الجماعات المتطرفة

 

27 نوفمبر, 2017

جماعة تدعى "نصرة الإسلام والمسلمين" .. أحدث وجوه الإرهاب في مالي

     بمزيد من الاهتمام والقلق تلقّى مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف الأنباء الواردة بشأن الهجوم على قوة عسكرية تابعة لقوات حفظ السلام بمالي، مينوسما MINUSMA ؛ إذ لم تكد منطقة جنوب الصحراء الكبرى تتخلّص من فلول تنظيم القاعدة حتى لاحت في الأفق مؤشرات ظهور جماعات أخرى لا تختلف كثيرًا في تطرّفها وإرهابها عن التنظيم الأم؛ الأمر الذي يثير المخاوف من تجدّد نشاط الجماعات المتطرّفة والتنظيمات المسلّحة التي كان نجمها قد أخذ في الأفول بفضل جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها حكومات المنطقة مدعومة بالقوات الأممية.
وخلال متابعته الحثيثة لأنشطة الجماعات المتطرّفة تابع المرصد إعلان جماعة إرهابية تطلق على نفسها "نصرة الإسلام والمسلمين" مسئوليتها عن الهجومين المنفصلين الذيْن استهدفا قوة عسكرية تابعة لقوات حفظ السلام ومعسكر للجيش الماليّ بمنطقة "ميناكا" يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر نوفمبر الجاري، ما أسفر عن مقتل عشرة جنود على الأقل بينهم عناصر من القوة الأممية والجيش الماليّ وجندي من القوات الإفريقية من مجموعة دول الساحل الإفريقي المشاركة في عمليات حفظ السلام بالبلاد.
وقد أفادت الجماعة التي أعلنت نفسها في شهر مارس الماضي، إثر اندماج أربع جماعات مسلّحة هى: إمارة الصحراء، وجماعة المرابطين، وجماعة أنصار الدين، وجبهة تحرير ماسينا، في بيان نشرته وسائل إعلام محلية، أن مجموعة من عناصرها هاجمت قوة من قوات حفظ السلام والجيش الماليّ مكونة من 30 آلية في منطقة ميناكا، وذلك عندما قامت مجموعة من عناصر الجماعة الإرهابية بنصب كمين لقوات المينيسما على الطريق الرابط بين أدوينزا وهيذاري، ما أدى إلى تدمير آليتين ومقتل وإصابة عدد من الجنود، فيما تسلّلت مجموعة أخرى إلى معسكر للجيش الماليّ، ودخلت في اشتباكات عنيفة مع القوات الماليّة لنحو ساعة ما أسفر عن مقتل 5 جنود وجرح 16 آخرين علاوة على إتلاف معدات للجيش، فيما لقي اثنان من عناصر هذه الجماعة مصرعهما خلال تلك الاشتباكات.
وقد أدى النفوذ المتزايد للجماعات المتطرفة إلى زعزعة استقرار مالي بعد خمسة أعوام من تدخل القوات الفرنسية لدحر تمرد المسلحين الذين كانوا ينادون باستقلال شمال مالي بزعم رغبتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية في إقليم كيدال عام 2012.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف أنّ ظهور مثل هذه الجماعة يمثّل إنذارًا خطيرًا يستدعي تكثيفًا لجهود المكافحة الميدانية والفكرية على السواء، فما تردّده هذه الجماعات من مزاعم ودعاوى قد تجد آذانًا مصغية، وقلوبًا مذعنة، وعقولًا ممهدة لقبول وإقرار ما يتردّد حولها من شبهات وإغراءات، كل ذلك يستوجب مواجهة حاسمةً لا تدع للفكر المتطرّف ثغرةً يصل من خلالها إلى عقول الشّباب.
كما يشير المرصد إلى أمر آخر وهو فكرة اندماج الجماعات المتطرّفة وانصهارها، ويرى فيه مؤشرًا على أنّ الإرهاب والتطرّف وإن اختلفت مسميّاته ومزاعمه وشعاراته، إلا أنّه واحد في جوهره وأهدافه الخبيثة، وقد يعزونا ذلك إلى التفكير في مصدر كل هذا الإرهاب الذي يجتاح عالمنا المعاصر، وأنّ داعش والقاعدة وغيرهما من تنظيمات وجماعات ما هي إلا أدوات يلعب بها تجّار الدّم وأعداء السّلام لنشر الرّعب في ربوع العالم، وتشويه صورة الأديان وتنفير النّاس منها، ومن ثمّ فإنّ المرصد يشدّد على أهمية مواجهة هذه الجماعات بكافة السبل المتاحة وكذا العمل على تجفيف منابع هذا الفكر المتطرّف الذي يتخذ من الدّين ستارًا له ومن الشريعة وتطبيقها شعارًا والحال أنّها أبعد ما تكون عن جوهر الدّين ومبادئ الشّريعة.
فهل تكون نصرة الإسلام والمسلمين وتطبيق الشّريعة ببثّ الرّعب والهلع في نفوس الآمنين؟! وهل تكون نصرة الإسلام والمسلمين بالاعتداء والتخريب وسفك الدّماء؟! "بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ فهم معرضون".


وحدة رصد اللغات الإفريقية