الجماعات المتطرفة

 

13 نوفمبر, 2017

هل تصبح الصّومال مسرحًا جديدًا لجرائم داعش؟!

     تتوالى الأحداث الدّامية على الصّومال؛ ذلك الوطن الذي لطّخت شوارعه وبناياته دماءُ الأبرياء الذين سقطوا ضحايا لإرهاب وحشيّ لا يسعى لنصرة دين ولا لإقامة شرع ولا لبناء وطن كما يزعم، ومع توالي تلك الأحداث المتسارعة نلاحظ ثمّة تغييرات على خريطة توزيع الجماعات المتطرّفة وانتشارها؛ إذ باتت الصّومال بين فكّي أسدٍ مفترس، فيحاصرها من جهة الشّمال أنصار تنظيم داعش الإرهابي ممن انفصلوا عن حركة الشّباب وبايعوا التنظيم وشكّلوا فصيلًا خطيرًا يسعى لامتلاك زمام الأمور في شمال البلاد، وأنياب ذئب ماكر في الجنوب وأماكن متفرّقة من البلاد، من خلال عناصر حركة الشّباب الصّومالية التي لا تتوانى عن استغلال أية فرصة؛ لتعمّق جراح الصّومال وتعمل على نشر العنف الوحشيّ بالتفجيرات تارة وبالمحاكمات تارة أخرى.

ومن خلال المتابعات التي يقوم بها على مدار الساعة مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف، نستعرض لكم في هذا الموضوع، تقريرًا صادرًا عن الأمم المتحدة يفيد بظهور جماعة متشددة موالية لتنظيم “داعش” الإرهابي يبلغ قوامها نحو مائتي عنصر على الأقل، وأنّ هذه الجماعة ليست وليدة اليوم، وإنّما هي تطوّر لفصيل ظهر العام الماضي وكان مكوّنًا من بضع عشرات من المقاتلين.
وقال التقرير الذي أعدته لجنة خبراء بالأمم المتحدة: إن هذا الفصيل المنتمي لتنظيم “داعش” الموالي للشيخ عبد القادر مؤمن، القيادي البارز في حركة الشّباب والذي أعلنت الحركة انشقاقه عنها ومبايعته لزعيم تنظيم داعش الإرهابي "أبو بكر البغدادي"، لا يزال في طور التكوين؛ حيث لم يتعدّ عدد عناصره المائتي مقاتل.
وكانت التقديرات والإحصاءات الخاصة بالجماعات المتطرّفة في عام 2016 قد أشارت إلى أن أتباع هذا الفصيل لا يتجاوز عددهم عشرات قلائل.
يأتي هذا فيما أشار محلّلون إلى أنّ الضّربات الأمريكية الأخيرة على ولاية بونتلاند بشمال البلاد - تؤكّد وجود خطر قادم من هذه المنطقة، وأنّ الأمر يزداد خطورة كلما تزايدت أعداد المنضمين لهذا الفصيل، فيما أبدى مراقبون مخاوفهم من أن تصبح الصّومال ملاذًا آمنًا لأعضاء تنظيم داعش الفارين من سوريا أو العراق.

من جانبه يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف على أنّ الخطر قائم، رغم العمليات العسكرية الموسّعة التي تشنّها القوات الصّومالية بدعم من قوات الاتحاد الأفريقي وتحت غطاء من الغارات الجوية الأمريكية التي نجحت بالفعل في تدمير عدة أوكار ومخابئ للحركة، ولكنها لا تزال تسعى إلى تدمير معاقل الحركة كافة، والقضاء عليها بشكل نهائي.

كما يشير المرصد إلى أنّ احتمالات انتقال عناصر من تنظيم داعش إلى الصّومال أمر غير مستبعد، لا سيّما في ظلّ الحالة الأمنية التي تشهدها الصّومال في الآونة الأخيرة مما شتّت جهود قوات الأمن - بعض الشيء - بين ضبط الحدود واستعادة الأمن وفرض السيطرة الأمنية بالداخل، مما يؤكد ضرورة تكثيف الجهود الأمنية من جهة، وتكثيف أنشطة التوعية بمخاطر الغلو والتطرّف، وفضح زيف الادعاءات الداعشية الواهية من جهة أخرى، بهدف تحصين عقول الشباب ضد مغالطات داعش ومزاعمه وأفكاره الشاذّة التي سعى لنشرها في سوريا والعراق، فخرج منها مخلّفًا ورائه كارثة إنسانية كبرى، وأزمة طاحنة دفع ثمنها الأبرياء الذين عادوا بين قتيل وجريح ومشرّد، وها هو يحدّد الصّومال وجهةً جديدة له، فهل ينجح في تحقيق ذلك؟!

مرصد الأزهر باللغات الإفريقية