القضية الفلسطينية

 

17 أبريل, 2022

المستوطنون في الضفة.. قنابل موقوتة تنذر بالانفجار

          في إطار متابعته لملف سرطان الاستيطان الصهيوني على أراضي الضفة الغربية المحتلة، رصد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف التقرير السنوي الذي أصدره المجلس الاستيطاني في الضفة الغربية، والمعروف اختصارًا باسم "يشع-יש''ע"، والذي ذكر فيه  أن عدد المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية المحتلة شهد ارتفاعًا كبيرًا خلال العام الماضي (2021م)، وتوقع أن يصل خلال العام الجاري لنحو نصف مليون مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة كافة.

وذُكر في التقرير أنه اعتبارًا من يناير 2022م، بلغ عدد المستوطنين الصهاينة 419,923 مستوطنًا، في 150 مستوطنة، وهو ما يدل على ارتفاع نسبة التكاثر بين المستوطنين لتصل إلى 43% خلال السنوات العشر الماضية، وهي مدة تولي "نتنياهو" مقاليد الحكم.

Image
                                               

وقال رئيس المجلس الاستيطاني، "ديفيد الحياني": إن العام الجاري (2022م) سيشهد تجاوز حاجز النصف مليون مستوطن؛ حيث بدأ الاستعداد لتحقيق هدف المليون مستوطن على أراضي الضفة الغربية حتى نهاية العقد الحالي، مشيرًا إلى نسبة الزيادة السكانية بين المستوطنين في الضفة 3.7%، وهي نسبة تزيد كثيرًا عن نسبة الزيادة السكانية داخل الكيان الصهيوني –على الأراضي المحتلة عام 1948م- وهي 2.6%، والسبب في ذلك لا يعود إلى زيادة نسب الولادة فقط، وإنما كذلك إلى تدفق الشباب والعائلات الشابة على المستوطنات. ودعا "الحياني" قادة المستوطنات إلى بذل المزيد من الجهد حتى تُقرَّ حكومة الاحتلال الصهيوني المزيد من المشاريع الاستيطانية.

وأوضح التقرير أن العام المُنصرم (2021م)، قامت فيه حكومة الاحتلال بتوطين نحو 15,890 مستوطنًا جديدًا في مستوطنات الضفة، في مقابل 12,132 مستوطنًا في عام 2020م. ومنذ عام 2011م، ارتفع عدد المستوطنين؛ إذ جلبت حكومة الاحتلال 148,985 مستوطنًا إلى المستوطنات، بزيادة تُقدر بـ 43%، وبات عدد الصهاينة داخل مستوطنات الضفة أكثر بــــــــــ 5% من الصهاينة الموجودين على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

Image
                                                     

ويوضح التقرير كذلك أحد أهم أسباب هذا التزايد في أعداد المستوطنين؛ فيذكر أن غالبية المستوطنين الذي يعيشون في الضفة الغربية المحتلة ينتمون إلى التيارات المتطرفة داخل الكيان الصهيوني، ويأتي على رأسهم المنتمون إلى التيار "الحريدي"؛ إذ يمثلون 63%، يليهم تيار الصهيونية الدينية، وهم ينتسبون إلى اليمين السياسي المتطرف، وتضعهم سلطات الاحتلال في مناطق التماس، والمناطق القريبة من التجمعات الفلسطينية؛ ليمارسوا إرهابهم ضد المواطنين الفلسطينيين. بينما يأتي في المركز الثالث والأخير ما يُسمى بالتيار العلماني، أو من المُمكن أن نُطلق عليهم التيار الأقل تطرفًا عن سابقيه؛ إذ يؤمن بأحقيته بالأرض ولا يقبل التنازل عنها، في حين أنه لا يقود هجمات إرهابية ضد الفلسطينيين بالقدر الذي تمارسه التيارات الأخرى الأكثر تشددًا، وتبلغ نسبتهم 29%، ويتركزون في مستوطنات: معاليه أدوميم، وأرئيل، وبيت أرييه.

