القضية الفلسطينية

 

03 مارس, 2024

أطفال فلسطين تحت العدوان.. حقوق مهدرة ومستقبل غامض

 

تشكل قضية حقوق الطفل بالنسبة للمنظمات الدولية محورًا أساسيًّا يعكس التزام المجتمع الدولي بضمان حياة كريمة ومستدامة للأطفال في جميع أنحاء العالم، وتعمل هذه المنظمات على تحقيق التوازن بين حقوق الطفل وحمايته من التحديات والظروف التي تهدد سلامته وتنميته.

وتعدّ اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام ١٩٨٩ عن الأمم المتحدة نقلة نوعية في فهم وحماية حقوق الأطفال على مستوى العالم، وتشير هذه الاتفاقية إلى أن حقوق الطفل هي إحدى أهم القضايا الإنسانية، حيث إن الأطفال أحد أهم الشرائح في مجتمعنا ومستقبلنا.

وتؤكد الاتفاقية على عدد من حقوق الأطفال بداية من حقهم في الحياة إلى حقهم في اللعب والترفيه، وتلتزم الدول الأعضاء باتخاذ التدابير القانونية والسياسية والاجتماعية لتنفيذ بنود هذه الاتفاقية، ومن أهم حقوق الطفل في إطار هذه الاتفاقية:

الحق في الحياة والبقاء: إذ يتعهد الاتفاق بحماية حق الطفل في الحياة واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامته.

حقوق الطفل المدنية والسياسية: ويعبّر عن الحق في الخصوصية والتعبير عن الرأي والمشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم.

حقوق الطفل الاقتصادية والاجتماعية: وتتضمن حقوق الطفل في التعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية، والاقتصادية.

حقوق الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة: يتعهد الاتفاق بحماية حقوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير الدعم اللازم لضمان مشاركتهم الكاملة في المجتمع.

حماية الطفل من التمييز والعنف: يلزم الاتفاق الدول باتخاذ التدابير الضرورية لمنع التمييز وحماية الأطفال من جميع أشكال العنف والاستغلال.

مشاركة الطفل في قضاياه: يُشجع الاتفاق على مشاركة الأطفال في قضاياهم ويُعزز دورهم في صنع القرار والتأثير في قضايا تخص حياتهم.

الحق في اللعب والترفيه: حيث يُعدّ اللعب والترفيه حقًّا أساسيًّا للطفل وعليه يُشجع الاتفاق على توفير البيئة اللازمة لهذا الغرض.

أطفال فلسطين والحقوق المهدرة

يعيش أطفال فلسطين في ظروف صعبة نتيجة الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، إذ يتعرضون لأنواع وأشكال من الانتهاكات الصارخة والتي بالطبع تؤثر سلبًا على حياتهم الحالية والمستقبلية وتتسبب في ضياع حقوقهم ومن هذه الحقوق المهدرة:

حق الحياة والأمان: يعيش الأطفال الفلسطينيون في مناطق تتعرض للصراعات والعنف الدائم، مما يعرض حياتهم وسلامتهم للخطر.

حق التعليم: تؤثر التحديات الاقتصادية وتلك الخاصة بالبنية التحتية سلبًا على فرص التعليم، حيث تستحيل العملية التعليمية في ظل الأوضاع الناتجة عن العمليات الوحشية  لقوات الاحتلال.

حق الصحة: يؤدي نقص تمويل القطاع الصحي والإمكانيات الطبية إلى تدهور الأوضاع في المستفيات والمراكز الطبية، مما يؤثر مباشرة على الرعاية التي يجب أن يتلقاها الطفل، هذا إضافة إلى انعدام الإسعافات الأولية حتى في حالات الطوارىء؛ الأمر الذي يدفع الأطباء إلى إجراء بعض العمليات الصعبة للأطفال دون استخدام المخدر .

حق اللعب والترفيه: يعيش الأطفال في بيئة متوترة وخطيرة، مما يحد من حقهم في اللعب والترفيه الآمن.

حق العيش الكريم: تسبب الحصار الاقتصادي والاجتماعي الذي يفرضه الاحتلال في انعدام فرص العمل وتنامي معدلات الفقر، مما يؤثر على حقوق الأطفال في العيش الكريم.

حق الحماية من الاستغلال والتمييز: بات الطفل الفلسطيني أكثر عرضة للتمييز والاستغلال في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها، سواء من خلال الاحتلال أو التحديات الاقتصادية الناجمة عن تداعيات الاحتلال والعدوان على الأراضي الفلسطينية.

حق الهوية والانتماء: تفرض البيئة المتقلبة التي يعيش فيها الأطفال في فلسطين على حقوقهم في الحفاظ على هويتهم وانتمائهم.

وحسب تقارير وزارة الصحة والجهاز المركزي للإحصاء ومنظمات أممية، فإن وتيرة أعداد الشهداء والجرحى بازدياد مستمر، حيث استشهد منذ بداية العدوان ما يزيد عن12345 طفلًا.

فيما ارتفعت أعداد الجرحى إلى أكثر من سبعين ألف شخصٍ معظمهم من الأطفال، ولا يزال هناك عدد كبير من المفقودين جراء العدوان.

