انطلاقًا من الدور الريادي للأزهر الشريف، ومسئولياته تُجاهَ قضايا العالم الإسلامي بصفة عامة، وقضية القدس بصفة خاصة؛ إذ إنّها ليست قضيةَ شعبٍ أو حزبٍ أو عِرْقٍ، بل قضية كل المسلمين.
وتأكيدًا على حقِّ الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم، تتابع وحدتَا الرصد باللغة العربيَّة والعبريَّة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، عن كَثَبٍ، المستجدّاتِ كافّةً على الساحة المقدسية، وتبعات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وترصدان الانتهاكات الصهيونية بحقِّ المقدسات والشعب الفلسطيني.
يتابع التقرير مسار الأحداث ويتتبع أخبارها على مدار الأسبوع الثالث من يوليو، لعرضها على القارئ الكريم في ملف شامل؛ إحياءً للقضية في العقل والوِجدان العربي والإسلامي، ومحاولة لإيقاظ ضمير العالم من سباته العميق.
أبرز العناوين:
- "القومية اليهودية".. تشريع صهيوني جديد لتصفية القضية الفلسطينية
- برفقة الأطفال.. مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى قُبَيل ذكرى "خراب الهيكل"
- مسيرة العودة تدخل أسبوعها الـ17 وقصف صهيوني على غزة
- تقرير: هدم 63 منشأة فلسطينية بالقدس في النصف الأول لعام 2018
.......
"القومية اليهودية".. تشريع صهيوني جديد لتصفية القضية الفلسطينية
في خطوة صهيونية آثمة وتمييز عنصري سافر، وبعد أشهر من الجدل السياسي، أقرّ كنيست الاحتلال الصهيوني ، المؤلَّف من 120 عضوًا، بصورة نهائية، يوم الخميس 19 يوليو، ما يُسَمّى بـ"قانون الدولة القومية اليهودية" بأغلبية 62 صوتًا مقابل 55، وامتناع عضوين عن التصويت.
صورة أرشيفية لكنيست الكِيان الصهيوني
وينصُّ القانون على أن "إسرائيل هي الوطن التاريخي للأمة اليهودية"، وأن حقَّ تقرير المصير فيها "يقتصر على اليهود فقط"، كما يؤكد على أن "القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل"، وأن "العبرية هي اللغة الرسمية للبلاد"، في إشارة إلى التقليل من مكانة اللغة العربية، بوضعها ضمن خانة اللغة "ذات الوضع الخاص".
ومن المبادئ الأساسية للقانون أن "إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقِّه الطبيعي، والثقافي، والديني، والتاريخي، لتقرير المصير".
ويشير القانون إلى أن الغرض من التشريع "حماية شخصية دولة الشعب اليهودي بحيث تصدر القوانين معبّرةً عن دولة ديمقراطية يهودية، انطلاقًا من مبادئ إعلان الاستقلال".
ويعتبر القانون "تطويرَ الاستيطان اليهودي قيمةً قوميةً، تعمل الدولة لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته"، وأن لكل يهودي الحقَّ "في الهجرة لإسرائيل والحصول على الجنسية في إطار القانون".
ويحظى القانون بأهمية كبرى لدى اليهود، فيما يُعتبر فصلًا عنصريًّا وتهميشًا بحق العرب الذين يُشَكِّلون ما يقارب الـ36% من سكان "القدس"، ونحو 20% من سكان الكِيان الصهيوني البالغ عددهم 9 ملايين نسمة.
ويُعَدُّ هذا القانون الرابع عشر، ضمن التشريعات الأساسية للكِيان الصهيوني الذي ليس لديه دستور دائم، لكنَّه شَرَّع بمرور الزمن سلسلة من القوانين الأساسية، التي باتت تمتلك وضعية دستورية.
مشادَّات وطرد من الجلسة
وخلال الجلسة التي تُناقِش إقرار القانون المثير للجدل، الذي يقضي بـ"يهودية الدولة"، شهد الكنيست مشادَّاتٍ عنيفةً، حيث رفع النائب العربي أيمن عودة، رايةً سوداء، كما اتَّهم عددٌ من النوّاب العرب الكِيانَ الصهيوني بالفاشية.
وبعد إقرار القانون مزَّق عددٌ من نوّاب "فلسطين ٤٨"، نصَّ القانون وألقَوْهُ في وجه رئيس وزراء الكِيان الصهيوني، بينامين نتنياهو، الأمر الذي دفع رئيس الكنيست إلى طردهم، فيما ردَّد النواب هتاف "أبارتهيد.. أبارتهيد"؛ في إشارة منهم إلى الفصل العنصري.
من جهته، رحَّب بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بإقرار القانون، قائلًا: إنها "لحظة حاسمة في تاريخ دولة إسرائيل تُكَرِّس لغتَنا ونشيدَنا وعَلَمنَا"، زاعمًا أنه بعد المصادقة على القانون، قد تحقَّقت رؤية "تيودور هرتزل"، بعد 122 عامًا.
