القضية الفلسطينية

 

26 أغسطس, 2024

الاحتلال الصهيوني وتعمد استهداف المؤسسات التعليمية والعلماء

كشفت الشهور الماضية عن استهداف ممنهج ومقصود للمؤسسات التعليمية في قطاع غزة؛ حيث دَمَّر الاحتلال جميع الجامعات العاملة في القطاع، والبالغ عددها 19 جامعة،  تدميرًا كليًّا أو جزئيًّا، وقام بتصفية  كبار الأكاديميين الفلسطينيين، والكثير من العلماء من أساتذة الجامعات في مختلف التخصصات، والذين بلغ عددهم 105 من أعضاء هيئة التدريس، من بينهم 3 رؤساء جامعات (وفق أحدث الإحصائيات) أحدهم كان رئيسًا لليونسكو للفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في فلسطين؛ ليحرم الاحتلال حوالي 90,000 طالب كانوا مسجلين في مؤسسات التعليم العالي في غزة -قبل العدوان- من مواصلة دراستهم.

وبحسب خبراء، فإن حوالي 80 % من المدارس والجامعات في غزة قد تضررت أو دُمّرت بالكامل ، كما أوضحوا أن هناك جهدًا متعمَّدًا لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بالكامل.

وبالحديث عن جامعة الأزهر في غزة، فقد تم تدمير الحرم الجامعي الرئيسي للجامعة وفرعها في "المغراقة" -جنوب القطاع- بسبب القصف المتكرر في الأشهر الأولى للعدوان. وبحسب "محمد الوزير"، وهو أستاذ جامعي، "كانت الجامعة قبل أكتوبر الماضي تتألف من 12 كلية، تمنح درجات البكالوريوس في 77 مجالًا، ودرجة الماجستير في 33 تخصصًا، والدكتوراة في 4 تخصصات". وأضاف أن "الاحتلال دمَّرَ "جامعة الأزهر" في حروب سابقة على غزة، وكانت الجامعة بعدها تلجأ إلى المؤسسات العربية والإسلامية والدولية للمساعدة في إصلاح الأضرار، ولكن بعد هذا العدوان، يتعيَّن بناء الجامعة من الألف إلى الياء"، وكان هذا أحد الأدلة التي قدمتها "جنوب أفريقيا" إلى "محكمة العدل الدولية" بُرهانًا على التدمير المنهجي والمتعمَّد للبنية التحتية التعليمية للكيان في غزة.

ونقلًا عن الدكتور "عماد أبو كشك"، رئيس جامعة القدس المفتوحة "إن جامعة الإسراء، وجامعة فلسطين، وجامعة غزة، وجامعة القدس المفتوحة، وجامعة الأقصى،  تضرَّرت أو دُمِّرَت بالكامل، وقُتِلَ الكثير من أعضاء هيئة التدريس، وتم تشريد جميع الطلاب والموظفين، وإنه من المستحيل تحديد حجم الأضرار التي لحقت بالجامعات، أو رسم خريطة دقيقة لمدى الدمار، والأكثر ألمًا من ذلك هو قتل الأكاديميين والفنيين والعمال والطلاب بشكل يومي".

وإضافة إلى تدمير البنية التحتية للجامعات، دمَّر الاحتلال متحفًا وطنيًّا تابعًا لجامعة الإسراء، وهو الأول من نوعه، ومسجل لدى وزارة السياحة والآثار، وكان يحتوي على 3000 قطعة أثرية، قبل تفجيره واستخدام الاحتلال للجامعة قاعدةً عسكرية مؤقتة ومركز احتجاز قبل تفجير بقية مباني الجامعة في يناير 2024.

ونُقل عن الدكتور "علي أبو سعدة"، مدير التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم في غزة، قوله: "إن العدوان على المؤسسات التعليمية هو محاولة لحرمان الفلسطينيين من المكونات الأساسية لحياتهم من الفكر والثقافة والتعليم، وعلى الرّغم من أنه قد يُعاد بناء المباني الجامعية بعد الحرب، تظل رسالة الكيان للفلسطينيين هي أنهم يواجهون مستقبلًا بدون معالم للتعليم ولا معلمين للتدريس، وهو واقع يشجع على الهجرة المتسارعة، وهو ما يريده المحتل".

صمودٌ وتَحَدٍّ أسطوريّ

على الرغم من آثار الدمار والأضرار الناجمة عنه، لا يزال الفلسطينيون في غزة يحاولون مواصلة التعليم والتعلم، قد ر الاستطاعة؛ فقد نشرت "جامعة الأزهر" في غزة بيانًا دعَت فيه الطلاب إلى مواصلة دراستهم عن بُعد.

وأكد رئيس قسم العلاقات العامة في جامعة الأقصى، الدكتور "محمد حمدان"، أن معظم الجامعات في قطاع غزة استأنفت التدريس عن بُعد، وسيلةً للإصرار على مواصلة الدراسة. وتُرَكِّز معظم الفصول الدراسية عن بُعد على الموضوعات النظرية، والمحاضرات المتاحة على منصة الجامعة على الإنترنت، ويدير المنصة العديد من المحاضرين المقيمين خارج قطاع غزة ، ويضيفون محاضرات جديدة عبر الإنترنت.

إلا أن التعليم عن بُعد لا يمكن إجراؤه بشكل متّسق في أثناء العدوان، فهو يتطلب عدة أمور قد تتوفر لدى طلاب ولا تتوفر لدى آخرين، أو يجدون مشقّة هائلة، ويبذلون جهدًا مضاعفًا في توفيرها، مثل: سرعة الإنترنت، وشحن بطاريات الهواتف أو الحاسوب، في ظل انعدام الأمن وانقطاع التيار الكهربائي. هذا بجانب العمل على احتياجات الأسرة ومتطلباتها، وما يلزمه من وقت وجهد.

هذا ويؤكد مرصد الأزهر أن الاحتلال الصهيوني يستهدف المؤسسات التعليمية في غزة بشكل ممنهج ومقصود؛ حيث إن من وراء أهداف العدوان المباشر للاحتلال أهدافًا أخرى تتمثل بالسعي لتجهيل الشعب الفلسطيني وتدمير مؤسساته التعليمية والثقافية. كما يعمل الكيان على تدمير كل رمز في المجتمع الفلسطيني، حتى لا يكون لدى سكان غزة مرجعيات يعتمدون عليها في المستقبل، فيوفرون بذلك بيئة خصبة للتهجير الطوعي عن الأراضي المحتلة، إن فشلوا في إتمام مخطط التهجير القسري، والذين يسعون له منذ أكتوبر الماضي.   

وحدة رصد اللغة العبرية