القضية الفلسطينية

 

23 مايو, 2022

تباين موقف دولة الهندوراس حيال القضية الفلسطينية

تُعد القضية الفلسطينية من أهم القضايا التي لها حضور قوي على الساحة العالمية، وباتت تُمثل مادة إعلامية دسمة لوسائل الإعلام التي تتناولها من وجهات نظر مختلفة، ووفقًا للأجندات السياسية التي تتبناها كل منصة من تلك المنصات المقروءة منها والمسموعة.
ومما لا شك فيه أن المصالح المشتركة هي التي أصبحت تحدد الرؤية حيال القضية الفلسطينية، حتى وجدنا أنفسنا أمام فريقين: الأول مؤيد ومساند لانتهاكات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني تحت مظلة الدفاع عن النفس، وغيرها من الحجج الواهية التي لا تمت بصلة للواقع الذي نعيشه اليوم. والثاني يُعارض بشدة ويستنكر ما يقوم به الكيان الصهيوني من قتل وتدمير للبنية التحتية، وخرق لحقوق الإنسان، وغيرها من الانتهاكات الصارخة التي استمرت على مدار عقود طويلة من الزمان، وما زالت تداعياتها تُلقي بظلالها الوخيمة على المشهد العام في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون أن تجد لها عقوبات رادعة من المجتمع الدولي، باستثناء تلك الأصوات الخافتة التي تشجب وتُندد من حين لآخر ما يحدث هناك.
وفي هذا الصدد، تباينت دول أمريكا اللاتينية في الآونة الأخيرة في مواقفها حيال القضية الفلسطينية ما بين مؤيد ومعارض للقرارات ذات الصلة. وكان من أبرزها مباركة بعض تلك الدول في عام ٢٠١٨م اعتراف الولايات المتحدة بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، ضاربة بذلك عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن، والتي تعتبر القدس مدينة محتلة، علمًا بأن هذا الاعتراف يتناقض مع القوانين الدولية وعلى خلاف ما أجمع عليه المجتمع الدولي والذي لا يعترف بسيادة الكيان الصهيوني على القدس، الأمر الذي أثار غضب المناصرين للقضية الفلسطينية شعوبًا وحكومات على حد سواء.
وكان من بين تلك الدول الداعمة للموقف الأمريكي جمهورية الهندوراس، تلك الدولة الصغيرة التي تقع في أمريكا الوسطى التي أيدت بشدة قرارات الولايات المتحدة الخاصة بهذا الشأن، وفي يونيه لعام ٢٠٢١م سافر خوان أورلاندو هيرنانديث – رئيس البلاد آنذاك- إلى الكيان الصهيوني لنقل سفارة بلاده وافتتـاحها رسميًّا في القدس بوصفها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني على حد زعمه، وواصفًا هذا الحدث بالتاريخي. ومن المعلوم أن هذا الإجراء ليس بالغريب على دولة أبدت دعمها للكيان منذ نشأته، وصارت على خُطى الدولة المجاورة -جواتيمالا- التي كانت أول دولة من هذه القارة تنقل سفارتها إلى القدس. علاوة على ذلك، تعتبر كلتا الدولتين الوحيدتين في أمريكا اللاتينية اللتين لم تدينا اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل في الأمم المتحدة.
ومع مرور الوقت، بدأ يلوح في الأفق بوادر تُنبئ بتغير موقف الهندوراس إلى حد ما من الانتهاكات الصارخة للكيان الصهيوني، حيث سلط موقع "تيلي سور تي في" الإسباني، في أبريل 2022م الضوء على بيان غير متوقع من جانب حكومة هندوراس المعروفة بتحيزها للكيان الصهيوني، والذي جاء فيه إعراب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في هندوراس في بيان رسمي لها عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عن أسفها للهجمات الصهيونية على الفلسطينيين خلال إقامة الشعائر الدينية في شهر رمضان، وقالت وزارة الخارجية: إن هندوراس تدعو إلى احترام حياة وسلامة الشعب الفلسطيني، مؤكدةً رفضها الهجوم الصهيوني على الفلسطينيين. كما أعربت الخارجية عن قلقها بشأن هذا الفصل الجديد من الصراع بين الكيان الصهيوني وفلسطين، مؤكدة على الحاجة الماسة إلى تحقيق الاحترام الكامل لحقوق الإنسان ولمعتقداته وهويته.
هذا التحول في موقف دولة الهندوراس حيال القضية الفلسطينية يؤكد أن التغطية الإعلامية للأحداث هناك أتاحت الفرصة لاطلاع العالم من أقصاه إلى أدناه على انتهاكات الكيان المحتل ضد أصحاب الأرض والتاريخ، ولعل ما نشاهده على شاشات التلفاز والمواقع الإخبارية التي بات لها منبرًا على صفحات التواصل الاجتماعي – فيسبوك- أحدث تأثيره في المسؤولين هناك ليدركوا أن المسألة كانت أعمق وأخطر من اعتراف بمدينة تاريخية مثل القدس عاصمة لكيان غاصب لم يترك شيئًا في الأرض إلا وعاث خرابًا فيه ليؤكد بأفعاله من هم أصحاب الحق.
لذا يأمل مرصد الأزهر أن تكون تلك التصريحات الرسمية الصادرة عن الهندوراس هي نقطة البداية لمساهمة حقيقية في نصرة الحق وتوطيد العلاقات مع السلطة الفلسطينية التي أبدت استياءها من قبل بسبب القرار الذي اتخذته الهندوراس بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس واعترافها بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.

وحدة رصد اللغة الإسبانية


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.