جديرٌ بالذكر؛ أن تيودور هرتزل (1860-1904م)، هو الأبُ الروحي والمؤسِّس الأول لـ"الصهيونية العالمية"، باعتبارها حركة سياسية استعمارية، دفعت اليهود للهجرة إلي فلسطين، بزعم أن لهم فيها حقوقًا تاريخية ودينية.
ردود أفعال
توالت ردود الأفعال الغاضبة عربيًّا ودوليًّا، على إقرار الكنيست الصهيوني لما يُسَمّى بـ"قانون الدولة القومية اليهودية"، حيث أدانت الأمانة العامة للجامعة العربية، الخميس 19 يوليو، المصادقةَ على القانون ووصفته بـ"العنصري"، مؤكدةً أنه وكل القوانين التي تحاول سلطات الاحتلال فرضَها وتكريسَها بالقوة، "قوانين باطلة ومرفوضة ولن تُرَتِّب للاحتلال أيَّ شرعية".
واعتبرت الجامعة العربية في بيان، أن القانون يُعَدُّ "تَنَكُّرًا لحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية، وامتدادًا للإرث الاستعماري، وترسيخًا للممارسات العنصرية، وفي مقدمتها إلغاء الآخَر عَبْرَ فرض الوقائع على الأرض بالقوة، وعبر تقنين الاستيطان وإطلاق يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمزيد من العبث، من خلال مصادرة الأراضي وتجريفها وهدم المنازل وهضم الحقوق الفلسطينية".
أمَّا الاتحاد الأوروبي، فقد أعرب عن قلقه إزاء قانون "القومية" الصهيوني، معتبرًا أنه يهدد "بتعقيد" حلِّ الدولتين مع الشعب الفلسطيني.
وقالت فيديريكا موغيريني، المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأوروبية: "نحن قلقون، وقد أعربنا عن قلقنا لسلطات إسرائيل"، مضيفةً أننا "نحترم سيادة إسرائيل، لكن ينبغي احترام المبادئ الأساسية، وبينها: حق الأقليات".
برفقة الأطفال مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى قُبَيل ذكرى "خراب الهيكل"
في الوقت الذي تُصَعِّد فيه سلطات الاحتلال من إجراءاتها المتطرفة، بحقِّ المُصَلّين وموظفي الأوقاف، عَبْرَ الاعتقالات التعسُّفيَّة والاعتداءات المجرمة، تستمر الممارسات الصهيونية المتطرفة بحقِّ المسجد الأقصى، حيث اقتحم مئات المستوطنين برفقهتم أطفالهم، صباح الأربعاء 18 يوليو، ساحاتِ المسجد الأقصى، بمناسبة ما يُسَمّى ذكرى "خراب الهيكل"، في خطوةٍ استفزازيةٍ وتَحَدٍّ صارخٍ لمشاعر المسلمين.
اقتحام الأطفال والمستوطنين للمسجد الأقصى
وفي الصباح فتحت شرطة الاحتلال بابَ "المغاربة"، ونشرت الوحداتِ الخاصّةَ في ساحات الحرم وقُبالةَ المسجد القِبْليّ؛ تمهيدًا لتأمين اقتحامات المستوطنين وتوفير الحماية لهم أثناء تَجَوُّلهم في المسجد.
وخلال الاقتحامات، قدَّم مرشدون يهود شروحاتٍ عن "الهيكل" المزعوم، وأدَّى المستوطنون يقودهم الحاخام المتطرف "يهودا عتصيون"، طقوسًا تلموديةً، ونفَّذوا جولاتٍ استفزازيةً في أرجاء المسجد.
مسيرة العودة تدخل أسبوعها الـ17 وقصف صهيوني على غزة
لبَّى الفلسطينيون دعواتِ "الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار"، لاستمرار الفعاليات في جمعة: "لن تمر المؤامرة على حقوق اللاجئين يا وكالة الغوث"، الموافقة 20 يوليو؛ تأكيدًا على مواجهتهم كل المؤامرات التي تستهدف حقوق اللاجئين، من خلال العبث بوكالة "الغوث" وإنهاء دورها باعتبارها شاهدةً على مأساة الشعب الفلسطيني و نكبته.
صورة أرشيفية
وتوجَّه آلاف الفلسطينيين إلى مخيمات العودة على طول السياج الحدودي الفاصل، بين شرق قطاع غزة والأراضي المحتلة، وأشعل المتظاهرون النارَ في الإطارات المطَّاطية، وأطلقوا الطائرات الورقية الحارقة، صَوْبَ قوات الاحتلال الإسرائيلية، في حين أطلق جنود الاحتلال الرصاصَ الحيَّ وقنابلَ الغاز على المتظاهرين؛ ما أدّى إلى إصابة العشرات.