لم تقتصر معاناة الفلسطينيين رجالًا ونساءً، أطفالًا وبالغين، مرضى وأصحاء على العدوان وحسب، وإنما تكالبت عليهم طلقات الرصاص وقذائف المدفعية وصواريخ العدو مع الحرمان من أبسط مقومات الحياة من مياه وكهرباء ومنازل تؤويهم من البرد القارص، وفي ظل النقص الشديد للخدمات الطبية تنتشر الأمراض التي تفتك بالنازحين الذين تجاوزت أعدادهم نسبة (85%) من مواطني المحافظات الجنوبية، وأصبح عدد المهجرون قسرًا ما يزيد عن (1,93) مليون، كما استقبلت (155) منشأة تابعة لـوكالة "الأونروا" أكثر من (1,4) مليون نازح في الجنوب.

كما تمثل الأمراض المعدية تهديدًا لـ (360) ألف حالة في ملاجئ الأونروا بسبب خطر نفاد مخزون اللقاحات، وما يرافقها من ظروف غير صحية واكتظاظ وعبء شديد على النظام الصحي.

كذلك، يواجه الأطفال الذين نزحوا قسرًا تحديات مزدوجة تتمثل في النزوح وظروف الشتاء القاسية، وخطر الفيضانات ما يزيد من صعوبة الحياة على الفلسطينيين وخاصة الأطفال، ويولد حوالي (20,000) طفل في ظل العدوان المستمر. حيث إن هناك حوالي (183) حالة ولادة يوميًّا في ظروف غير صحية وغير إنسانية، ما يعرض حياة الأطفال والأمهات للخطر بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية وعدم كفاية المياه النظيفة وسوء حالة الصرف الصحي وانعدام السلامة العامة.

وقد أفاد بيان لـ "اليونيسيف" أن حوالي (90%) من الأطفال الفلسطينيين دون العام الثاني يواجهون فقرًا غذائيًّا حادًّا، كما أشارت تقديرات "اليونيسيف" إلى وجود (17) ألف طفل منفصلين عن ذويهم في المحافظات الجنوبية، ولكل منهم قصة مؤثرة ومأساة إنسانية، وهذا الرقم يمثل 1% من إجمالي عدد النازحين، كما فقد حوالي عشرة آلاف طفل أحد والديه.

من ثم فالوضع الكارثي الذي يعيشه أطفال فلسطين من قتل وتهجير وتهديد مستمر للحياة بكل صورها يجسد الوحشية والإرهاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني ضد الأبرياء بهدف الاستيلاء على أراضيهم وبناء دولته المزعومة على أشلائهم، وفيما يلي عرض لبعض التوصيات التي تهدف إلى تحسين أوضاع الأطفال الفلسطينيين وتحقيق حقوقهم الثابتة بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية ولو بشكل جزئي:

ضرورة تحسين الوضع الإنساني بشكلٍ عام: وذلك من خلال دعم المبادرات والبرامج الدولية والمحلية التي تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة للأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك توفير الإمدادات الطبية والتعليم الجيد.

حماية الأطفال في مناطق النزاع: وذلك باتخاذ إجراءات فورية لحماية الأطفال في المناطق التي تشهد نزاعات أو صراعات على أي أساس، وتوفير ممرات آمنة للأطفال للوصول إلى المدارس والمناطق الآمنة بعيدًا عن مرمى النيران.

التحقيق في انتهاكات حقوق الطفل: وذلك بدعم التحقيقات الدولية المستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق الطفل خاصة في المناطق المتضررة ومحاسبة المسئولين عن تهديد أمن الأطفال والمجتمعات بشكل عام.

توفير الحماية القانونية للأطفال: وذلك من خلال تعزيز حماية الأطفال قانونيًّا والتأكيد على الوفاء بحقوقهم من خلال تطوير وتعزيز القوانين واللوائح المتعلقة بحقوق الطفل.

تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال: حيث يتم توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين تأثرت حياتهم بشكل مباشر بسبب الاحتلال، من خلال برامج الدعم النفسي وورش العمل.

تعزيز التوعية والتثقيف: من خلال تشجيع حملات التوعية والتثقيف حول حقوق الطفل وكيفية نشر الوعي بها، سواء في المدارس أو المجتمعات المحلية.

التعاون الدولي من أجل توفير حياة آمنة للأطفال: حيث ينبغي تعزيز التعاون الدولي والضغط على المجتمع الدولي للتدخل والعمل على وقف الانتهاكات ضد الأطفال، والترويج لتحقيق السلام والعدالة.

ضمان وصول التعليم إلى الأطفال: حيث يتم تعزيز الجهود الدولية لضمان حق الأطفال في التعليم الجيد والآمن، بما في ذلك توفير المدارس والموارد التعليمية.

العمل على تحسين الوضع الاقتصادي: من خلال دعم المشاريع الاقتصادية والتنموية التي تعزز توفير فرص العمل وتحسّن الوضع الاقتصادي للأسر الفلسطينية، مما يؤثر إيجابًا على حياة الأطفال والمجتمع ككل.

تعزيز الوساطة وحوار السلام: بدعم جهود التسوية وحوار السلام؛ لتحقيق حل سلمي وعادل للقضية الفلسطينية، مما يعيد الأمان والاستقرار لحياة الأطفال.

ويجدد مرصد الأزهر تحذيره من مغبة تربية جيل من الأطفال تغذوا على القهر والظلم والحرمان من أبسط حقوق الطفل من حياة آمنة ومستقبل مضيء ووطن مستقر؛ حيث تعد هذه البيئة موطنًا خصبًا لتربية المتطرفين وفرصة سانحة للتنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب والتأثير على عقولهم وتعزيز مشاعر الكراهية لديهم بدافع المظلومية والاضطهاد.

   وحدة البحوث والدراسات

 

 


رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.