الجماعات المتطرفة

 

22 أكتوبر, 2017

ماذا تبقي لداعش بعد السقوط؟

     مع سيطرة قوات التحالف الديموقراطي السورية المدعومة من التحالف الدولي، على مدينة الرقة معقل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وعاصمة دولته المزعومة، يعتبر هذا هو النهاية الرسمية، لشبح داعش الإرهابي الذي استمر منذ  عام 2014 مع استيلائه على الرقة وما تبع ذلك من توسعات.
لكن هذا لا يعنى أبدًا سقوط داعش نهائيًّا أو انتهاء خطرها، بل ربما يكون خطر داعش القادم لا يقل بحال عن خطرها في ظل دولته الوهمية، ولا شك أن هناك العديد من التحليلات التي تناولت ما بعد داعش، وقد نشر مرصد الأزهر أكثر من مقال في هذا الصدد، لكننا نحاول هنا تسليط الضوء على ملمح مهم في إستراتيجة داعش ما بعد الدولة.
داعش ما بعد الدولة - الآليةُ الإعلامية ومقاتلو التنظيم
نجحت داعش في إقامة آلة إعلامية قوية، وما زالت تلك الآلة تعمل بفضل الفضاء الإلكتروني، وربما ستكثف داعش في الفترة المقبلة تركيزها، على فكرة أنها باقية رغم خروجها من الموصل، وأن "أشبال الخلافة قادمون"، وأن "الابتلاء سنة الأنبياء"، لكن "جنود الدولة صامدون في سبيلهم"، وغير ذلك من أمثال تلك الشعارات.    
ولعل مما يصبُّ في هذا التوجه، فكرة أن داعش بدأت منذ فترة انتهاج مبدأ تبني أي عمل إرهابي، حتى ولو لم يكن لها به صلة، في محاولة لاستغلال أي عمل إرهابي لصالحها لإبراز قوة وهمية، ولسنا بعيدين عن حادث "لاس فيجاس" الذي أصدرنا تقريرًا بشأنه يوضح كذب داعش في دعوى صلتها بالحادث.
لكن يبدو أن داعش سوف تنتهج هذا الأسلوب بكثرة من الآن فصاعدًا، وليس هذا فقط، ولكن سيصل الأمر إلى حد إطلاق تهديدات عشوائية، لمحاولة تخويف العالم وإظهار أنها ما زالت تتمتع بشبكة قوية، من الأتباع المستعدين لمواصلة ولائهم لهذا التنظيم.
فعلى سبيل المثال أورد موقع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، خبرًا بشأن توعد تنظيم داعش بشن هجمات في نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا؛ حيث نشرت صورًا دعائية لجهادي يحمل قنبلة أمام استاد كرة القدم ويرفع العلم الأسود االخاص بالتنظيم.
يأتي هذا عقب أسبوع من نشر تنظيم داعش – حسب ما نشر موقع مجلة " NEWSWEEK " الأمريكية - صورة دعائية جديدة تضم صورة ممزقة من آثار الرصاص للرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين،  في إشارة لدعوة أتباع التنظيم لتنفيذ المزيد من الهجمات على دولتي أمريكا وروسيا.
وربما تكون الصورة - كما يرى بعض المحللين- نوعًا من الدعاية التي نشرتها داعش حديثًا، تزامنًا مع إصرار داعش، على أنه المسئول عن حادث إطلاق النار الكبير، الذي وقع في "لاس فيجاس"، ووصفه المحللون بأنه الأَدْمى في تاريخ أمريكا الحديث، لكن لا شك أن الغاية الأهم من هذه الأخبار، هي إشاعة الخوف في العالم بقوة وهمية للتنظيم، وسوف يستفيد التنظيم في هذا من أي عمل إرهابي حتى لو كان مرتبكه غير مسلم.
لكن هذا لا يعني أن خطورة التنظيم قد انتهت، فلا تزال فكرة "الذئاب المنفردة" باقية حتى اللحظة، وداعش لها جنودها الذين سيحاولون الهروب من سوريا إلى أي مكان آخر، والانضمام لجماعة أخرى، أو حتى يحاول صغار المقاتلين العودة لبلادهم، وهذه إشكالية أخرى تستلتزم من الجميع رقابة أمنية صارمة.
فعلى سبيل المثال أورد موقع "الديلي ميل" خبرًا بعنوان "خلايا داعش النائمة على أهبة الاستعداد للقيام بالمزيد من العمليات الإرهابية في لندن"، جاء فيه تحذير قائد سابق في تنظيم داعش، من أن التنظيم يستخدم الإنترنت لتجنيد خلايا نائمة يواجه بها المملكة المتحدة.
إذ كشف "أبو عبُّود الرقاوي" - الذي شغل عدة مناصب رفيعة في قوة الشرطة بتنظيم داعش الإرهابي- في مقابلة مع صحيفة (الديلي ميل)، عن تفاصيل خطيرة حول كيفية تمكن عدد من الإرهابيين، الذين يتحدثون بلغات مختلفة، من تكوين خلايا نائمة في أوروبا الغربية، وأضاف الرقاوي: "أن المهاجرين داخل التنظيم يتواصلون مع أصدقائهم في الغرب؛ فهم على اتصال بأصدقائهم وعائلاتهم في السويد، وألمانيا، و فرنسا، و المملكة المتحدة، و تركيا، و أذربيجان وفي أجزاء أخرى من العالم."
إِذًا لم تنته خطورة داعش، ولا يمكن توقع هذا حتى في المستقبل القريب، لكن لا شك أن داعش ستحاول تضخيم قوتها بكل ما أوتيت من وسائل، خاصة وأن الفضاء الإليكتروني يتيح لها هذا، ويمكِّنُها من مخاطبة العالم أجمع.

وحدة رصد الغة الإنجليزية