظيمات المتطرّفة فرصة امتلاك عقولكم والسيطرة على مصائركم والتحكم في مستقبلكم ومستقبل بلادكم.
ولما كانت القارة الإفريقية من أكثر بقاع العالم اشتعالًا بالأحداث والمواجهات المسلّحة – إن لم تكن أكثرها – كانت الحاجة ماسة لمحاربة ظاهرة العنف وانتشار السلاح في هذه القارة، ومن هنا وضع مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف على رأس أولوياته تصحيح الفكر المغلوط لدى الشباب ونشر الفهم الصحيح والتأكيد على حرمة الدماء واحترام الآخر وبناء الوطن وتنميته لا هدمه وتخريبه، كما يتابع المرصد تحركات هذه الجماعات والتنظيمات لا المعروفة إعلاميًا فحسب، بل كل ما من شأنه حمل السلاح والخروج عن أطر التعايش السلمي والإسهام في بناء المجتمعات.

وحدة رصد اللغات الإفريقية