القضية الفلسطينية

 

16 مارس, 2021

المرأة الفلسطينية.. نضال متَّقد وشعلة لا تنطفئ

     تُعدُّ المرأة الفلسطينية أيقونة النضال الفلسطيني، ومعينًا لا ينضب من الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم؛ فهي أم الشهيد الفلسطيني وأخته وابنته...كيف لا وهي التي تغرس في أبنائها حقوقهم، والسعي وراءها لاستردادها من الكيان المغتصب، فضلًا عن أعباء الحياة والتحديات التي تواجهها بسبب نير الاحتلال. 
إن المتابع للمشهد الفلسطيني منذ بداية الاحتلال الصهيوني سيجد أن المرأة الفلسطينية تعاني أيَّما عناء، لكنَّها حملت على عاتقها تكوين براعم الوعي الفلسطيني لمقاومة الاحتلال، وتنشئة أبنائها على النضال. فبعد النكبة الفلسطينية عام 1948م، واندلاع المأساة الإنسانية –التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا- التي نتج عنها تشريد وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني وسلب أراضيه وتهويدها، بدأت تصارع الزمن واقفة إلى جوار الرجل –أبًا وزوجًا وأخًا وابنًا- للحفاظ على ما تبقى من الوطن المنهوب وحق العودة المسلوب؛ فأصبحت أنموذجًا يُقتدى به، حيث جمعت بين حُسْنيين؛ جهادها ومقاومتها؛ حيث كان لها نصيب من الشهادة والجُرح في ميادين الجهاد، ومرارة الأسر وظلامه، وظلم السَّجان وبطشه، وصبرها وعنائها في تربية وتنشئة أبنائها. 
تعاني المرأة الفلسطينية من الانتهاكات والاعتداءات سواء من قِبَل آلة البطش الصهيونية أو من قِبَل إرهاب المستوطنين؛ فعلى الصعيد اليومي تنتهج قوات الاحتلال الصهيوني طرقًا وأساليبَ رخيصةً في مضايقات الفلسطينيات في بلدهن المحتل، من هذه الأساليب التضييق عليهن أثناء سيرهن في الأماكن العامة، ومرورهن من المعابر والحواجز الأمنية، أو دخولهن الساحات المقدسية. وتَلقى آلة البطش الصهيونية التشجيع من الكيان الصهيوني ومن رموزه الملطخة أيديهم بدماء الفلسطينيين. 
أما عن معاناة المرأة الفلسطينية في سجون الكيان الصهيوني، فقد أكّد نادي الأسير الفلسطيني على أن آلة البطش الصهيونية اعتقلت أكثر من 16 ألف امرأة فلسطينية منذ عام 1967م، وأن الانتفاضتين الأولى والثانية شهدتا النسبة الأعلى من حيث اعتقال النساء الفلسطينيات بشكل عام والمقدسيات بشكل خاص، موضحًا أن 35 أسيرة فلسطينية تقبع في سجون الاحتلال بينهن 11 أمًّا، ويتعرّضن لكافة أنواع التّنكيل والتعذيب، بدءًا من إجراءات الاعتقال وحتّى النقل إلى السجون الصهيونية.

وعن الشهيدات الفلسطينيات من النساء على أيدي آلة البطش الصهيونية، فقد أحصتهم وزراة الخارجية الفلسطينية في بيانها الأخير بأربعة شهيدات منذ 1 سبتمبر 2019 حتى 31 سبتمبر 2020م. 

ولم تكن المرأة الفلسطينية بعيدة عن الأحداث والمشهد الفلسطيني، بل كانت في قلبه حتى الرمق الأخير؛ فقد شاركت المرأة الفلسطينية في فعاليات كثيرة كان أولها "هبّة البراق" عام 1929م ومرورًا بالانتفاضتين الأولى عام 1987م والثانية عام 2000م، وآخرها مسيرات العودة التي بدأت في يوم الأرض 30 مارس 2018م.
أما عن دور المرأة الفلسطينية إزاء المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة، فقد برز هذا الدور في دفاعها عن الأقصى الشريف خلال عقدين ماضيين ببسالة منقطعة النظير ضد أطماع المستوطنين في السيطرة على ساحات المسجد الأقصى وإقصاء المسلمين؛ لئلا يتمكن الكيان الصهيوني من تنفيذ مخططاته الخبيثة؛ ففي مشاهد متكررة تظهر المرابطات وهُنَّ يتصدين للمقتحمين، ويحاولن منعهم من أداء طقوسهم اليهودية داخل ساحات الحرم الشريف، فيتعرضن لبطش الآلة الصهيونية، ويتم اعتقالهن أو إبعادهن عن الأقصى، ويصبحن هدفًا للملاحقة والضغط عليهن وعلى ذويهن؛ فقد شهد عام 2015م إبعاد أكثر من 60 مرابطة عن دخول المسجد الأقصى والصلاة فيه، ومنعهن من إقامة دروس دينية في ساحاته. 

ولما للمرأة الفلسطينية من دور مهم لا يتجزأ عن النضال الفلسطيني؛ إذ تعدّ شوكة في حلق هذا الكيان الصهيوني الغاصب؛ لذا فهو يسعى بكل وسائله الصهيونية وأجهزته القمعية إلى إخماد شعلة هذا النضال التي تمثل المرأةُ الفلسطينية نواته. فتفكيك الأسرة وتشتيتها، وتشريد أبنائها من أساليبه الخبيثة لإحباط عزيمة الفلسطينيين. إلا أن المرأة الفلسطينية على الرغم من ذلك تضرب أروع الأمثلة في مواصلة النضال؛ إيمانًا منها بنبل قضيتها وسمو دورها. 
فتحية إجلالٍ وإكبار للمرأة الفلسطينية في كل مواقعها؛ زوجةً وأختًا وابنة..!


وحدة الرصد باللغة العبرية