الجماعات المتطرفة

 

12 نوفمبر, 2017

العائدون من داعش

     بعد الهزيمة التي حلت بتنظيم داعش الإرهابي أصبحت واحدة من المشكلات الكبرى التي تؤرق الحكومات وتشغل بال الساسة والمحللين - هي أتباع داعش والعائدون من التنظيم. فلا تزال المخاوف قائمة من عودة هؤلاء لبلدانهم أو التحاقهم بفصائل جهادية أخرى؛ ليستمر مسلسل ميلاد جماعات جديدة، كما كان الحال مع داعش التي نشأت من رحم القاعدة. وقد تناولت تحليلاتٌ سابقة لمرصد الأزهر مصير جنود داعش، ولا تزال الأخبار التي نتباعها ونرصدها في هذا الصدد تؤكد التحليلات السابقة.


القاعدة وداعش

لا شك أن سقوط داعش سيمثل نقطة إيجابية لصالح تنظيم القاعدة خاصة بعد الخلافات القوية التي نشبت بين الجماعتين، والآن ربما لا يجد جنود داعش ــ خاصة كبار المقاتلين ــ سبيلًا سوى اللحاق بتنظيم القاعدة، وهذا ما رصده موقع News الذي نشر خبرًا بعنوان "سقوط داعش: القاعدة تُجند مقاتلي داعش الهاربين لتجديد حملتها الإرهابية"، حيث يشير الخبر إلى انضمام عدد من مقاتلي داعش لهيئة تحرير الشام التي يصفها الخبر بأنها تحاول "العودة إلى إستراتيجية أسامة بن لادن في مهاجمة الغرب".
لكن يظل الإشكال الأكبر هو في صغار الجنود الذي سيعودون لبلدانهم خاصة الدول الأوروبية، وهنا تتباين وجهات النظر حول طبيعة التعامل مع هؤلاء المقاتلين، ففي تصريح لوزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية روري ستيوارت ــ حسبما نشره موقع الإندبندنت ــ قال: إن مقاتلي داعش يجب أن يُقتلوا بدلًا من السماح لهم بالعودة الى بريطانيا، لكن نفس الموقع أورد بعد ذلك مقالًا للكاتب ‏John Greenwood‏  ــ وهو باحث مهتم ‏بهذا الشأن في جريدة الاندبندنت البريطانية ــ عبَّر فيه عن أن هذا الاقتراح صادم، ومن شأنه أن ينقلنا إلى نفس مستوى داعش ‏الأخلاقي.
وأشار الكاتب إلى أنه يمكن أن تكون هناك طريقة أفضل للتعامل معهم، مستوحاة من فكرة ‏‏"الحقيقة والمصالحة؟" فربما يقتضي هذا عهدًا بموجبه يُقر فيه هؤلاء بذنبهم، ويعدون بعدم اللجوء إلى ‏العنف مرة أخرى، كما يدينون تلك الوسائل التي تقودهم إلى طريق الشر، ولا شك أن إعداد هذا الأمر يتطلب ‏التعاون بين السلطات الدينية والمدنية، وبالمِثل يمكن أيضًا تقديم نفس الطريقة إلى الإرهابيين المدانين، مع ‏وجوب تنفيذهم للأحكام والعقوبات كل بحسب مقتضاه، ولكن الندم الحقيقي يمكن أن يكون المفتاح لإطلاق ‏سراحهم في نهاية المطاف".‏
ربما تكون الإجابة على سؤال "كيف نتعامل مع العائدين من داعش؟" مهمة بالنسبة لعدد من الدول الأوروبية، خاصة بريطانيا التي شهدت هذا العام عددًا غير قليل من الحوادث الإرهابية، وهي في الوقت ذاته استقبلت عددًا كبيرًا من العائدين من داعش.
فقد أصدر مركز صوفان ‏الأمريكي -المعْنِيِّ بنشر الوعي حول قضايا الأمن العالمية في الولايات المتحدة وغيرها- تقريرًا حول العائدين من داعش، ذكر فيه أن الآلاف من مقاتلي داعش عادوا بالفعل إلى بلادهم الأصلية، وسط تفاوت في الآراء حول ‏عدد من بقي منهم في صفوف دولة الخلافة المزعومة والآخذة في الانقراض.
وجاءت تقديرات المركز لعدد الجهاديين ‏البريطانيين الذين عادوا من صفوف داعش إلى المملكة المتحدة حتى الآن 425 على الأقل، وهذا هو العدد ‏الأكبر في أوروبا،‏ ويتفق هذا مع ما أورده موقع mirror، الذي ذكر أنه طبقًا لما صرَّح به أحد ضباط مكافحة ‏الإرهاب، فإن هناك حوالي 850 جهاديًّا بريطانيًّا ذهبوا إلى سوريا للمشاركة في القتال وقد عاد ‏نصفهم تقريبًا.‏
وأشار الخبر إلى أن العائدين إلى المملكة المتحدة بعد المشاركة في القتال إلى جانب تنظيم ‏‏"داعش" في سوريا - يفوقون تقريبًا كل أعداد المقاتلين العائدين إلى كل الدول الأوروبية الأخرى‏‎.‎
وربما تجدر الإشارة إلى أن تقرير صوفان ذكر أن الذين ‏ارتكبوا هجمات في أوروبا، كانت الغالبية العظمى منهم إرهابيين محليين، في حين أن حوالي 20 % من ‏الحالات كانوا من العائدين المقاتلين.
ربما يصبح سؤال العائدين من داعش الآن هو السؤال الأهم للحكومات، وكيف يمكن التعامل معهم، ولا شك أن الإجابة ستختلف من دولة لأخرى حسب سياسة كل دولة وقدراتها الأمنية، لكن الشيء الذي لا خلاف عليه هو وجوب وضع هذا الأمر على أجندة الأولويات الأمنية لجميع الدول.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية