الجماعات المتطرفة

 

22 أكتوبر, 2017

"مرصد الأزهر": لماذا لم يضرب "داعش" إيطاليا؟ ناقدٌ إيطاليٌّ يُجيب: "المافيا" سببٌ رئيس

عقب الهجوم الإرهابي في "برشلونة"، وهجمات "روسيا" و"فِنْلَنْدَا"، عادت تهديدات "داعش"، وعاد أيضًا السؤال: لماذا لم تُضرب إيطاليا حتى الآنَ، وهو البلد الأوروبي الكبير الذي لم يُضرب بهجماتٍ إرهابية حتى الآنَ. هل يَتعلّق الأمرُ بحُسْن الحَظّ، أم أن هناك أسبابًا أخرى؟  
وقد سبق وأنْ وَجّه تنظيم "داعش" تهديداتٍ بضرْب إيطاليا، ويقول معهد البحث "أون" Aon  الإيطالي: إن إيطاليا مُقَسَّمةٌ إلى قسمين: الوسط والشمال وهو الجزء ذو المستوى الأقلّ خطورة، بينما يحمل الجنوب مستوى متوسّطًا من الخطورة.
يعتقد  GiampieroVenturiمسئولُ التحليل الجيوسياسي لموقع difesaonline  أن إيطاليا تعاني بالفعل مما تعاني منه البلدان الأوروبية الأخرى، "لكني أميل نحو الإجابة بالقول: إنه لا يمكن لأحدٍ أن يستبعد أيَّ شيءٍ، التهديدات قائمة حتى الآنَ، لكن ليس هناك ما يشير إلى أن هذه التهديداتِ أكثرُ جِدّيّةً من غيرها، فيما عدا أن الإرهاب الآنَ يتغيّر، وهناك محاولةٌ لإعادة إدخال المقاتلين الدوليينforeign fighters  (إلى إيطاليا) في سَعْيٍ لإيجاد قنواتٍ غيرِ مُراقَبَة، في ضوء الهزيمة العسكرية لـ "داعش"، كما أن هناك مَساعيَ لإيجاد خلايا مستقلة تتحرك بشكلٍ منفرد، وتعمل بطريقةٍ هستيرية".
وتُعَدّ إيطاليا –بحسب صحيفة sputniknews-  بلدًا استراتيجيًّا لوجيستيًّا يسمح بمرور جنود "داعش" إلى أوربا؛ ولهذا السبب يستبعد الإرهابيون القيامَ بأعمالٍ إرهابية في إيطاليا، حتى يُمكنَهم أن يعملوا في هدوء.
ويرى Giampiero أن الأمر الجَوْهريّ بأن إيطاليا لم تُضرب بهجمات، قد عمل على إسعاد الجميع حتى الآنَ؛ أوّلًا: مِن قِبَل "الإرهابيين"؛ وذلك لأن الهجماتِ في إيطاليا قد ترفع من مستوى المراقبة الشديدة، وتخلق حركةً من الآراء السياسية (تهيج الرأيَ العامّ) التي سوف تدفع المؤسساتِ إلى إعادة النظر في آليّة مراقبة تَدَفُّق المهاجرين.
وجديرٌ بالذكر؛ أن إيطاليا بلدٌ بلا حدودٍ، ولهذا فإن أيَّ تَغَيُّرٍ من هذا النوع سوف يجعل الحياةَ أكثرَ صعوبةً إلى مَن يريد تدفُّق الإرهابيين في أوروبا، ومرور أُناسٍ إلى إيطاليا، ومِن ثَمّ تُعَدّ إيطاليا قاعدةً أساسية لدخول أوروبا، والإرهابيون أنفسُهم الذين يريدون قاعدةً في إيطاليا، ونقطةَ عبورٍ، من الضروري لديهم ألّا يقعَ أيُّ شَيءٍ؛ حتى لا يُغَيِّرَ من قواعد اللعبة.
تستفيد أيضًا "المافيا المُنَظَّمة" التي هي بحاجةٍ إلى المهاجرين كمصدرٍ للربح، كما أن عدمَ وجودِ هجماتٍ إرهابية يفيد المنظماتِ (مراكز الإيواء) التي تربح من تدفُّق المهاجرين والتي هي بحاجةٍ إليهم، ويمكنهم أيضًا أن يُتابعوا اللعبَ مُستخدِمين خطاباتِ استقبالِ المهاجرين والحديثَ عن التسامُح.
ويضيف Giampiero: أنه لا شَكَّ في أن "المافيا" تستفيد من تدفُّق المهاجرين؛ ومن ثَمّ فهي ليستْ بحاجةٍ إلى خَلْق أيِّ مشاكلَ. وعلى أيِّ حالٍ، هو نوعٌ من التعايُش وليس نوعًا من الخوف. كذلك "داعش" (الدولة) لا يخاف من "المافيا" أو التنظيمات الإجرامية، ولكنه يستخدمها حسَبَ مصالحه الشخصية.
ومن المؤكَّد، أن نشاط الأجهزة الأمنية الإيطالية كان أكثرَ فعاليةً من غيرها في البلدان الأخرى؛ ففرنسا -على سبيل المثال- عندما قامتْ بإصلاح المخابرات خَلَقَ ذلك مشاكلَ تنظيمية مختلِفة. لدينا في إيطاليا المهاجرون من الجيل الثاني، وفي المناطق التي يتركّز فيها معظم الإرهابيين المنتسبين إلى الإسلام، تصبح السيطرةُ أسهلَ، وحتى الآنَ، كانت هذه العواملُ مَزيجًا من العناصر التي ساهمتْ في عملِ أجهزة السلامة الأمنية لدينا.
ويرى Giampiero  أن الإرهاب هو تهديدٌ يتعلّق بالجميع وليس بالغرب فحسب، ولهزيمته ينبغي التغلُّب على الأحكام الجيوسياسية الموجودة مِن قَبْلِ "الحرب الباردة"؛ ذلك أنّ عليك أن تنظرَ إلى تلك الجهات الفاعلة، حتى لو كان بعضُها غيرَ مُريحٍ؛ لأنها جزءٌ لا يتجزّأ من مكافحة الإرهاب؛ كروسيا بالأساس، ونحن بحاجةٍ أيضًا إلى مراجعة العَلاقات مع إيران، فالإرهاب الدَّوليّ هو من رَحِمٍ سُنّيّة في هذه المرحلة من تاريخنا، في حين أنه كان شيعيًّا في الماضي، بينما يُشكِّل الشيعةُ اليومَ عنصرًا مهمًّا؛ حتى لا يكون هنا  كالانجراف السُّنّي، كما حدث بالفعل مع الخلافة، ومن المُحتمل أن يحدث في نهاية الحرب السورية.

وحدة الرصد باللغة الإيطالية