بيد أن الغريب في هذا التقرير هو تجاهله للمستوطنين الصهاينة داخل شرقي القدس –الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة-؛ والذي يعيش فيه نحو 220 ألف مستوطن في (14) حيًّا استيطانيًّا، فضلًا عن الاستيطان داخل الأحياء العربية في البلدة القديمة، بل في أبرز الأحياء مثل: سلوان، والشيخ جراح، ورأس العامود... إلخ. ويتجاهل التقرير كذلك وجود 23 مستوطنة صناعية، وكذلك الاستيلاء المتواصل على الأراضي الزراعية من المزارعين الفلسطينيين، وإعلان عدد من المواقع محميات طبيعية ليسهل الاستيلاء عليها، إلى جانب الممارسات الأخرى التي يمارسها الاحتلال الصهيوني؛ مثل هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، ورفض إعطاء تصاريح بناء لمنازل جديدة للفلسطينيين.

Image
                                             

وفي تحليلٍ لمعطيات هذا التقرير  وأرقامه، يخلص مرصد الأزهر إلى عدد من النقاط:

أولًا: ينشر المركز الاستيطاني الصهيوني تقريره السنوي احتفاءً بتزايد أعداد المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية، وبهدف تحريض المزيد من المستوطنين –من داخل الكيان الصهيوني أو من الخارج- إلى الهجرة والاستيطان في الضفة الغربية، مع إبراز أشكال الاهتمام والخدمات التي توفرها سلطات الاحتلال للمهاجرين الذين يستوطنون في الضفة. 

ثانيًا: تهدف المجالس الاستيطانية إلى زيادة أعداد المستوطنين في الضفة، فيتوقع أن العام الجاري سيتجاوز عدد المستوطنين نصف مليون مستوطن، ويستغل ذلك النواب المتطرفون داخل الكنيست، للضغط على حكومة الاحتلال لإقرار المزيد من المشاريع الاستيطانية، وزيادة التمويل الخاص بالنشاط الاستيطاني في الضفة.

ثالثًا: تتعمد سلطات الاحتلال وضع أكثر أنواع المستوطنين تطرفًا في مستوطنات قريبة من التجمعات الفلسطينية، مع توفير الحماية الكاملة لهم، والسماح لهم بحيازة أنواع متعددة من الأسلحة؛ بغرض خلق بيئة للتهجير القسري تدفع المواطنين الفلسطينيين العُزَّل إلى ترك منازلهم وأوطانهم فرارًا من إرهاب المستوطنين المدعوم من سلطات الاحتلال المختلفة.

رابعًا: ما يحدث من تزايد خطير في الأنشطة الاستيطانية، ويُدلل عليه الارتفاع الكبير في أعداد المستوطنين، يؤكد –بما لا يدع مجالًا للشك- كذب سلطات الاحتلال الصهيوني المتعاقبة وزيف ادعاءاتها التي تروجها بأنها تسعى إلى إقرار السلام على أساس حلِّ الدولتين.

خامسًا: تهدف سلطات الاحتلال المتطرفة إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية من خلال بناء المستوطنات في مناطق متفرقة، وخاصة بين التجمعات الفلسطينية؛ مما يهدد آمال الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستلقة على حدود عام 1967م؛ أي على الضفة الغربية المحتلة –وتشمل بالطبع شرقي القدس أو القدس الشرقية- وقطاع غزة، وهو الأمر الذي يُنذر بوقوع تصعيدات ومواجهات.

ويؤكد المرصد وقوفه إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة، حتى ينال الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة، وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشريف، مطالبًا العالم أجمع بإدانة البناء الاستيطاني، والذي يعد بموجب القانون الدولي إجراء غير شرعي، وتفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة بكون المستوطنات الصهيونية تمثل "جريمة حرب"، وعدم التهاون في التعامل مع جرائم الاحتلال، ووقف استمرار سياسة الكيل بمكيالين، والنظر إلى القضية الفلسطينية العادلة بعين الإنصاف.

وحدة الرصد باللغة العبرية


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.