وعقب انتهاء فعاليات "لن تمر المؤامرة على حقوق اللاجئين"، أعلنت "الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار" خلال مؤتمر صحفي مساء الجمعة، استمرارَ فعاليات المسيرة حتى تحقيق كامل أهدافها، ودعت الفلسطينيين إلى المشاركة في الجمعة المقبلة تحت مُسَمّى: "أطفالنا الشهداء".
على جانبٍ آخَرَ، شنَّت قوات الاحتلال الصهيونية قصفًا مدفعيًّا متلاحقًا على قطاع غزة، تَزامُنًا مع تظاهرات الفلسطينيين في مسيرة العودة على السياج الحدودي؛ ما أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين، وإصابة نحو 120 آخرين.
صورة: سكاي نيوز عربية
وذكر موقع "واللا نيوز" العبري، نقلًا عن المتحدث باسم قوات الاحتلال قولَه: إن الجيش استهدف أكثر من 60 موقعًا جنوب قطاع غزة، ودمَّر مقرًّا لقيادة المقاومة في "خان يونس"؛ ردًّا على إطلاقِ نارٍ نفّذه فلسطينيون قرب الحدود، مشيرًا إلى مقتل جندي من لواء "جفعاتي" الصهيوني.
وردًّا على مقتل الجندي، أعلن جيش الاحتلال شنَّ غارات جوية واسعة النطاق على قطاع غزة، وجاءت الضربات الجوية بالتزامن مع اجتماع طارئ عقده بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء حكومة الاحتلال، في مقرِّ وزارة الجيش الصهيوني؛ لبحث التصعيد العسكري في غزة.
وإزاء هذا التصعيد، طالب نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، بوقف التصعيد في غَزّةَ، قائلًا: "يجب على الجميع في القطاع أن يتراجع، ليس خلال الأسبوع المقبل أو غدًا، بل الآن".
جديرٌ بالذكر؛ أنه أُعلن بعد منتصف ليلة الجمعة، التوصلُ إلى هدنة بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية، برعاية أمميَّة ومصرية، بعد يوم من التصعيد وتبادل لإطلاق النار من الجانبين.
تقرير: هدم 63 منشأة فلسطينية بالقدس في النصف الأول لعام 2018
قال "مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان": إنه في ظِلِّ محاولات التهويد المستمرة، والهجمة الصهيونية الشرسة على الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، والتي نتج عنها هدم الكثير من المنشآت، عمل المركز على إصدار تقريرٍ مُلَخّص لعمليات الهدم، التي استهدفت منشآت الفلسطينيين في القدس المحتلة، خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2018.
وأشار المركز في تقريرٍ اطَّلع عليه "مرصد الأزهر"، الثلاثاء 17 يونيو، إلى أن قوات الاحتلال أقدمت على هدم 63 منشأةً فلسطينية في القدس بين الأول من يناير حتى 30 يونيو 2018؛ الأمر الذي أدّى إلى تهجير 51 فلسطينيًّا وفلسطينيةً، بينهم 21 قاصرًا، موضّحًا أن من أكثر المناطق المقدسية تضرُّرًا جَرَّاء عمليات الهدم، بلدة "العيساوية"، حيث شهدت هدم 18 منشأة، تليها بلدة "سلوان"، التي تعرّضت إلى هدم 12 منشأة.
وذكر التقرير أن سلطات الاحتلال تستخدم عمليات الهدم المتواصلة في مدينة القدس، لإفراغ المدينة من أبنائها الفلسطينيين وتسريع التهجير القسري بحقّهم، لافتًا إلى أن سياسات التنظيم والبناء المتَّبعة من قِبَل الاحتلال، أداة في المنظومة الصهيونية الساعية إلى التضييق على الفلسطينيين، وأن عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مدينة القدس يواجهون أوامرَ هدمٍ بحُجَّة البناء غيرِ المُرَخَّص؛ بسبب رفض بلدية الاحتلال الممنهَج إصدارَ تراخيص البناء للفلسطينيين.
ويرى التقرير أن اعتراف الولايات المتَّحدة الأمريكية بالقدس عاصمةً للكِيان الصهيوني، شجَّع الاحتلال على متابعة عمليات الهدم ومواصلة انتهاكاته بحقِّ الفلسطينيين دون أيّ مساءلةٍ تُذكر، وأن سلطاتِ الاحتلال تبنَّت عددًا من الإجراءات الرامية إلى تعزيز سياساتها التوسُّعية والقمعية بحق الفلسطينيين، من بينها: المصادقة على تعديلِ قانونٍ يُخَوِّل لوزارة داخلية الاحتلال، سَحْبَ إقامة المقدسيين المتّهمين بـ"خرق الولاء" للكِيان الصهيوني.